الخيار الصعب دمار دمشق أو بقاء وجيز للأسد

الخيار الصعب: دمار دمشق أو بقاء وجيز للأسد

الخيار الصعب: دمار دمشق أو بقاء وجيز للأسد

 العرب اليوم -

الخيار الصعب دمار دمشق أو بقاء وجيز للأسد

عبدالوهاب بدرخان

ستكون الشهور الثلاثة الأولى من السنة الجديدة حاسمة: فإمّا أن يترتّب حلٌ دولي توافق عليه المعارضة ويرضخ له النظام، وإمّا أن تدخل سورية دوامة حروب كثيرة في إطار حرب واحدة: بين نظام ومعارضة كما هي الآن، بين طوائف ومذاهب، بين مناطق تريد أن تتوضّح ملامح مستقبلها (أكراد، علويون)، وبين دول تتقاتل بواسطة السوريين... كل ذلك على خلفية السقوط الحتمي للنظام، مترافقاً بتحلّل الدولة وانحلال الجيش وتمزّقات النسيج الاجتماعي. تقرير محققي الأمم المتحدة عن المنحى الطائفي المتصاعد للصراع قد يكون صدم البعض، أو اعتُبر مبالغاً وغير واعٍ ومتحسّس الطبيعة «اللاطائفية» للشعب السوري، بدليل أن خطاب المعارضة ظل وطنياً نظيفاً على رغم التحريض الذي حملته أشرطة تعمّد «الشبيحة» تسريبها بما فيها من إهانات للرموز الدينية خلال تنكيلهم بمعتقليهم. غير أن «التطييف» كان منذ زمن من أدوات النظام لتثبيت سيطرته وشحذ ولاء قواته ذات اللون الطائفي الواحد، كما برز منذ الأيام الأولى للثورة حين بدأت التصفيات الميدانية للعسكريين الذين يرفضون إطلاق النار على مواطنيهم. وكما تحوّلت الأزمة إلى «معركة وجود» بالنسبة إلى علويي النظام فإما أن يبقى الحكم في أيديهم وإما أن يدمروا البلد، كذلك وجد الطرف الآخر (تحديداً السنّة) نفسه في مواجهة لم يتخيّل أنها ستضعه سريعاً بين خياري الموت والحياة. الأكيد أن الثورة لم تقم بدافعٍ طائفي إلا أن مجرد اندلاعها كشف حقيقة النظام وطبيعته، ولأنه لم يبالِ بالبحث عن حلول وطنية بل اختار القتل، ولم يهتم بـ «قيادة» حلول سياسية حينما ناشده ذلك الخارج قبل الداخل، كما لم يقرأ في تهاون المجتمع الدولي سوى أنه ترخيص له بمواصلة التوحّش، فقد أتيح له أن يستدرج الثورة إلى حيث أراد أصلاً: أي من «السلمية» البحتة وطموح الحرية والكرامة إلى «العسكرة» القسرية وطموح استعادة سورية من «احتلالها الداخلي»، وصولاً إلى محاصرة المربع الأمني حيث يتمترس النظام في دمشق. كان صدّام حسين أعلن مسبقاً أن حرب 2003 ستقف عند أسوار بغداد وأن معركة العاصمة ستفشلها، لترفدها بعدئذ حرب مقاومة لطرد الاحتلال الأميركي، لكن ما حصل بعد سقوط بغداد كان حرباً أهلية أوصلت العراق إلى ما هو عليه الآن. طبعاً ثمة فارق أساسي وكبير في حال بشار الأسد وهو عدم وجود قوات احتلال أجنبية، وحقيقة أنه يواجه شعبه، لكنه يلعب ورقة «معركة دمشق» بعقلية نظيره العراقي، وتتمحور المخاوف كلها حالياً على احتمالات أن يتوصّل الأسد إلى إطلاق سيناريو حرب أهلية طائفية. يجزم جميع الذين يعرفون بشار ونظامه أن انحسار سيطرته لم يغيّر شيئاً من أسس تفكيره، أي أنه سيقاتل حتى النهاية. لكن، أي نهاية؟ أصبح الدمار الكبير «مكسباً» بالنسبة إليه طالما أنه خسر ورقة الحسم العسكري واستحال عليه هزم الشعب - العدو. برهن ذلك في حلب ويستعد لبرهنته ثانية في دمشق. وبإصراره على العنف طوال واحد وعشرين شهراً اضطر المعارضة تدريجاً لأن تقبل التحدي وتحذو حذوه، فهو بحث عن المنازلة النارية وحصل عليها. إذ بلغ درجات القصف الجوي بالبراميل والقنابل العنقودية والفوسفورية وصولاً إلى صواريخ «سكود» مع التلويح بالسلاح الكيماوي، وقد أبلغ الجهات الخارجية - وفقاً لمعلومات جديدة - أنه يمكن أن يستخدم الكيماوي فقط إذا هددت منطقة الساحل التي يتوقع أن ينكفئ إليها مع من قاتل معه. ويُفهم من ذلك أن «الانكفاء» لن يحصل إلا إذا هُزم في دمشق، أو إذا عُرضت عليه صفقة دولية مناسبة في شأن «الكيان العلوي» على الساحل، ولأنه في الحالين لن يبقى في العاصمة فإنه مصمم على تحقيق «مكسب» تدميرها. وترتكز حساباته على أن إفراطه في التدمير يراكم مبررات الانسلاخ عن سورية، وهو ما بات الآن «قضيّته»، بل حتى قضية حليفيه الأخيرين والوحيدين: إيران و «حزب الله». في غضون ذلك لا تزال المعارضة تطالب بـ «أسلحة متطوّرة» وعلى رغم الوعود المتقدّمة ليس مؤكداً أن تحصل قريباً على ما تحتاجه فعلاً لحسم المعركة. فالدول المرشحة لتوفير السلاح تنطلق من كون هذا الخيار الوحيد الناجع، أما الدول التي يفترض أن تغطي هذا التسليح - وعلى رأسها الولايات المتحدة – فخشيت دائماً ضراوة النظام وافتقاده أي ضوابط، إذ لم يسجّل التاريخ مثل هذا التدمير المنهجي لأي بلد إلا على أيدي غزاة من الخارج. وسواء جاءها السلاح أم لا تمضي المعارضة في معركتها من دون تردد، وأيضاً من دون تهوّر. تؤكد التوقعات أن كلفة «معركة دمشق» ستكون عالية جداً، فالنظام سيفعل كل شيء ليطيلها بغية الشروع في المساومة ولئلا يخسرها بغية الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه والحصول على ضمانات للطائفة في شأن المستقبل. وها هو الأخضر الابراهيمي يأتي إلى دمشق براً من لبنان، وسط أنباء عن تأبّطه «حلاً» مستمداً من «اتفاق جنيف» وفيه عنوانان يتوخيان «التوازن» ظاهرياً لكن أحدهما يلغي الآخر: 1) نقل السلطة بهدف البدء بمرحلة انتقالية، و2) بقاء الأسد بعد نقل صلاحياته. وهذا يعني عملياً تفعيل «سيناريو فاروق الشرع» الذي كان ممكناً - على مضض – قبل سنة، أي قبل أن يتضاعف عدد ضحايا الثورة ليقارب حالياً الخمسين ألفاً وقبل أن يتضاعف عدد الجرحى والمهجّرين والنازحين وقبل أن تزداد خسائر التدمير أضعافاً مضاعفة. وإذا صحّت الصيغ المتداولة، فإن مجرد إبلاغ الأسد أن الأميركيين والروس متفقون على بقائه «موقتاً»، أو «لثلاثة شهور» بعد نقل الصلاحيات، أو حتى «نهاية ولايته» منتصف 2014، وطريقة الإبلاغ كما تولاها الإبراهيمي، هما وصفة مسمومة لتأجيج القتال وإطالة الأزمة. سيعرف الأسد أن كل تخطيطه كان صائباً وأنه يستطيع الانتقال إلى المرحلة التالية من التصعيد لدفع الأميركيين والروس إلى كشف ما لديهم في شأن المساومة الكبرى التي يتأهب لإدارتها متفاوضاً مع الخارج ومواصلاً القتل والتدمير في الداخل. في مثل هذا السياق ستوضع المعارضة تحت ضغوط من «الأصدقاء» وسيكون عليها بتّ الخيار الصعب والملتبس: الدمار الكبير أو حل سياسي بمشاركة مغلّفة مع النظام. لا شك في أن غالبية المعارضة تميل إلى رفض مطلق لمثل هذا الحل، وثمة معارضون يميلون إلى أي حل يمكن أن يوقف العنف ويمنع النظام من تدمير «روح دمشق» ومدينتها القديمة معتبرين أن هذا «ثمنٌ أكبر بكثير من ثمن رأس الأسد»، لكنهم سيطالبون بجدول زمني قصير للانتقال، وبضمانات تتعلق بـ: 1) وحدة سورية أرضاً وشعباً، 2) الحفاظ على الدولة والجيش، 3) نقل كامل لصلاحيات الرئيس وبقائه رمزياً لفترة وجيزة جداً، 4) تزامن بدء الفترة الانتقالية مع إعادة هيكلة نشطة للأجهزة الأمنية. في المقابل، بالنسبة إلى الأسد، لن يغيّر حلٌ كهذا أي شيء في المحصلة النهائية التي يسعى إليها، فهو سيلعب على التفاصيل وسيماطل على طريقة علي عبدالله صالح خصوصاً بالنسبة إلى تسليم «سلاح النخبة» ريثما يحصل على الضمانات لانكفاء ضباطه إلى منطقة الساحل، ومن شبه المؤكد أنه سيشعل معركة أخرى بالتكافل والتضامن مع إيران و «حزب الله». نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الصعب دمار دمشق أو بقاء وجيز للأسد الخيار الصعب دمار دمشق أو بقاء وجيز للأسد



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab