ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح

 العرب اليوم -

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح

بقلم : حازم صاغية

يمكن النقاش إلى ما لا نهاية في الحجّة القائلة إنّ ملء الشغور الرئاسيّ في لبنان وانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهوريّة يقطعان الطريق على انفجار أهليّ لا تُحمد عقباه. ويمكن الجدل إلى ما لا نهاية أيضاً في أسباب عدم الانفجار وضعف صلتها بالملء والشغور في المنصب الرئاسيّ، لكنْ في الأحوال كافّة، يصعب ألاّ يتذكّر واحدنا الحجج التي أحاطت بصعود عبد الفتّاح السيسي في مصر، قبيل تولّيه رئاسة الدولة وبعدها.

صحيح أنّ الظروف المصريّة تختلف إلى أبعد الحدود عن الظروف اللبنانيّة، ففي مصر حدثت ثورة لم يعرف لبنان مثلها، ثمّ انتُخب رئيس «إخوانيّ»، هو محمّد مرسي، في حدث يستحيل أن يشهد لبنان ما يشبهه، وبعد ذاك كان دور للجيش تنعدم شروطه اللبنانيّة تماماً. مع ذلك، يبقى المشترك أنّ أحد البلدين عاش «خلاصاً» صُوّر الأمن والاستقرار بوصفهما مدخله، بينما البلد الثاني مرشّح لـ «خلاص» كهذا يُبلَغ إليه من المدخل نفسه. ثمّ إنّ قائد الجيش الذي حلّ في الرئاسة المصريّة رُسم موضع إجماع عابر للجماعات ومتعال على القوى المتنازعة، بعد إخراج «الإخوان المسلمين» من بيت الوطنيّة المصريّة. أمّا قائد الجيش اللبنانيّ السابق الذي سيُنتخب رئيساً للجمهوريّة، فقد هُندس له، بخليط من الجدّ والتلفيق، إجماع عابر للطوائف ومتعالٍ على القوى المتنازعة.

وقد استعرضت «السيسيّة» نفسها في مواقف كان آخرها الإدلاء بتصويتين متضاربين في مجلس الأمن، بعدما عبّرت عن هوى روسيّ ينافس الهوى الأميركيّ لديها. وكان الرئيس المصريّ، منذ أيّامه الرئاسيّة الأولى، قد حشد في نفسه كلاًّ من جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، من دون أن يختفي من الصورة محمّد نجيب نفسه. أمّا ميشال عون فهو أيضاً رئيس لكلّ الفصول وكلّ الأدوار، على ما تبيّن سيرته السياسيّة المنتفخة بالتناقضات منذ 1989.

وهذا ما يستحيل النظر إليه بعين غير عين الثورة المضادّة التي تلي هزيمة الثورات، والتي ينهض أوّل تبريراتها على تجنّب الحروب الأهليّة باسم استقرارٍ يجد مراجعه في كلّ شيء ولا يجدها في شيء محدّد. والحقّ أنّ هذا التجنّب للفوضى ليس قليل الأهميّة، فهو يستحقّ التضحية والعضّ على الجرح وتجرّع كلّ الكؤوس لأجله. لكنْ هل الخيار هذا يجنّب الحرب الأهليّة فعلاً وينشئ الاستقرار في لبنان ومصر، وفي امتداد هذا الخطّ إلى خليفة حفتر في ليبيا وربّما إلى أبعد؟

ما نعرفه عن مصر اليوم، ابتداء بأوضاع سيناء، وليس انتهاء بالتردّي غير المسبوق في العلاقتين المسلمة – القبطيّة والعسكريّة – «الإخوانيّة»، يوحي بأنّ الأمور لا تسير في اتّجاه كهذا. أمّا في لبنان فيُخشى، حيال هذا الانتصار الإيرانيّ الجديد ممثّلاً بـ «ملء الشغور»، المعزّز بالحروب الانتقاميّة والطائفيّة في سوريّة والعراق، ومع عودة بعض «الداعشيّين» إلى مناطق أصولهم، وانبثاث بعضهم في مناطق أخرى، أن نحصد من الإرهاب ما كان يمكن اجتنابه، سيّما وأنّ «الرئيس عون» ستقف سلطاته عند حدود الحرب التي يشنّها «حزب الله» على السوريّين، والتي في طريقه إليها يدوس بنعلٍ غليظ سيادة لبنان وعظمة «شعبه العظيم».

وهي صعوبات وتحدّيات يعجز عن تبديدها ميلٌ نكوصيّ إلى الانسحاب من تعقيد الحياة المعاصرة، لا سيّما وقد خضّتها الثورات والحروب والتحوّلات السكّانيّة الضخمة، فـ «الاستقرار»، والحال هذه، يصير وعداً باهتاً بتحكيم المواضي المُتَخيَّلة بالمستقبل، أو بالارتداد إلى صفاء القرية وبساطتها، وإلى فهم للعلاقات الوطنيّة بوصفها أبوّة تحنو على الأبناء، وبنوّة تستهلّ صباحاتها بتقبيل أيديهم. لكنّنا فيما نقف عند هذه المحطّة الخلاصيّة المُتَوهَّمة يكون العالم يمضي في سيره وتناقضاته وحروبه التي لا تستأذن القرى اللطيفة والآباء والأمّهات العطوفين، أكان ذلك في القاهرة أو بيروت أو أيّ مكان آخر.

والحقّ أنّ هذا الأفق العربيّ للعونيّة، وعنوانه الأبرز السيسيّة، ينضوي اليوم في أفق دوليّ أعرض يهيمن عليه التطرّف والتفتّت والزعامات الشعبويّة. وغنيّ عن القول أنّ آمالاً من هذا الصنف تنافس اليأس في القتل بل تتغلّب عليه.

arabstoday

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 06:18 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

... عن «الاسم» والكفاءة في مواجهة إسرائيل

GMT 09:00 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

أفغانستان: أكثر من حرب على صوت المرأة

GMT 04:38 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الحرب على غزّة بين دوري الداخل والخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab