«حزب الله» والانقلاب اللغويّ في لبنان
الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان عدد من المناطق في صور ويأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي الدفاع الجوي الأوكراني يعلن إسقاط 50 مسيرة روسية من أصل 73 كانت تستهدف مواقع أوكرانية الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا
أخر الأخبار

«حزب الله» والانقلاب اللغويّ في لبنان

«حزب الله» والانقلاب اللغويّ في لبنان

 العرب اليوم -

«حزب الله» والانقلاب اللغويّ في لبنان

بقلم - حازم صاغية

هناك دائماً، وفي سائر العالم، أطراف سياسيّة وإيديولوجيّة تغلّب الدلالة السحريّة للكلمات على دلالتها المفهوميّة. مثلاً، بدل أن تقول: «استولى عشرون شخصاً على موقع عسكريّ»، نراها تقول: «استولت الجماهير على موقع عسكريّ»، وبدل أن تقول: «أُطلقت أعيرة ناريّة على المتظاهرين»، تقول: «حصدت النيران المتظاهرين»...

فالدلالة السحريّة التي يصعب قياسها وتستحيل برهنتها أقدرُ من الحقائق والوقائع على تعبئة الجموع وتحريكها. إنّها تفعل ذلك من خلال صور طبيعيّة أو هيوليّات وخوارق تُشعل المخيّلة الجماعيّة وتُبقيها مشتعلة. هكذا يتمّ تكريس الرواية الكاذبة، وقد أُخضعت للتسحير، في وعي مَن هم مستعدّون لتصديقها. وعن هذا الدفق اللغويّ الكاذب والمُكرَّس ينشأ جوٌّ معبّأ مشحون يعامل الكذب بوصفه يقيناً ثمّ يمضي في تعميم هذا «اليقين» وتداوله.

اللبنانيّون الذين يحكّمون عقولهم ويعطون الأولويّة للمفهوميّ على الدلاليّ يحفظون لائحة كاملة من المصطلحات التي غُيّر معناها، إمّا بالمبالغة أو بالقلب الكامل، وذلك للوصول إلى هدف تعبويّ وإنشاء «يقين» كاذب.

مثلاً، في الخمسينات سُمّي رئيس الجمهوريّة كميل شمعون «انعزاليّاً»، أي أنّه يريد عزل لبنان عن محيطه في العالمين العربيّ والإسلاميّ. لكنّ شمعون كان يومذاك على صداقة وطيدة مع الأردن والعراق والسعوديّة والمغرب وتونس وتركيّا وإيران وباكستان...، وكانت خصومته تنحصر بمصر الناصريّة والضبّاط التابعين لها في دمشق.

الحجّة نفسها استُخدمت في الثمانينات ضدّ من أيّدوا العراق في حربه مع إيران، فسُمّي هؤلاء «انعزاليّين»، علماً بأنّ النظام السوريّ كان الطرف العربيّ الوحيد الذي أيّد إيران.

السياسيّ الراحل كمال جنبلاط سمّى نفسه ثمّ سمّاه آخرون زعيماً لـ «التقدّميّين الاشتراكيّين»، مع أنّه كان أكثر سياسيّي لبنان محافظةً وتقليديّة. وهو حين كان وزيراً للداخليّة في 1963، منع رقصة «التويست» الرائجة حينها، وأمر بترحيل الفنّان الفرنسيّ جوني هاليداي من لبنان. أمّا «اشتراكيّته» فكانت الغطاء اللفظيّ لبعض أكثر الأفكار والممارسات القروسطيّة والصوفيّة.

ومنذ طُرحت فكرة الفيدراليّة في لبنان، وصفتها آلة التعبئة الكلاميّة بأنّها عمل يساوي التقسيم، مع أنّ المصطلح يعني تعريفاً «الاتّحاد». فالدعوة إلى الفيدراليّة، كما يعلم أيّ طالب للعلوم السياسيّة، إنّما تعادل الدعوة إلى الانتقال من وحدة بسيطة ومركزيّة إلى شكل مُركّب ولا مركزيّ من الوحدة.

على أيّ حال، فهذا التعامل مع اللغة بلغ ذروة غير مسبوقة على يد «حزب الله». فالأخير، ومثل تنظيمات دينيّة في بلدان أخرى، تمكّن من أن يزعم لنفسه أنّه حزبٌ لِما لا يقلّ عن الله ذاته. وهذا لا يُسبغ إلاّ التواضع على أحزاب سابقة كانت تقول إنّها أحزاب الطبقة العاملة أو أحزاب الأمّة والشعب...

كذلك استورد «حزب الله» من الأنظمة العسكريّة والأمنيّة العربيّة روايتها الشهيرة في تحويل الهزائم والكوارث إلى انتصارات مظفّرة.

ومع أنّه حزب دينيّ وطائفيّ في آن معاً، ومع أنّ قيادته تقتصر حصراً على رجال دين، فإنّه يقدّم نفسه، ويجد من يقدّمه، ضمانةً للوحدة الوطنيّة ومناهضة الطائفيّة. فوق هذا فهو كلّما استخدم السلاح في الداخل أكّد أنّ سلاحه ليس للاستخدام الداخليّ، وكلّما هجّر سوريّين دافعاً بهم إلى لبنان أكّد على تصدّيه للتكفير الإرهابيّ القادم من سوريّا. ومع أنّ حصريّة السلاح في يد الدولة جزء من أيّ تعريف للدولة الحديثة، فإنّه يقدّم نفسه، ويجد من يقدّمه، بوصفه سنداً للدولة وحليفاً لجيشها.

لكنّ أهمّ ما فعله الحزب، في ما يخصّ تدمير المعنى، هو أنّه أناط بنفسه حماية لبنان وتحريره وضمان كرامته وسلامه الأهليّ. والحال أنّ لبنان لم يعرف في تاريخه الحديث المهانة والفقر والذلّ الذي يعرفه اليوم في ظلّ المقاومة، وهذا معطوفاً على تحلّل في العلاقات الداخليّة بين أبنائه وداخل طوائفه، تحلّلٍ يجعل الحرب الأهليّة صنواً للحياة اللبنانيّة، من عين إبل جنوباً إلى الكحّالة جبلاً، صعوداً إلى نقاط شديدة التوتّر في جرود جبيل ثمّ في أقصى الشمال.

يزيد البؤس بؤساً أنّنا نعيش، لا سيّما في منطقتنا، زمناً يأبى الاعتراف برأي عامّ وببشر يفكّرون. هكذا مثلاً يعلن أمين عامّ «عصائب أهل الحقّ» العراقيّة الشيخ قيس الخزعلي أنّ الموساد الإسرائيليّ هو الذي قتل الإمام علي بن أبي طالب، وذلك بعد ثلاثة أيّام على تصريح الرئيس السوريّ بشّار الأسد بأنّ والده حافظ لم يكن له أيّ دور في وصوله إلى الرئاسة التي لم يبلغها إلاّ بجهده الشخصيّ والحزبيّ فحسب.

إنّ الشيوعيّين الذين أقاموا أنظمة الاستبداد الشهيرة في أوروبا الوسطى والشرقيّة وسمّوها «ديمقراطيّات شعبيّة»، لا يعصف بجثثهم إلاّ الحسد حيال روّاد هذا الانقلاب اللغويّ في منطقتنا، ممّن يتربّع «حزب الله» في صدارتهم.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» والانقلاب اللغويّ في لبنان «حزب الله» والانقلاب اللغويّ في لبنان



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة
 العرب اليوم - فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 17:07 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا وياسمين عبد العزيز يجتمعان في رمضان 2025
 العرب اليوم - نيكول سابا وياسمين عبد العزيز يجتمعان في رمضان 2025

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024
 العرب اليوم - كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 04:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024

GMT 20:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط مسيرة تحمل أسلحة عبرت من مصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab