«داعش» والغائبان الحاضران

«داعش» والغائبان الحاضران

«داعش» والغائبان الحاضران

 العرب اليوم -

«داعش» والغائبان الحاضران

حازم صاغية

إذ يكثر الكلام عن أحلاف عسكريّة قائمة وأخرى قيد التشكّل، لمقاتلة «داعش» في سوريّة والعراق، يحضر غائبان قد يكونان اليوم مشغولين بهموم بلدهما، بل بهموم عائلتهما نفسها، تبعاً لترشّح جِب بوش عن حزبه الجمهوريّ لرئاسة الولايات المتّحدة.

أوّل الاثنين المقصودين جورج ووكر بوش، الأب لجب ولأخيه الأكبر جورج دبليو. أمّا ثانيهما فليس سوى جورج دبليو ذاته.

فجورج الأب نجح في تشكيل تحالف عسكريّ غير مسبوق إلى حجمه في التاريخ، فشمل 37 دولة وضمّ إليه حتّى حافظ الأسد الذي يُفترض أنّه «مناهض للإمبرياليّة»، فيما حُمل الإسرائيليّون، بزعامة اسحق شامير، على التزام الصمت طلباً لإنجاحه. ذاك أنّ الجهد السياسيّ والديبلوماسيّ الأميركيّ استُخدم على نطاق واسع حينذاك، مصحوباً بالإغراء الماليّ والاقتصاديّ. هكذا، وفيما كان الاتّحاد السوفياتيّ يترنّح وينهار، نضج الحلف الذي حرّر الكويت وأخرج منها جيش الغزو العراقيّ. وكانت لهذه الحرب يافطتها الأيديولوجيّة المسمّاة «نظاماً عالميّاً جديداً» سال لاحقاً حبر كثير في وصفه وفي مديحه أو دحضه.

أمّا جورج الابن فبدا غضبه متفوّقاً على مهارته، كما لاح العسكريّ فيه متقدّماً على السياسيّ. وبحلف صغير خصومُه أكثر من المنضوين فيه، وبتلمذة على «المحافظين الجدد» مرفقة بعداوة لفرنسا وألمانيا تأدّى عنها انشقاق «الغرب» غربين للمرّة الأولى منذ الحرب العالميّة الثانية، تقدّم جورج الصغير لإطاحة صدّام حسين ونظامه، محرّراً العراق ومحتلّاً إيّاه في وقت واحد. وكمثل «النظام الجديد» عند الأب، كانت دمقرطة العراق عند الابن، وقيل إنّ بلاد الرافدين لن تكون إلّا النموذج والمنطلق لتلك الدمقرطة.

البوشان الاثنان رمزان لنموذجين، لا في بناء الأحلاف فحسب بل في شنّ الحروب تالياً، وطبعاً في حصاد النتائج التي تترتّب عليها. وهما، لا سيّما بسبب السياسات المنكفئة لباراك أوباما، إنّما يكثر تذكّرهما واسترجاعهما منذ سنوات قليلة. وبينما يتحسّر متلهّفون للتغيير على بوش الابن خصوصاً، يردّ آخرون، متفاوتو الموقف حيال التغيير، كلّ أزمات المنطقة إليه من غير أن يرأفوا بأبيه.

لكنّ بوش الأب، الناجح، تخلّى عن انتفاضتي الشيعة في جنوب العراق والأكراد في شماله، متنصّلاً من دعوته إيّاهم أن يثوروا على صدّام. وما لبث عمله أن رتّب حصاراً بالغ القسوة على العراق والعراقيّين أكمله بيل كلينتون وأفاد منه طاغية بغداد لتشديد قبضته على بلد بات أكثر عزلة وضعفاً وجوعاً. فحينما أطيح صدّام، على يد جورج النجل في 2003، كان ذاك الحصار قد دمّر طبقة وسطى عُوّل عليها أن تبني الديموقراطيّة في العراق.

أمّا بوش الابن فتضامنت أفعاله، من دون أن يكون المساهم الأوحد في الخراب، ولا المساهم الأوّل، مع الأفعال الإيرانيّة والسوريّة والطائفيّة العراقيّة، وكان ما كان.

والبوشان اليوم بعيدان عن المسرح، كما أنّ الأحلاف تغيّر معناها فلم تعد تقتصر على تجميع الدول بل صارت تطمح إلى استقطاب الجماعات الأهليّة أيضاً. إلّا أنّ العراقيّين، على رغم هذا وذاك، لا يزال بلدهم مسرح حرب يلاصق المسرح السوريّ. وإذا كان ردّ البؤس العراقيّ إلى ما فعله البوشان خفّةً ومبالغةً يتهرّب أصحابهما من المسؤوليّة، ويتجنّبان قراءة تاريخ العراق الحديث، فالمؤكّد أنّ طريقتي البوشين، أي الحرب، ليست أفضل الطرق في التعاطي مع عراق كهذا، أو مع ما يشبهه من أوضاع وظروف.

وهذا ليس للقول إنّ «داعش» ينبغي ألّا يُحارب، بل للقول إنّ القتال كمثل الخمر في النصّ المسيحيّ: قليله فقط ينعش القلب، أمّا الإفراط فيه، ففي أغلب الظنّ، مهلك.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» والغائبان الحاضران «داعش» والغائبان الحاضران



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab