حرب من دون أفق سياسي

حرب من دون أفق سياسي

حرب من دون أفق سياسي

 العرب اليوم -

حرب من دون أفق سياسي

بقلم - خير الله خير الله

بعد ثلاثة أشهر على حرب غزّة لا تزال الحاجة، أقلّه من ناحية إنسانية، إلى أفق سياسي لهذه الحرب التي توسّعت من دون أن تتوسّع والتي ضحيتها الشعب الفلسطيني.

لا يمكن لأي بلد في هذا العالم أو أي تنظيم سياسي أو عسكري خوض حرب من دون أفق سياسي. هذا ما افتقدته «حماس» عندما بادرت إلى شنّ «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي. هذا ما تفتقده إسرائيل أيضاً، عبر الاستمرار في حربها الوحشيّة على الشعب الفلسطيني، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تضم مجموعة لا بأس بها من الموتورين الذين لديهم علاقة بكلّ شيء باستثناء السياسة.

لا وجود لما يسمح بالكلام عن مرحلة ما بعد حرب غزّة من دون تسوية ما تأخذ في الاعتبار أنّ ليس في الإمكان إلغاء الشعب الفلسطيني الموجود على أرض فلسطين من جهة وعلى الخريطة السياسيّة للشرق الأوسط من جهة أخرى.

بكلام أوضح، يستحيل إزالة شعب من الوجود ما دام هذا الشعب يمتلك قدرة غير محدودة تسمح له بمتابعة المقاومة.

أكثر من ذلك، توجد هويّة وطنيّة تجمع بين أبناء هذا الشعب في فلسطين وخارج فلسطين. رسخ هذه الهوية رجل اسمه ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني. لا يمكن تجاوز هذا الواقع على الرغم من كلّ الأخطاء التي ارتكبها «أبو عمّار» في الأردن ولبنان وفي حق الكويت في مرحلة ما...

بعد ثلاثة أشهر على حرب غزّة، وبعد الضربة التي تلقتها الدولة العبريّة وهي الأولى من نوعها منذ ثلاثة أرباع القرن، باتت الكرة في الملعب الإسرائيلي.

الأكيد أن ليس في استطاعة إسرائيل القيام بأي خطوة في الاتجاه الصحيح من دون الاعتراف بالثابت الذي اسمه الشعب الفلسطيني. هل تستطيع إسرائيل القيام بالتغيير المطلوب، داخلياً، مع ما يعنيه ذلك من تخلّص من فكرة الاستمرار في فرض الاحتلال؟

الأكيد أنّ مثل هذا التغيير الداخلي في إسرائيل آتٍ لا محالة. هل يقتصر على الأشخاص أم يتجاوز ذلك إلى الفكر السياسي بعيداً عن حلم ضمّ الضفّة الغربيّة والقدس؟ من دون التغيير يستحيل الخروج من المأزق الذي ولد من رحم «طوفان الأقصى».

هذا المأزق إسرائيلي قبل أي شيء آخر. لم يؤدِ «طوفان الأقصى» إلى تعرية المؤسسة العسكريّة والأمنية الإسرائيلية فحسب، بل أدّى عملياً إلى كشف غياب الخيارات السياسية بعدما تقدّم الاستيطان على الأمن.

ليست النكسة الأمنية التي تعرّضت لها إسرائيل، وكلمة نكسة قد لا تكون في محلها بمقدار ما أنّ الأمر يتعلّق بكارثة حقيقيّة، سوى نتيجة لجعل الاستيطان يتقدّم على الأمن إن في غزّة أو في الضفّة الغربيّة والقدس.

يصعب تجاهل أنّ التغيير في ضوء حرب غزّة وما ستؤول إليه لا يمكن أن يقتصر على إسرائيل. ثمّة حاجة إلى مراجعة فلسطينية بعدما تبيّن أن السلطة الوطنيّة في حال ترهّل ليس بعده ترهّل.

لا وجود لأي دور لهذه السلطة التي لا حول لها ولا قوّة. اكتفت السلطة المقيمة في رام الله بالتفرّج، منذ منتصف العام 2007، على التحولات التي شهدها القطاع حيث أقامت «حماس» ما يشبه «امارة إسلاميّة» بعدما كانت لديها خيارات أخرى.

ستسعى إسرائيل إلى الاستفادة إلى ما لا نهاية من وضع إدارة جو بايدن، وهي إدارة ولدت في الأصل حائرة وزادت حيرتها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركيّة في نوفمبر المقبل.

كلّما مرّ يوم تزداد حرب غزّة تعقيداً بعدما اختارت حكومة نتنياهو طريق الحرب التي لا تبدو قادرة على حسمها سوى عن طريق تدمير القطاع على من فيه وتهجير أهله من بيوتهم.

ليست حرب غزّة وحدها التي تزداد تعقيداً. الوضع في المنطقة كلّها بات على كفّ عفريت مع ما يشهده البحر الأحمر من تطورات بفضل تلك الأداة الإيرانيّة المسماة بـ«الحوثيين» وبعدما قرر «حزب الله» فتح جبهة جنوب لبنان من دون فتحها بمواصفات إيرانيّة.

ما يمكن أن يأخذ المنطقة إلى مكان آخر أكثر سوءاً النتائج المترتبة على زج «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران بالعراق في لعبة الاستفادة إلى أبعد حدود من حرب غزّة.

يضاف إلى ذلك، قرار إسرائيل الدخول في لعبة من نوع آخر هي لعبة الاغتيالات والعمليات الخاصة مثل عملية اغتيال الحمساوي صالح العاروري وقبله الضابط الكبير في «الحرس الثوري» الإيراني رضى الموسوي.

اغتيل العاروري في معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، واغتيل موسوي في إحدى ضواحي دمشق قبل أيام قليلة من تفجير كرمان في إيران في الذكرى الرابعة لاغتيال قاسم سليماني...

غيّرت حرب غزّة المنطقة كلّها. ليس مستبعداً أن تغيّر العالم، خصوصاً بعدما خفّ الضغط الأميركي والأوروبي على فلاديمير بوتين في أوكرانيا التي يحتل الجيش الروسي جزءاً من أراضيها.

ما لم يتغيّر يتمثل في الثابت الوحيد، أي وجود الشعب الفلسطيني الذي لا مفرّ من إنصافه في نهاية المطاف بدل تهجيره من أرضه. لن يكون هذا التهجير ممكناً، خصوصاً بعدما تبيّن أن تصفية القضيّة الفلسطينيّة على حساب مصر أو الأردن ليس سوى أوهام ستأتي بالمآسي بغض النظر عمّا إذا كان هناك أي مستقبل سياسي لـ«حماس» وتوابعها من نوع «الجهاد الإسلامي» وما شابه ذلك.

راهن اليمين الإسرائيلي طويلاً على «حماس» لضرب المشروع الوطني الفلسطيني. ارتدّ هذا الرهان على الدولة العبريّة التي صار مصيرها في مهب الريح.

هل تذهب إسرائيل بعد خيبة الرهان على «حماس» إلى رهان من نوع آخر، أي إلى الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني بدل الاستمرار في الدوران في حلقة مقفلة مع ما يعنيه ذلك من حروب أخرى تستجلبها حرب غزّة؟

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب من دون أفق سياسي حرب من دون أفق سياسي



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 03:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

11 قتيلا وعشرات الجرحى إثر حادث دهس في سوق بألمانيا

GMT 08:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:03 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مدحت صالح يروى صفحات من قصة نجاحه على المسرح الكبير

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab