عن الأسد و«داعش» في هذا العالم

... عن الأسد و«داعش» في هذا العالم

... عن الأسد و«داعش» في هذا العالم

 العرب اليوم -

 عن الأسد و«داعش» في هذا العالم

حازم صاغية

يردّد بعض معارضي النظام السوريّ أنّ إزاحة بشّار الأسد تُنهي تنظيم «داعش». والعبارة خاطئة، وإن كانت نوايا قائليها وأغراضهم نبيلة. أمّا العبارة التي تعادلها في الخطأ، ولو بنوايا وأغراض دنيئة، فأنّ دعم الأسد الشرط لإنهاء «داعش».

والقاسم المشترك بين القولين ربط «داعش» ربطاً حصريّاً وتعادليّاً بما يجري في سوريّة. أمّا القاسم المشترك الآخر فأنّ العبارتين وجدتا، ولو بقدر من التفاوت، نوعاً من الصدّ وعدم التصديق، خصوصاً وأنّ «داعش»، بالمروحة الواسعة لارتكاباته، لم يفوّت فرصة للتمرّد على ربطه بسبب محدّد وملزم.

صحيح أنّ نظاماً استبداديّاً كنظام الأسد كان، ولا يزال، واحداً من أسباب «داعش». وصحيحٌ أنّ العنف الذي مارسه النظام المذكور، ثمّ قلّده فيه الإرهاب التكفيريّ، ساق الكثير من الماء إلى طاحونة «داعش»، كما قدّم للأخير القاعدة التي غنمها في الشمال الشرقيّ لسوريّة.

بيد أنّ تنظيم البغدادي يجد أسباباً له، متفاوتة ومتباينة، في بلدان أخرى كثيرة، وفي الاقتصاد والتعليم والدين والثقافة، فضلاً عن السياسة والاستبداد.

يقال هذا من قبيل الإشارة إلى التمركز حول الذات في الثقافة السياسيّة السوريّة بشقّيها، إن لم يكن في عموم الثقافة السياسيّة العربيّة. بيد أنّ الفارق الآخر بين التمركز الذاتيّ للأسد وما يعادله عند المعارضة أنّ فشل الأوّل بقي أصغر من فشل الثاني، وهو ما كانت إشاراته تتلاحق قبل جريمة باريس الأخيرة.

فالأسد، بكثير من السينيكيّة والالتواء وتحقير الذات، طالب العالم بدعمه انطلاقاً من استراتيجيّات هؤلاء الداعمين، وبالاستفادة من استعداداتهم للتدخّل الكامنة في تراكيب أنظمتهم. أمّا المعارضة فطالبت عمليّاً بتغيير العالم، من خلال مطالبتها بتدخّله. فالأسد لم يسأل الروس والإيرانيّين أن يكونوا غير ما هم عليه، بينما هي سألت الغرب أن يكون غير ما هو عليه، وهذا مصدر التباين مع الأوباميّة المنكفئة تبعاً لتقديرات غير مقنعة أخلاقيّاً خاصّة بها. وعلى رغم هذا فتعويل المعارضة على تغيّر الغرب، الذي تبدّى ممكناً حين كان من المتوقّع قصف الأسد بعد افتضاح استخدامه للكيماويّ، كان يفتقر إلى تعابير تساوي هذا التعويل صراحة ووضوحاً...

وحينما نشأت ثنائيّة «الأسد أوّلاً» أو «داعش أوّلاً»، أفاد الأسد من عنصرين: فأوّلاً، هو أقلّ ضدّيّة حيال الغرب قياساً بـ «داعش» وأصولها في «القاعدة». وإذا كان الأوّل مستعدّاً لتقديم أيّ شيء يُطلب منه لقاء إبقائه في السلطة، فـ «داعش» عدوّ مباشر ومطلق للغرب نفسه. وثانياً، تنتمي صورة الديكتاتور السوريّ إلى ألبوم معروف من صور الديكتاتوريّين الذين عجّ بهم عالمنا في القرن العشرين، فيما تندرج قسوته وطغيانه في مألوفيّة لا تصحّ في المثال «الداعشيّ» الذي يردّ إلى أزمنة بائدة. يندمج في هذه الغرابة المظهر والملبس واللغة وأنظمة العقاب ممّا يبدو وافداً من زمن سابق على معاصرتنا وما تواضعت عليه.

ولقد نجح الأسد، مدعوماً بالكثيرين يميناً ويساراً، في أن يقدّم نفسه الدولة في مقابل اللادولة. وتعلّمنا التجربة الفلسطينيّة خصوصاً أنّ الإرهاب لا يُعدّ إرهاباً إلاّ حين يصدر عن اللادولة، فيما يحظى إرهاب الدول بقابليّة لإعادة التدوير في الديبلوماسيّة والضغوط وسواها.

وأن يكون هذا ظالماً وقاسياً فذلك مؤكّد. إلاّ أنّه هو العالم الذي نعيش فيه والذي لا يُسعى إلى التغيير إلاّ من ضمنه ومن ضمن حدوده القائمة والضيّقة.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن الأسد و«داعش» في هذا العالم  عن الأسد و«داعش» في هذا العالم



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab