استثمار انتصار إسرائيلي… في لبنان

استثمار انتصار إسرائيلي… في لبنان

استثمار انتصار إسرائيلي… في لبنان

 العرب اليوم -

استثمار انتصار إسرائيلي… في لبنان

بقلم - خير الله خير الله

لا يستطيع الاقتصاد في لبنان الانتظار طويلا. ثمّة حاجة إلى رجال دولة حقيقيين على استعداد لتحمّل مسؤولياتهم وليس إلى من يريد جرّ البلد إلى مغامرات جديدة مبنيّة على انتصارات وهمية تحققت في سوريا، هي في الواقع انتصارات إسرائيلية.

لبنان في حاجة إلى تحصين ذاتي
ليس صحيحا أنّ لبنان يستطيع البقاء في منأى عن أي تطورات سلبية تدمّر اقتصاده في حال بقي من دون حكومة. كلّ كلام عن أن العالم لن يتخلّى عن لبنان هو من النوع الذي لا معنى له.

لبنان في حاجة، على وجه السرعة، إلى حكومة متوازنة ووفاقية. إنّه في حاجة إلى ذلك أكثر من أيّ وقت. يفترض في اللبنانيين أن يعوا ذلك بعيدا عمّن يريد تصفية الحسابات مع سعد الحريري و”تيّار المستقبل” بحجة أنّه لم يعد لدى “المستقبل” سوى سبعة عشر نائبا سنّيا من أصل 27… وأنّه آن الأوان لإيجاد توازن جديد يستند إلى نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.

قبل كلّ شيء، أجريت الانتخابات بموجب قانون عجيب غريب يعدّ له “حزب الله”، أي إيران منذ العام 1999 وذلك من أجل إضعاف التيار الاستقلالي في البلد وجعل كلّ الأوراق في يد الحزب، بما في ذلك ورقة الأكثرية في مجلس النوّاب.

لم تستطع إيران التي أعلنت صراحة بلسان الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” أنّها باتت تعتبر نفسها المتحكّم، وعلى مجلس النوّاب اللبناني تحقيق كلّ أهدافها. لا يزال في لبنان من يقاوم المشروع التوسّعي الإيراني الذي يظهر يوميا بأبشع صوره في كلّ مكان أسست فيه طهران ميليشيا مذهبية مسلّحة تابعة لها.

يظهر هذا المشروع ذو الطابع الامبريالي بأبشع صورة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان أيضا حيث استطاع تغيير طبيعة المجتمع الشيعي إلى حد كبير. هذا لا يعني أن كلّ شيعة لبنان مع إيران.

لكنّ ما لا مفرّ من الاعتراف به أنّ قسما كبيرا من أبناء الطائفة صار يعمل لدى إيران ووضع نفسه في خدمة مشروع لا فائدة منه بمقدار ما أنّه سيجلب الكوارث على البلد وعلى كلّ طائفة من الطوائف التي يتألّف منها.

إذا كان هناك من يعتقد أن على لبنان “التموضع استراتيجيا”، أي أن يصبح تابعا لإيران، بعد النجاحات التي حقّقها النظام السوري في حربه على شعبه، فإنّ هذا الكلام الصادر عن كتلة نوّاب “حزب الله” ليس في مكانه. لا يزال من المبكر الكلام عن انتصار للنظام السوري على السوريين على الرغم من أنّ كلّ الدلائل تشير إلى اقتراب موعد معركة إدلب.

كلّ ما في الأمر أن سوريا صارت مقسّمة وأنّ مصير بشّار الأسد صار في يد إسرائيل للأسف الشديد. لم يستطع النظام تحقيق أيّ تقدّم في الجنوب السوري وصولا إلى درعا وإلى جعل “داعش” يفلت على الدروز في السويداء والقرى المحيطة بها إلّا بضوء أخضر إسرائيلي وتواطؤ روسي.

كان الضوء الأخضر الإسرائيلي نتيجة تنسيق بين حكومة بنيامين نتانياهو وكلّ من روسيا والولايات المتحدة. طرحت إسرائيل شرط العودة إلى اتفاق فك الاشتباك في الجولان الموقع مع سوريا في العام 1974. قبل النظام السوري ذلك. كانت الضمانة لقبوله بما تريده إسرائيل وجود قوات من الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري تحمي اتفاق فك الاشتباك، الذي صنعه هنري كيسينجر. بقدرة قادر عاد المراقبون الدوليون إلى مواقعهم في الجولان وتكرّست حماية اتفاق فكّ الاشتباك الذي تسعى إسرائيل من خلاله إلى تكريس احتلالها للهضبة الاستراتيجية التي خسرتها سوريا في حرب العام 1967.

من انتصر في جنوب سوريا هو إسرائيل. هل يريد “حزب الله” عبر نواب كتلته البرلمانية تغيير المعطيات اللبنانية لتكون في مصلحته ومصلحة إيران و”محور الممانعة” استنادا إلى انتصار إسرائيلي في سوريا. هذا انتصار يمكن وضعه في سياق الظروف الغامضة التي انسحب على إثرها الجيش السوري من الجولان في العام 1967…

هذا ليس وقت الدخول في متاهات جدل بيزنطي محوره من انتصر في سوريا وكيف سينعكس ذلك على لبنان. ما يمكن قوله إنّ الحرب الداخلية في سوريا دخلت مرحلة جديدة اختلطت فيها الأوراق مجددا.

يكفي أن ليس معروفا ما الذي ستفعله الولايات المتحدة في الشمال السوري بعدما قررت إبقاء قواتها في منطقة شرق الفرات. كذلك ليس معروفا ما الذي ستفعله تركيا في حال قرّر النظام السوري الدخول إلى إدلب وارتكاب مجازر جديدة بدعم روسي طبعا.

من انتصر في جنوب سوريا هو إسرائيل. هل يريد “حزب الله” عبر نواب كتلته البرلمانية تغيير المعطيات اللبنانية لتكون في مصلحته ومصلحة إيران و”محور الممانعة”

إلى أين سيذهب أهل إدلب وما مصير أولئك الذين اعتمدوا على تركيا ووعودها وعلى الكلام الكبير الذي كان يصدر عن الرئيس رجب طيّب أردوغان والذي تبيّن أنّه كلام فارغ قبل أيّ شيء آخر؟

من الأفضل انصراف اللبنانيين إلى البحث في كيفية تحصين بلدهم داخليا بدل البحث في كيفية الانتقام من سعد الحريري ومن المسيحيين الذين يرفضون أن يكونوا تحت هيمنة “حزب الله” وسلاحه… ومن الدروز الذين يعرفون تماما ما هو على المحكّ في المنطقة وخطورة المناداة بحلف الأقلّيات.

يبدأ التحصين الذاتي للوضع اللبناني بالتخلي عن أوهام تغيير الموقع الاستراتيجي للبنان ومباشرة استيعاب خطورة الوضع الاقتصادي. بكلام أوضح، إن الحديث عن كارثة اقتصادية قد تحلّ بلبنان حديث جدّي.

ليست التقارير التي نشرت في وسائل إعلام عدّة من بينها مجلة “إيكونوميست” من النوع الذي يمكن الاستخفاف به. هناك بلد يحتاج الوضع الاقتصادي فيه إلى أشخاص يمتلكون حدّا أدنى من الوعي والمعرفة بما يدور في المنطقة والعالم. هؤلاء الأشخاص لا ينتمون بالضرورة إلى فريق سياسي معيّن لديه أجندة إقليمية، بل ينتمون إلى كلّ ما له علاقة بما يدور في هذا العالم وكيفية الحصول على المساعدات المخصصة للبنان.

هناك مساعدات تقدر بنحو 12 مليار دولار يستطيع لبنان الاستفادة منها في حال وجدت حكومة لائقة تتمتع بحدّ أدنى من الصدقية. هذه المساعدات، ومعظمها قيود ميسّرة، خصصها للبنان مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في نيسان – أبريل الماضي.

لا يستطيع الاقتصاد في لبنان الانتظار طويلا. ثمّة حاجة إلى رجال دولة حقيقيين على استعداد لتحمّل مسؤولياتهم وليس إلى من يريد جرّ البلد إلى مغامرات جديدة مبنيّة على انتصارات وهمية تحققت في سوريا، هي في الواقع انتصارات إسرائيلية لا أكثر.

الأكيد أنّ لبنان ما زال في انتظار مثل هذا النوع من الرجال كي تتشكل حكومة تحظى بثقة المجتمع الدولي بعيدا عن عقدة اسمها عقدة رفيق الحريري ومشروعه الذي أعاد الحياة إلى بيروت وأعاد وضع لبنان على خارطة المنطقة بين 1992 و2005.

هل هناك من يريد بالفعل حماية لبنان أم البقاء في أسر تلك العقدة التي هي قبل كلّ شيء عقدة تتحكّم بنوعين من الأطراف السياسية.

طرف يقول كلاما كبيرا لتغطية عجزه وجهله وتبعيته وطرف آخر لا يرى في لبنان سوى “ساحة” تستخدم لمصلحة جهات خارجية، على رأسها إيران. تعتبر هذه الجهات أنّها استثمرت طويلا وكثيرا، بالسلاح والمال وإثارة الغرائز المذهبية، من أجل الوصول إلى تغيير وجه لبنان وليس وجه قسم من اللبنانيين فقط..

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استثمار انتصار إسرائيلي… في لبنان استثمار انتصار إسرائيلي… في لبنان



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 07:30 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
 العرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab