المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى
الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان عدد من المناطق في صور ويأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي الدفاع الجوي الأوكراني يعلن إسقاط 50 مسيرة روسية من أصل 73 كانت تستهدف مواقع أوكرانية الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا
أخر الأخبار

المكارثيّة والغولاغ... مرّة أخرى

المكارثيّة والغولاغ... مرّة أخرى

 العرب اليوم -

المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى

بقلم:حازم صاغية

بقياس الغولاغ تُعدّ المكارثيّة هواية أغبياء. فالغولاغ لا يلي إلاّ المعسكرات النازيّة في دلالاته الموتيّة الكالحة. ورغم الحرب الباردة، بقي اهتمام الغرب به قليلاً بالمقارنة مع اهتمامه بالمعسكرات والمحرقة النازيّة. البعض رأوا في ضعف الاهتمام ذاك تحيّزاً غربيّاً، إذ ضحايا هتلر أوروبيّون يهود، فيما غالبيّة ضحايا ستالين فلّاحون وعمّال وشيوعيّون وآسيويّون. يضاف أنّ الغولاغ لم ينقله الأدب مثلما نقل بريمو ليفي وآخرون صناعةَ الموت النازيّة، ولا صوّرته السينما كما صوّرها ستيفن سبيلبرغ وسواه من السينمائيّين.
محلّلون آخرون ردّوا جذور السلوك الحاليّ للمافيات الروسيّة، في قسوتها واستعدادها للقتل واحتقارها القوانين، إلى أخلاق سبق أن أُسّست هناك في الغولاغ.
التسمية تلخيصٌ بالأحرف الأولى لـ«الإدارة الرئيسيّة لمعسكرات العمل التصحيحيّ». أنشأه لينين بعد ثورة 1917 لكنّه وُسّع واشتهر مع ستالين. أمّا نزلاؤه فبلغوا 18 مليوناً، مات منهم ما بين المليونين والأربعة ملايين، قضى أغلبهم في مراحل الذروة الثلاث: بين انطلاق «التجميع الزراعيّ» في 1929 ومجاعة 1933، ومع «التطهير الكبير» أواخر الثلاثينات، وبين نهاية الحرب العالميّة الثانية ووفاة ستالين في 1953.
ضحاياه كولاك (فلّاحون أغنياء) ومجرمون عاديّون ومتعاملون مع النازيّة ومثقّفون منشقّون ومساجين سياسيّون وأبرياء عُدوا مصدر تهديد للنظام. وفي سيبيريا، بطقسها الثلجيّ وحياتها القاسية، أُقيم معظم معسكراته التي أُحيطت بأسلاك شائكة وبحرّاس شغل بعضهم أبراجاً مرتفعة للإشراف على المساجين ومنعهم من الهرب. وإلى البرد، ضمّت طريقة الحياة الجوع والمرض والعنف، فيما اكتظّت الأَسِرّة التي حُشدت في غرف خَلَت من التدفئة وكَثُر فيها القَمْل.
وكما في المعسكرات النازيّة كان بُعد الغولاغ الاقتصاديّ حادّاً: فالمساجين تمّ تشغيلهم بالسُّخرة في قطع الأشجار والخشب وفي التعدين وبناء مشاريع صناعيّة. والحال أنّ الغولاغ أصله نظام اقتصاديّ من العمل العبوديّ، إذ توفّر الأعداد الكبرى من «الضيوف» إمداداً غير محدود بالعمل الذي يخدم تصنيع ستالين الوحشيّ.
أمّا رفض العمل فعقوبته الأهمّ (التي تسبّبت بأغلب حالات الموت) الحرمان من الطعام، دون استبعاد الإعدام في بعض الحالات. فالحكمة الغولاغيّة تقول: حدّ أدنى من الطعام وحدّ أقصى من العمل. وبدوره كان «سوء السلوك» يُفضي بصاحبه إلى العزل الانفراديّ البارد والرطب والإمعان في تقليل الحصص الغذائيّة القليلة أصلاً.
لقد دُشّن الغولاغ الستالينيّ بالفلاّحين الأغنياء الذين كانوا يملكون أراضي ومزارع صغرى، فاعتمدت الحكومة لتصفيتهم برنامجاً سمّي «نزع الكولاكيّة» (dekulakization) لمصادرة أرضهم منهم. لكنّ مصيرهم لم يقتصر على انتزاع ملكيّاتهم، إذ سيق كثيرون منهم إلى أمكنة نائية ومعزولة وشديدة البرودة في مناطق تعجّ بالمستنقعات حيث تُركوا ليتدبّروا أمرهم هناك. أمّا بالنسبة إلى بعضهم فغدت تجربتهم في الوحشة، حياةً وموتاً، أفضل من عيشهم في المجتمع السوفياتيّ، لأنّ الموت في الأراضي تلك يحرّرهم من القيود التي يفرضها النظام. وهناك في الوحشة كان يبدأ «القتال الميؤوس منه من أجل الحياة، في شروط هي بالكاد أسهل من شروط العصر الحجريّ»، كما كتب لاحقاً ألكسندر سولجنتسين. بيد أنّ القسوة التي واجهها الفلّاحون الأغنياء وسواهم من الضحايا دفعت الكاتب نفسه إلى الاهتمام بالشرّ في طبيعته ومصادره. وكان ممّا رآه أنّ أكثر من يرتكبون هذا الشرّ هم من يظنّون أنفسهم منزّهين وواقفين في جانب الصواب بحيث يستحيل على الخطأ أن يقاربهم.
على أيّ حال، فبعد وفاة ستالين صار الغولاغ أقلّ وحشيّة، كما أُطلق سراح مساجين كثيرين كان سولجنتسين في عدادهم. وهذا لئن صغّر حجم الغولاغ، فقد ظلّ معمولاً بالنظام نفسه حتّى عهد غورباتشوف في الثمانينات. حينذاك نُشر بالروسيّة للمرّة الأولى كتاب سولجنتسين «أرخبيل الغولاغ» بأجزائه الثلاثة، علماً بأنّه كان قد ظهر في ترجمته الفرنسيّة عام 1973، ما أدّى إلى طرده من بلده.
والكاتب المذكور لم يكن أديباً فذّاً ولا صاحب أفكار مستنيرة، لكنّه قدّم وثيقة مرعبة عن نظام الغولاغ وعن النظام السوفياتيّ عموماً، جامعاً التاريخ الشفويّ إلى التحليل الآيديولوجيّ واليوميّات الشخصيّة، حتّى بات يتعذّر الفصل بين الغولاغ وكاتبه. لقد جاء فضحه معسكرات العمل السوفياتيّة ليغذّي حملة حقوق الإنسان في الغرب، خصوصاً أنّه أتى معزّزاً بتقارير 227 شاهداً ومذكّراتهم ورسائلهم.
وسولجنتسين كان قد قضى قرابة عقد هناك بسبب انتقاداته لستالين التي وردت في رسائل كتبها لواحد من أصدقائه، في أثناء قتاله مع الجيش السوفياتيّ إبّان الحرب العالميّة الثانية.
فهو، في وقت مبكر من حياته، آمن بالشيوعيّة، مثل كثيرين من الشبّان الروس، علماً بصدوره عن عائلة مؤمنة ومحافظة. غير أنّه راح يتغيّر مع الحرب العالميّة الثانية، إذ أتاح له تنقّله كجنديّ عبر المناطق الروسيّة أن يشاهد مدى استشراء القسوة والفقر فيها. ولئن أضعفت خدمته العسكريّة ولاءه للشيوعيّة، وهزّته بعمق، فإنّ سنواته في الغولاغ هي التي حوّلته إلى واحد من أشرس نقّادها.
وبين ما دفعته إليه حساسيّته الناجمة عن معاناته أنّه بات شديد التمييز بين معرفة الشيوعيّة عبر عيشها في روسيا والحديث عنها في الخارج من دون معاناتها، أو كما قال في محاضرة ألقاها في السبعينات في الولايات المتّحدة: «بالنسبة لنا في روسيّا، الشيوعيّة هي كلب ميّت. لكنّها لكثيرين من الناس في الغرب لا تزال أسداً حيّاً».
و«أرخبيل الغولاغ»، الذي أسّس المعرفة بتلك المأساة الجماعيّة، ليس مذكّرات بل تأريخ لعمليّة كاملة من تطوّر دولة بوليسيّة وتسييرها. أمّا بعد سقوط النظام الشيوعيّ فصار أحد هموم الحركة الديمقراطيّة في روسيّا نبش تاريخ الغولاغ، كما نشأت مجموعات ربّما كانت أهمّها «تذكار» (Memorial) التي تأسّست في 1988 لتعبّر عن عائلات المقهورين وتجمع الوثائق التي باتت تُعدّ بالآلاف عن تاريخ المعسكرات وتنشرها. وفي 2003، أشرف ألكسندر ياكوفليف، الذي كان الأب الروحيّ لبيريسترويكا وغلاسنوست الغورباتشوفيّين، على إصدار كتاب موسوعيّ سُمّي «أطفال الغولاغ»، يخبر القصّة المحزنة والمسكوت عنها لملايين الذين عاشوا في الغولاغ والذين ماتوا فيه.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:53 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
 العرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 09:20 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد
 العرب اليوم - كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 04:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024

GMT 20:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط مسيرة تحمل أسلحة عبرت من مصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab