لا حلّ إلاّ بالقتل

لا حلّ إلاّ بالقتل...

لا حلّ إلاّ بالقتل...

 العرب اليوم -

لا حلّ إلاّ بالقتل

حازم صاغية

يقول من يسمّون بليبراليّي إسرائيل إنّ بلدهم آخر استعمار في التاريخ وإنّ عليه أن يجلو عن الأراضي التي يحتلّها ويتخلّص من المستوطنات التي أنشأها وينشئها. لكنّهم يضيفون إنّ بلدهم إيّاه أكثر بلدان العالم تعرّضاً للتهديد والحصار اللذين لا يوجزهما توازن قوى عسكريّ في لحظة بعينها، ويستشهدون، بين أمور أخرى، بالمشروع النوويّ الإيرانيّ لتوكيد ذلك.
والقول هذا يجعلهم عرضة لنارين: نار اليسار المناهض للصهيونيّة الذي يأخذ عليهم ترويجهم لكون إسرائيل محاصَرة، ونار اليمين الصهيونيّ الذي يأخذ عليهم مطالبتهم بإنهاء الاستعمار وتفكيك الاستيطان.
ومأساة «ليبراليّي إسرائيل» هؤلاء، التي يعبّر عنها ضعفهم الراهن، أنّ من غير المقبول اليوم النطق بقولين يبدوان متناقضين، أو متفاوتين، أو أنّهما لا ينتهيان، تبعاً للتباين بينهما، إلى وجهة تعبويّة صارمة ومتماسكة.
على أنّ محنة «ليبراليّي إسرائيل» تشبه اليوم محنة ضاربة في عموم العالم العربيّ، مفادها استحالة الجمع بين قولين أو بين حقّين أو بين مصلحتين. ففي الاستقطاب الضارب الآن لا تصحّ إلاّ قولة المتنبّي: هكذا هكذا وإلاّ فلا لا. فحقّ السنّة لا يجتمع وحقّ الشيعة، وحقّ الأكثريّات لا يلتقي وحقّ الأقلّيّات، وحقّ الفلسطينيّين لا يتعايش وحقّ اليهود، وحقّ العرب لا يتماشى وحقّ الأكراد، وهكذا دواليك. أمّا الدفاع عن حقّ ما من الحقّين فلا يُتصوَّر إلاّ افتئاتاً على الحقّ الثاني أو إنكاراً له.
يزيد البؤس بؤساً أنّ ما من مشروع جامع اليوم يدور الانقسام حوله، لا في البلد المعنيّ بالأمر ولا في المنطقة ككلّ. وفي المعنى هذا، يبقى لافتاً ذاك التجاور بين أقصى الحدّة والتطرّف وبين ما بات يُعرف بانهيار «السرديّات الكبرى» المؤسّسة لنظرة ما إلى العالم وإلى الذات. وهذا ما يخلّف شعوراً مُرّاً بالعبث واللاجدوى المصحوبين بعظيم الأكلاف الإنسانيّة والاقتصاديّة، وهو شعور لا سبيل إلى اجتنابه. فالطاغي راهناً هو التذرّر اللامتناهي الذي يلغي أصلاً كلّ حاجة إلى تأسيس واحد أو إلى نظرة مشتركة. هكذا، مثلاً لا حصراً، يكتب على صفحته الفيسبوكيّة الكاتب الكرديّ حسين جمّو: «هذا الشقاق التاريخيّ الممتدّ حتّى اليوم بين الكلدانيّين والآشوريّين في العراق من نوع الكوميديا السوداء. كلاهما عدديّاً أقلّ من أصغر عشيرة في العراق، وكلاهما لا يمتّ بأيّ صلة إثنوغرافيّة لا للكلدان ولا للآشوريين». لكنّ التذرّر اللامتناهي هذا إنّما يفتح الباب للحروب شكلاً وحيداً للحسم، فيما يجعل الحروب المفتوحة التي لا تُحسَم الشكل الوحيد للحروب. ولنا اليوم، مع انكماش الأساس الوطنيّ للصراعات الدائرة، أن نعدّ الحروب التي لم تنته، ولا تنتهي، منذ حرب الصومال في التسعينات، والتي تختلف الاختلاف كلّه عن حروب الحرب الباردة التي كانت تُحسم إمّا بترسيم حدود (كوريا) أو بانسحاب طرف خارجيّ (فيتنام ولاوس وكمبوديا) أو بهزيمة واضحة لطرف (الكونغو في الستينات، الهند وباكستان أو الصومال وإثيوبيا في السبعينات...).
وإلى هذا يتقدّم منّا ومن نفسه «غرب» لم يعد ينوي تصدير نموذجه، وهذه أزمة في الحضارة ذاتها، فضلاً عن أنّ نموذجه ذاته فقد الكثير من عناصر جاذبيّته في زمن العولمة والتفريع ما بعد الصناعيّ، وباتت ديموقراطيّته إيّاها موضوع مراجعة تقترح ما يفيض عن البرلمان والمؤسّسات المعهودة.
تعالوا إذاً، وحتّى إشعار آخر، نقتل. أو تعالوا... نلعب.

 

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حلّ إلاّ بالقتل لا حلّ إلاّ بالقتل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab