مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

 العرب اليوم -

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً

بقلم - خيرالله خيرالله

تكمن المشكلة المزمنة التي يعاني منها لبنان في غياب المحاسبة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا كبرى في مستوى دخول حرب مع إسرائيل بفتح جبهة جنوب لبنان. من يحاسب صاحب القرار الخطير، بل الأخطر في تاريخ لبنان منذ قيامه، والمتمثل في إدخال البلد في حرب تبدو نتائجها معروفة سلفاً في هذا العالم المتوحش الذي ليس فيه من يردع إسرائيل.

يعتبر القرار القاضي بربط مصير لبنان بحرب غزّة أخطر من قرار موافقة مجلس النوّاب بأكثرية كبيرة على اتفاق القاهرة في أواخر العام 1969، بعدما وقعه قائد الجيش وقتذاك العماد إميل بستاني وياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة. كان اتفاق القاهرة، الذي رعاه جمال عبدالناصر، قبيل وفاته في سبتمبر 1970، يعني، بين ما يعنيه، تخلي لبنان عن جزء من السيادة على أرضه ووضعها في تصرّف طرف آخر مسلّح هو منظمة التحرير الفلسطينيّة. لم يوجد في لبنان، وقتذاك، سوى عدد قليل من السياسيين من طينة ريمون إده، للتحذير من النتائج المترتبة على توقيع اتفاق القاهرة. كان الوصول إلى الكارثة التي توقعها ريمون إده أمراً منطقياً.

يبدو واضحاً أنّ أهل الجنوب، حيث دمّر، استناداً إلى مصدر موثوق به، نحو 1500 منزل تدميراً كاملاً، فيما أصيب نحو ستة آلاف منزل بأضرار مختلفة، باتوا مغلوبين على أمرهم أكانوا شيعة أو من طوائف ومذاهب أخرى. لا صوت لأهل الجنوب وسط كلّ ما يدور على أرضهم من معارك وعنف. يرتفع كلّ يوم عدد الجنوبيين المضطرين إلى مغادرة بلداتهم وقراهم إلى أماكن آمنة، فيما ليس ما يشير إلى وجود جهة رسميّة تسمّي الأشياء بأسمائها وتطرح سؤالاً من نوع: هل لايزال في الإمكان تفادي الكارثة التي يظهر أن البلد، الذي فقد بوصلته السياسيّة، ذاهب نحوها بخطى ثابتة. يبدو لبنان في طريقه إلى كارثة كبيرة غصباً عن إرادة أبنائه ما دامت إيران تعتبره أحد خطوط الدفاع عنها وعن مشروعها التوسّعي.

الأكيد أنّ إسرائيل التي تشنّ حرباً وحشيّة على غزّة وأهلها ليست مثلاً يحتذى به. لكن اللافت أنّه بدأت تظهر في الدولة العبريّة، إشارات تدلّ على أن يوم المحاسبة عن هجوم «طوفان الأقصى» آت لا محالة. إنّه الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي على المستوطنات القائمة في منطقة غلاف غزّة. قبل أيّام قليلة قدم الجنرال أهارون حاليفا رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيلية، الذي كان مسؤولاً عن المنطقة التي تفصل غلاف غزة وعن غزة نفسها، استقالته. شاء حاليفا تحمّل المسؤولية عن الضربة التي تلقتها إسرائيل يوم السابع من أكتوبر 2023. لن يكون الأوّل والأخير في السير على طريق تقديم استقالته. سيتبعه ضباط آخرون يرون أنّهم يتحمّلون جزءاً من مسؤولية الضربة التي لا سابق لها التي تلقتها إسرائيل منذ قيامها.

ليس بعيداً اليوم الذي سيوجد فيه من يحاسب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يحميه حالياً توسيع إيران الحرب مع إسرائيل واختيارها الردّ بهجوم بواسطة المسيرات والصواريخ على استهداف قادة «فيلق القدس» المسؤولين عن شؤون لبنان وسورية وفلسطين في أثناء اجتماع لهم في القنصلية الإيرانيّة في دمشق. لن يمرّ وقت طويل قبل أن تستعيد المجموعات الإسرائيلية التي تطالب بمحاسبة «بيبي» نتنياهو المبادرة. في المقابل، لم يصدر إلى الآن ما يشير إلى أنّ «حماس»، المتمسّكة بشروط المنتصر، أخذت علماً بما حلّ بغزّة وبما تسبب به «طوفان الأقصى» من خراب ودمار وتشريد آخر للشعب الفلسطيني. لا يمكن هنا سوى التوقف عند موقف «فتح» الذي دعا «حماس» إلى تحمّل مسؤولياتها بصراحة كبيرة. هذا الموقف الذي غطّاه محمود عبّاس (أبو مازن) يعتبر من بين المواقف القليلة ذات الطابع الإيجابي التي اتخذها «أبو مازن» الذي رفض، مباشرة بعد هجوم «طوفان الأقصى»، تحمّل مسؤولياته كاملة والتعاطي مع الهجوم الحمساوي ونتائجه بمنطق رجل الدولة الحقيقي!

ينقص لبنان، في أيامنا هذه من يقوى، من داخل ما بقي من منظومة السلطة، على التحلي ببعض المنطق، كما كانت الحال مع ريمون إده في العام 1969. ينقص المسؤول، أو شبه المسؤول، الذي يقول ما يجب قوله عن فتح جبهة الجنوب. صحيح أن الكلام لن يغيّر شيئاً ما دام الحزب فصيلاً في «الحرس الثوري» الإيراني ينفّذ ما تطلبه منه إيران، لكنّ الصحيح أيضاً أنّه من الضروري تسجيل موقف تاريخي في هذه الأيام التي بات فيها مصير البلد على كفّ عفريت.

فحوى ما يجب قوله، في بلد ليس فيه من يحاسب، أنّ من الضروري عمل كلّ ما يمكن عمله لتفادي الكارثة، بما في ذلك الاعتراف بأمرين. الأمر الأوّل أن فتح الجنوب لم يمنع تدمير غزّة على رؤوس أبنائها. أمّا الأمر الآخر فهو الاقتناع بأن السلاح غير الشرعي الإيراني في جنوب لبنان، وهو السلاح الذي حال دون تنفيذ القرار 1701، ليس سوى الطريق الأقصر لأخذ البلد إلى كارثة محقّقة لايزال في الإمكان تفاديها بشرط واحد. يتمثل هذا الشرط في القبول بما تطرحه فرنسا التي لاتزال، على الرغم من كلّ التحفظات عن سياستها، الطرف الدولي شبه الوحيد الذي يسعى إلى تفادي زوال لبنان.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض
 العرب اليوم - الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab