الأسد وما بعده «الكيماوي» لابتزاز ضمانات لكيان عَلَوي

الأسد وما بعده: «الكيماوي» لابتزاز ضمانات لكيان عَلَوي

الأسد وما بعده: «الكيماوي» لابتزاز ضمانات لكيان عَلَوي

 العرب اليوم -

الأسد وما بعده «الكيماوي» لابتزاز ضمانات لكيان عَلَوي

عبدالوهاب بدرخان

خلال الأسبوع الماضي لم يعد السلاح الكيماوي مجرد عنوان مثير لـ «البروباغندا» الحربية، ولا مجرد «ذريعة» مفتعلة لتبرير التدخل الخارجي كما يقول محللون متناقضون، بل أصبح جزءاً من التداول بين أطراف الأزمة ومن مصطلحاتها، بل من وقائعها. وقد علم الجميع أن قوات «الجيش السوري الحر» اضطرت إلى وقف قصفها على قاعدة الشيخ سليمان غربي حلب خشية أن تكون فيها أسلحة كيماوية تقضي على حاميتها النظامية ويمكن أن تلحق الضرر بمحيطها وبمهاجميها. ولعل كثيرين شاهدوا ذلك الشريط الذي أظهر وجود الألبسة الخاصة الواقية في أحد مقار قوات النظام بعد وقوعها في أيدي «الجيش الحر». في غمرة الواقع الكيماوي الذي فرض نفسه، اذا بالنظام يقدّم مذكرة إلى الأمم المتحدة لتأكيد أنه لا يعتزم استخدام هذا السلاح. كان هذا اعترافه غير المباشر، الأول من نوعه، بأنه يمتلكه، رغم التقريع المهين الذي تلقاه الناطق السابق جهاد المقدسي، لأنه تحدث يوماً بلهجة العارف بأن هذا السلاح موجود. ثم إنه كان يمكن أخذ كلام النظام، الرسمي جداً، على محمل الجدّ، وحتى تسجيله على أنه تعهُّد، لولا أنّ طَبْعَه غلب تطبُّعه، اذ ما لبث أن اتهم «الارهابيين»، أي كل الشعب الذي يقاتله، بإمكان استخدامهم «الكيماوي». لذا انقلب «التعهّد» إلى عكسه تماماً، وفُهم أن المذكرة رمت إلى إنذار المجتمع الدولي بأنه عازم فعلاً على اللجوء إلى «الكيماوي». لماذا؟ لا لأنه يمكن أن يحسم الصراع لمصلحته، وليس فقط لأنه «يائس»، وإنما لأنه يريد استدعاء من يفاوضه على شروط النهاية المقتربة بسرعة. أكثر من أي مرحلة سابقة، دهم الهاجس المؤرق الدول الكبرى: احتمال السقوط المفاجئ للنظام من دون أن تكون هناك خطة واضحة لاحتواء الفوضى المتوقعة في اليوم التالي. ومع الوتيرة الحالية للانهيار الميداني المتدرّج لقوات النظام لم يعد هذا الاحتمال خيالياً أو مستبعداً، لذا مسّت الحاجة الى تسريع «التفاهم» الأميركي-الروسي. ومسألة السلاح الكيماوي، بما تعنيه من إبادة جماعية واسعة، وضعت المجتمع الدولي أمام تحدٍّ كابوسي. ومع ذلك، لا يمكن الوثوق بردود فعلها، فبعدما استطاعت حتى الآن التعايش مع حصيلة أقل من الواقع تقارب الخمسين ألف قتيل، ما الذي يضمن جدية «الخط الأحمر» الأميركي لـ «الكيماوي»؟ ليس مؤكداً أن الاعتبارات «الأخلاقية» هي التي تميّز الولايات المتحدة وحلفاءها عن روسيا، فعلى الأقل كانت هذه الأخيرة حريصة منذ البداية على إيضاح أنها لا تأخذ أعداد الضحايا في الاعتبار عندما ترسم سياساتها. إن ما حتّم على الدول الكبرى أن تدخل مرحلة الواقعية في التعامل مع الحدث السوري هو أنها باتت ترى بوضوح خط النهاية، فلم يعد هناك ما يمكن المراهنة على النظام بشأنه. لا فرق في أن يُسمّى الحاصل حالياً سعياً إلى أن «جنيف 2» أو «تنقيحاً جنيف» أو تراجعاً تكتيكياً لموسكو عن جزء من التعديلات التي فرضتها، بالتوافق مع واشنطن، على «جنيف 1»... فالمهم بالنسبة إلى الروس أن سلّة المصالح والمكاسب التي اشترطوها بدأت تجهز، بالتزامن مع إدراكهم أخيراً أن ترويج الأوهام وبيعها لم يعودا مجديين، لا اعتماداً على القدرة النارية التي وفّروها لبشار الاسد وخطط الحسم التي وعدهم بها، ولا على التخويف من «حرب أهلية»، أو على التنديد الدائم بـ «تدخل خارجي» كانوا يعلمون أن الأميركيين لا يريدونه. كان «اتفاق جنيف» خطة للشروع بمرحلة انتقالية أرادتها موسكو مع بقاء الأسد وأرادها «أصدقاء سورية» والمعارضة من دونه، بل أن تبدأ فعلياً بتنحيه ورحيله. لم يتبدد هذا الشرط، لكنه فقد معناه الذي دافع عنه الروس، وما تغيّر أن موسكو صارت أكثر انفتاحاً على البحث في تفاصيل صيغة الانتقال استناداً إلى «الائتلاف الوطني السوري» الذي يبدو أكثر مرونة من «المجلس الوطني» في استيعاب المنشقّين أو حتى جهات وأشخاص من «معارضة الداخل»، وبالتالي إلى «الحكومة الموقتة» التي يشكلها «الائتلاف». ورغم أن الروس لم يكونوا ممثَّلين في اللقاء الدولي الذي شهد ولادة القيادة العسكرية الموحّدة في أنطاليا (تركيا) إلا أنهم لم يكونوا بمعزل تام عن هذا اللقاء. وصحيح أنهم رفضوا مجدداً تلبية الدعوة إلى حضور مؤتمر مراكش لمجموعة «أصدقاء سورية» في مراكش، إلا أن محادثات جنيف (الأخضر الإبراهيمي مع نائبي وزيري الخارجية الأميركي والروسي) غداة اجتماع دبلن (هيلاري كلينتون وسيرغي لافروف مع الإبراهيمي) كانت في جانب كبير منها تحضيراً للموقف الأميركي في مراكش في ضوء تفاهمات مع الروس تأخذ في الاعتبار اقتراح الإبراهيمي إرسال «قوات لحفظ السلام». وإذ اختصر المبعوث الدولي-العربي الموقف بأن الدولتين الكبريين تبحثان عن «تسوية» في سورية فإن هذه لا تعني بأي حال «تسوية» مع الأسد بمقدار ما يمكن أن تركّز على برمجة المرحلة الانتقالية لوضع الأسد أمام الأمر الواقع الدولي. أدرك الأميركيون أن عليهم مساعدة الروس على تجاوز «عقدة الأسد» طالما أنهم صاروا مقتنعين باستحالة التسوية معه، وفي المقابل أدرك الروس أن عليهم مساعدة الأميركيين على تجاوز «عقدة المعارضة» الرافضة أيَّ تفاوض مع الأسد أو بوجوده طالما أن المعارضة ستحقق هدفها عملياً. لم يعد وارداً بقاء بشار إلى نهاية ولايته، ولا إبداؤه أي رأي في ترتيبات المرحلة الانتقالية بعدما مُنح فرصاً كثيرة في هذا المجال لم يبالِ باستغلالها. لكن ثمة عُقداً عدة لا تزال قيد البحث في ما يتعلّق بالأجهزة الأمنية التي تُدار جميعاً بواسطة ضباط علويين، ولا بدّ من إجراءات فورية لإعادة توجيه عملها قبل إعادة هيكلتها. والفكرة التي باتت ملحّة حالياً هي إلى أي حدّ يمكن الاعتماد على «قوات حفظ السلام»؟ وهل تكفي وحدها لضبط الوضع غداة السقوط، على أن يسلّحها مجلس الأمن بصلاحيات؟ وهل تكون هي «التدخل الخارجي» الذي كثرت مؤشراته أخيراً؟ الأكيد أنها لن تُنشر في توقيت قد يُفهم بأنه يهدف إلى حماية النظام أو فلوله، فهذا لم يعد خياراً، لكنها قد تهتم خصوصاً بتأمين مناطق الأقليات وبتحقيق الربط بين جيش المعارضة والجيش المحسوب حالياً على النظام ولا يشارك فعلياً في الصراع. ما الذي يمكن أن يهمّ بشار الأسد في اللحظات الأخيرة لنظامه إذا كان جاداً في رفضه الرحيل إلى خارج سورية؟ ولماذا يواصل القتل والقتال رغم اتضاح خسارته؟ وهل يلوّح بالسلاح الكيماوي للردع أم لاستهلاك انتقامه من الشعب إلى أقصاه، أم لاستدراج القوى الدولية الى صفقة أخيرة معه؟ لا بدّ أنه يبحث عن مَخرج له ولضباطه، ولا بدّ أنه طرح مسألة إيجاد «وضع خاص» مع ضمانات دولية للمنطقة الساحلية التي سينكفئون اليها بأسلحتهم، على أن يُصار لاحقاً إلى تطوير هذا الوضع لتثبيته كـ «كيان ذاتي» أو «دويلة». إنه يراهن على تشظي سورية إلى كيانات وأقاليم، ويرفده في ذلك الأكراد الذين يطالبون بـ «الفيديرالية». نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسد وما بعده «الكيماوي» لابتزاز ضمانات لكيان عَلَوي الأسد وما بعده «الكيماوي» لابتزاز ضمانات لكيان عَلَوي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab