بل لماذا يردّ على الغارات الإسرائيلية

... بل لماذا يردّ على الغارات الإسرائيلية؟

... بل لماذا يردّ على الغارات الإسرائيلية؟

 العرب اليوم -
بقلم - حسام عيتاني

صار مستهلكاً التساؤل الذي يعقب الغارات الإسرائيلية الأسبوعية على الأراضي السورية: لماذا يمتنع النظام السوري عن الرد؟
والحال أنه لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن تقصف الطائرات الإسرائيلية مواقع مختلفة أكثرها يشغله «الحرس الثوري» الإيراني أو الميليشيات اللبنانية والعراقية العاملة في إمرته. تتسع خريطة القصف لتصل إلى حلب ومطارها شمالاً والمناطق المتاخمة لمرتفعات الجولان المحتلة جنوباً. وتستخدم إسرائيل ترسانة متنوعة من الصواريخ بعيدة المدى والدقيقة و«الذكية» وغير ذك من المصطلحات، بحيث تبقى الطائرات المهاجمة بعيدة في الأجواء اللبنانية أو فوق البحر في غالب الأحيان. وتتبع الحكومة الإسرائيلية سياسة الاعتراف من وراء حجاب بحيث تنشر تفاصيل الغارات بأقلام صحافيين غربيين أو مصادر مجهولة.
التلويح بالردّ «في المكان والزمان المناسبين» الذي كانت تستخدمه القيادة السورية بُعيْد الغارات الأولى سنة 2012، تخلت عنه لاحقاً بعدما تحول الوعيد إلى مادة استهزاء الأصدقاء والخصوم. وافتقار الجانب السوري إلى الحماسة للانتقام من إذلاله الدائم، لم يكن سراً. ولم تزد صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية وتراً جديداً إلى العود عندما أعلنت أن الرئيس بشار الأسد حظر على القائد السابق لـ«فيلق القدس» قاسم سليماني، شن هجمات على إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية، وأن الأسد أبلغ خليفة سليماني، الجنرال إسماعيل قاآني بالأمر ذاته.
وزادت زميلة «هآرتس»، صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الأسد طالب الروس بالضغط على الإسرائيليين للامتناع عن قصف منشآت سورية حيوية على غرار مطاري دمشق وحلب اللذين يتعرضان لهجمات إسرائيلية ما إن تقترب من أي منهما طائرة إيرانية يظن الإسرائيليون أنها تحمل أسلحة لجماعة «حزب الله» اللبنانية. وقالت إن إسرائيل أكدت للأسد أنها لا ترمي إلى إضعاف نظامه أو جيشه وأنه غير معني بالعمليات العسكرية الإسرائيلية الموجهة ضد المصالح الإيرانية حتى لو أُصيبت بعض المواقع السورية على الرغم من أن ذلك يمثل إحراجاً للسلطات السورية أمام مواطنيها ومسّاً بصورتها في «محور المقاومة». الشك في صدق المصادر الإسرائيلية مشروع، لكن دعاة الإنصات إلى ما تقوله «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» هم رموز الممانعة وزعماؤها الذين يكررون تقديرهم للصحف الإسرائيلية صباح مساء.
واحد من تفسيرات الرفض السوري لاتخاذ خطوات تزيد على إطلاق صواريخ الدفاع الجوي ضد «الأهداف المعادية» في أثناء الغارات الإسرائيلية، يعود إلى نظرة الحكم في دمشق إلى مجمل الصراع العربي - الإسرائيلي وما يعنيه استمرار احتلال إسرائيل للجولان، ذاك أن النظام السوري يتبنى منذ هزيمة 1967 تفسيراً وظيفياً. فما عدّته سلطة «البعث» في أعقاب وقف إطلاق النار في تلك الحرب وخسارتها الجولان، انتصاراً لأنه لم يؤدِّ إلى «سقوط النظام التقدمي في دمشق» ما زال مسيطراً على تفكير القيادة الحالية بعد 55 سنة من احتلال إسرائيل لمحافظة سورية كاملة: المهم في هذا الصراع هو مدى تأثيره على النظام القائم وسلطته وعلى استقرار الفئات الحاكمة وامتيازاتها.
هذا ما يفسر رفض الأسد أي عمل إيراني ضد إسرائيل على الرغم من الخسائر الإيرانية المادية والبشرية جراء الضربات الإسرائيلية. فالتصعيد الميداني ضد عدو متفوق لن يمر من دون هجمات مقابلة تفاقم حال الاضطراب والتهالك التي يعاني منها الحكم في سوريا بعد أكثر من عقد شهد دماراً خرافياً واعياً ومنهجياً للعمران السوري، بمعاني الكلمة كافة.
قراءة مذكرات المسؤولين الأميركيين الذين فاوضوا دمشق من أجل التوصل إلى سلام مع إسرائيل، تقارب هذا الرأي بوصفه بدهيةً لا تتطلب نقاشاً، وآخرها كتاب الدبلوماسي الأميركي فريدريك هوف «بلوغ المرتفعات» الصادر قبل شهور قليلة. المهم، من وجهة نظر الأسدين، حافظ وبشار، هو ضمان بقاء النظام والدور الذي يؤديه في محيطه والمكاسب التي يجنيها من أي خطوة. السلام أو استمرار حالة الحرب (من دون مفاعيلها) تفاصيل في سياق أعرض هو البقاء.
وليس من فاعل في سياسة المنطقة إلا ويدرك هذه الحقائق. وليس من عاقل يرى الغارات الإسرائيلية التي تستدرج «ردوداً غاضبة» من الحكم في سوريا، إلا ويعرف أن الأمر لن يتجاوز الكلام مهما بلغ عمق الإهانة كإخراج مطار دمشق الدولي من الخدمة المرة تلو المرة.
المجتمع السوري منهك وجريح ويكاد لا يعثر على قوته. والدول العربية ضجرت من ألاعيب حكام دمشق. فيما المستثمرون في الصراع مع إسرائيل قادرون على العثور على ساحات قريبة وبعيدة، كقاعدة التنف الأميركية أو الحدود اللبنانية أو طاولة المفاوضات في فيينا، لتوجيه الرسائل التي تهمهم وزيادة أعداد الطائرات التي تنقل السلاح إلى الميليشيات الحليفة.
فلماذا يتكلف الأسد عناء الرد؟

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 بل لماذا يردّ على الغارات الإسرائيلية  بل لماذا يردّ على الغارات الإسرائيلية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab