في غضّ النظر عن «داعش»

في غضّ النظر عن «داعش»

في غضّ النظر عن «داعش»

 العرب اليوم -

في غضّ النظر عن «داعش»

حازم صاغية

لاحظ الزميل حازم الأمين («الحياة» – ملحق «تيّارات»، الأحد الماضي) التقاء عدد من الإرادات والمصالح وراء غضّ النظر عن «داعش» في إنمائه اقتصاده وتكثير موارده الضخمة. فدولٌ وقوى كأنظمة تركيّا وسوريّة والعراق وجدت في ذاك الاقتصاد منافع لها، عبر المشاركة أو التمرير أو المساومة أو المحاصصة، بما يحوّله أمراً واقعاً، عاديّاً وطبيعيّاً، قابلاً للاستفحال.

وسلوك كهذا حيال تنظيم «داعش» واقتصاده إنّما يذكّر بسلوك مشابه معروف، يكاد يصبح تقليداً، حيال الإسلام السياسيّ وتنظيماته. فمع أنور السادات في مصر، أُسّس «النهج» الذي اتّبعه كثيرون آخرون، ومفاده إعانة الإسلام السياسيّ، ممثّلاً بـ «الإخوان المسلمين»، على النهوض والتوسّع في سياق من مكافحة النفوذ اليساريّ والناصريّ.

هكذا أخذ حكّام كثيرون، غير معتبرين بالمصير الذي انتهى إليه السادات على يد الضابط الإسلاميّ خالد الإسلامبوليّ، بالقولة المنسوبة لامرئ القيس: «اليوم خمر وغداً أمر». وهو ما نمّ عن علاقة بالزمن بوصفه انقطاعاتٍ وحلقاتٍ لا اتّصال بين واحدتها والأخرى، بحيث لا تسري فكرة أو خطّة إلاّ على حلقة بعينها دون سواها. وفي ذلك، كان ولا يزال شيء من انعدام الثقة بأيّة قدرة ذاتيّة تفكيراً أو تخطيطاً، وبالتالي أقام شكّ عميق من قبل السياسيّين بقدراتهم كفاعلين تاريخيّين، بل بقدرة السياسة ذاتها على الفعل والتغيير.

وهنا يسع الثقافةَ التي ينهل منها الحاكم والمحكوم معاً الاستشهاد بغدر الزمن وبطاقة الدول العظمى على التآمر، بحيث لا يبقى لنا من الحيَل إلاّ نصيحة عمر الخيّام الذي طالبنا، لأنّ الأمان ليس من طبع الليالي، بأن نغنم من الحاضر لذّاته.

وهو المنطق نفسه الذي يتشكّل منه بعض أسباب الفساد لدى ساسة في «العالم الثالث» موقنين بأنّ نظامهم، وربّما بلدهم ذاته، بلا غد ولا مستقبل، وأنّ القتل يترصّدهم ويكمن لهم وراء أقرب الجدران.

لكنّ هذا الاستضعاف الذاتيّ غالباً ما يترافق مع شعور بالقوّة نابع من مصادر مختلفة. فالحاكم الذي يتيح للإسلام السياسيّ أو لاقتصاد «داعش» أن ينموَا ويزدهرا، يتوهّم في نفسه القدرة على وقف هذا «الفرنكنشتاين» في أيّة لحظة يقرّر فيها وقفه. وتوهّم القدرة، هنا، مردّه أوّلاً إلى امتلاك أدوات القوّة والبطش، بما يفضي إلى الاستخفاف بالشعب وبكلّ شيء آخر يدبّ في الواقع. فهذا الأخير ما دام أنّه لم يحاسبه مرّةً ولا يحاسبه الآن، فإنّه لن يملك أبداً القدرة على إجراء هذه المحاسبة.

وبين شعور فائض بالعجز حيال ما قد يأتي من طبيعة الأشياء، أو ما قد يتراءى كذلك، وشعور فائض بالقوّة والقدرة حيال الشعب المقهور، ينعقد الزواج بين التافه والعظيم في المعدّل الوسطيّ للحاكم. فهو، من جهة، يقبل أن يطأطىء الرأس لقوى عمياء، غيبيّة أو خرافيّة، كما أنه مع انتفاخ الذات، لا يهتم كثيراً بمصير شعبه. فالحاكم، والحال هذه، يصبح كمن يعظّم قدراته تحايلاً منه على ما يعرفه عن نفسه. وبهذا التلهّي بالكبائر، استسلاماً لها أو توهّماً للسيطرة عليها، لا يكون سوى مؤسّس باهر لخراب عميم نعيش اليوم آخر (؟) فصوله.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في غضّ النظر عن «داعش» في غضّ النظر عن «داعش»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab