الغرب وإيران واحتجاز الرهائن

الغرب وإيران... واحتجاز الرهائن

الغرب وإيران... واحتجاز الرهائن

 العرب اليوم -

الغرب وإيران واحتجاز الرهائن

بقلم: خير الله خير الله

تنفع العودة إلى التاريخ بين حين وآخر. بالعودة إلى التاريخ يمكن فهم لماذا يدفع العالم، خصوصاً العالم الغربي، أي أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص، ثمن التهاون، المستمرّ منذ ما يزيد على أربعين عاما، مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران.

نجحت سياسة الابتزاز الإيرانيّة في كلّ مرة استخدمت فيها. لماذا لا يستمرّ لجوء طهران إلى هذه السياسة الرابحة بالنسبة إلى النظام، وهي سياسة ليس ما يشير إلى أنّ في الإمكان توقفها في غياب من يسعى فعلا إلى وقفها؟

يعود ذلك، بكلّ بساطة، إلى سببين. أولهما فعاليّة هذه السياسة التي في أساسها شعار «تصدير الثورة» والآخر الرضوخ الغربي لها، وهو رضوخ يُمارس عن سابق إصرار وتصميم ويفضي إلى تحول «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى استثناء، أقلّه في طريقة تعامل العالم معها.

عملياً، بدأت إيران في ممارسة سياستها التي يشكو منها الأميركيون والأوروبيون الآن في نوفمبر من العام 1979، بعد أشهر قليلة من قلب نظام الشاه وإعلان قيام النظام الجديد الذي كان على قياس آية الله الخميني، الذي استطاع القضاء على كلّ أثر للشاه.

تقوم السياسة الإيرانيّة على احتجاز الرهائن. نفذت عملية احتجاز الرهائن للمرّة الأولى في السفارة الأميركيّة في طهران وشملت ديبلوماسيي السفارة الـ52. دفع الرئيس جيمي كارتر غالياً ثمن تهاونه مع النظام الإيراني الذي كان يمرّ وقتذاك في مرحلة تحوّل داخلي نحو مزيد من التطرّف والعداء لكل ما هو أميركي. كان احتجاز الرهائن فرصة للتخلّص من حكومة معتدلة على رأسها الراحل مهدي بازركان.

احتجز «الطلاب»، الذين سيطروا على السفارة الأميركية، الديبلوماسيين الأميركيين 444 يوماً. نفذت إدارة كارتر، في وقت كانت أميركا تعاني من عقدة فيتنام، عملية استهدفت إنقاذ الرهائن. انتهت العمليّة بفشل ذريع.

قضي الأمر بصفقة عقدها النظام الجديد في إيران مع المحيطين برونالد ريغان المرشح الجمهوري في وجه كارتر. قامت الصفقة، التي كشف الإعلام الأميركي تفاصيلها لاحقاً، بعدم اطلاق الديبلوماسيين الأميركيين قبل موعد الانتخابات الرئاسية. كان ذلك كافياً كي ينجح ريغان ويفشل كارتر في الحصول على ولاية ثانية.

من المفارقات أن من عقد الصفقة مع الإيرانيين، كان وليم كايسي الذي ما لبث ريغان أن عينه مديراً لوكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة (سي آي إي) بعد وصوله إلى البيت الأبيض. شغل كايسي موقعه الجديد من منطلق تشدده في مواجهة الاتحاد السوفياتي في عزّ الحرب الباردة.

كشف التهاون الأميركي مع إيران جهلاً كاملاً في طبيعة النظام فيها. حصل ذلك في غياب القدرة لدى الإدارات المتلاحقة على استيعاب عمق العلاقة القائمة منذ البداية بين طهران وموسكو.

طوال سنوات، ساد اعتقاد في واشنطن أن «الثورة الإسلاميّة» في إيران، التي رفعت شعار «لا شرقيّة ولا غربيّة»، ستكون خير حاجز في وجه التمدد السوفياتي في كلّ الاتجاهات. تبيّن مع مرور الوقت أنّ لا صحة لمثل هذا النوع من التفكير.

جاءت الحرب الأوكرانيّة لتؤكّد الارتباط بين إيران ما بعد الشاه من جهة والاتحاد السوفياتي والاتحاد الروسي، الذي جاء بعده، من جهة أخرى.

لم تكن استجابة فلاديمير بوتين لطلب قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الذي اغتاله الأميركيون لاحقاً، نجدة بشار الأسد سوى تعبير عن عمق العلاقة الإيرانيّة - الروسيّة. هبّ بوتين لدعم بشّار في خريف العام 2015 بما يؤكّد مدى ارتباط روسيا بـ«الجمهوريّة الإسلامية» التي باتت شريكا في الحرب التي تتعرّض لها أوكرانيا في الوقت الحاضر.

يكشف مسلسل الأحداث سذاجة أميركيّة لا حدود لها في التعاطي مع إيران. بلغت هذه السذاجة ذروتها مع تسليم إدارة بوش الابن العراق على صحن فضة إلى إيران في العام 2003 ثمّ مع التوصل إلى اتفاق بين مجموعة البلدان الخمسة زائدا واحدا (البلدان الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) في شأن الملفّ النووي الإيراني صيف العام 2015.

كانت إدارة باراك أوباما من دفع في اتجاه هذا الاتفاق الذي يشكلّ في مطلق الأحوال جزءاً لا يتجزّأ من سياسة الابتزاز الأميركيّة. زاد الاتفاق من عدوانيّة «الجمهوريّة الإسلاميّة» ووفّر المال لميليشياتها المذهبيّة. لم يتغيّر شيء في المشروع التوسّعي الإيراني الذي بات يواجه في المرحلة الراهنة مشاكل كبيرة في ضوء عجز النظام عن التفاعل مع الطموحات الحقيقية للشعب الإيراني الرافض للقيود المفروضة عليه.

لم يكن البرنامج النووي الإيراني، بحد ذاته، المشكلة القائمة بين إيران ودول المنطقة والمجتمع الغربي. لم يكن هذا البرنامج اختزالاً لكلّ الأزمات في الشرق الأوسط والخليج، كما كان يتصوّر باراك أوباما. كان السؤال دائماً هل إيران تسعى إلى أن تكون دولة طبيعية ترفض احتجاز رهائن أم لا؟ كان السؤال ما الذي ستفعله بصواريخها وميليشياتها وطائراتها المسيّرة التي تقتل حالياً مدنيين في أوكرانيا وتدك المرافق الحيويّة في هذا البلد...

ليس ما يدلّ على أن إيران تريد أن تكون دولة طبيعيّة. مازالت تمارس سياسة احتجاز الرهائن. إذا كان الغرب يشكو من احتجاز مواطنين أميركيين وأوروبيين في طهران، فإن بلداً مثل لبنان صار كلّه رهينة لدى إيران التي تستطيع أن تفعل به ما تشاء ساعة تشاء.

ليس معروفاً بعد هل استفاق الغرب على الحقيقة الإيرانيّة واكتشف أخيراً طبيعة النظام في هذا البلد ذي الحضارة القديمة... أم سيتابع سياسة تقوم على التعامي عن نظام رفض في كلّ يوم أن يكون طبيعياً من جهة والاعتراف بأنه ليس لديه ما يقدّمه لا للإيرانيين ولا لشعوب المنطقة من جهة أخرى.

من المسؤول عن استمرار سياسة احتجاز الرهائن هو الغرب أوّلاً، خصوصاً أنّه لم يدرك منذ اللحظة الأولى ما الذي سيترتب على مكافأة «الجمهوريّة الإسلاميّة» منذ احتجازها الديبلوماسيين الأميركيين الـ52 مدة 444 يوماً من دون سؤال أو جواب.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغرب وإيران واحتجاز الرهائن الغرب وإيران واحتجاز الرهائن



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab