إيران قطار المكافآت إلى أفريقيا

إيران: قطار المكافآت إلى أفريقيا

إيران: قطار المكافآت إلى أفريقيا

 العرب اليوم -

إيران قطار المكافآت إلى أفريقيا

بقلم : أمير طاهري

 

تخيل أن بحوزتك ما بين 3 و5 مليارات دولار لإنفاقها على البحث عن عملاء لمنتجك داخل مجموعة متنوعة من الأسواق. أمر لا بأس به، أليس كذلك؟! والآن، ماذا يحدث عندما تسفر أحداث تتجاوز نطاق معرفتك، فجأة عن إغلاق هذه الأسواق بوجهك؟ أحد الحلول المتاحة محاولة تطوير منتجات جديدة قادرة على إحراز تقدم داخل أسواق مختلفة. ويتمثل حل آخر في البحث عن أسواق جديدة للمنتج القديم. هذه تحديداً المعضلة التي يواجهها الذين يحكمون طهران اليوم.

وبفضل الراحل يحيى السنوار الذي فتح أبواب الجحيم في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقدت طهران التي أعلنت نفسها جهة تصدير للثورة، أسواقها ليس فقط داخل غزة والضفة الغربية، لكن كذلك في لبنان والعراق. بعد ذلك، جاء دور أحمد الشرع غير المعروف آنذاك، ليشق طريقه إلى دمشق ويجبر بائعي الثورة على الفرار للاختباء. بعد ذلك، فقد المنتج الخميني حصته في السوق العراقية، وجزءاً من سوق اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون.

من جهته، وصف المرشد علي خامنئي، الأشهر الاثني عشر الماضية بأنها «عام من الانتصارات للمقاومة الإسلامية بقيادة حكومته». ومع ذلك، لا يتفق معه بعض مساعديه. من ناحيته، قال العميد محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، إنه لا ينبغي لأحد أن ينكر «النكسات» التي عانت منها مختلف جنبات الشرق الأوسط. أما نصيحته لطهران، فهي أن تبحث عن «ساحات معارك» جديدة؛ أي أسواق للترويج لمنتجاتها الثورية.

والسؤال هنا: إلى أين تذهب؟ بالتأكيد لن تبسط أي دولة في الشرق الأوسط السجادة الحمراء لوفد إيراني قادم لإثارة الثورة. وفي أوروبا، حتى أولئك الذين سعوا ذات يوم إلى الاتصال بحكام إيران، أصبحوا اليوم يتجنبونهم بازدراء. ولا أحد في آسيا يعرب عن اهتمامه بالسعي إلى الحصول على تعليمات ثورية من طهران. وحتى الأنظمة في أميركا اللاتينية التي قدمت نفسها باعتبارها حلفاء، ولو في مقابل أكوام من المال من إيران، لا تبدي أي حماسة تجاه استقبال الضيوف الإيرانيين في هذا الوقت. أما تصدير الثورة إلى القارة القطبية الجنوبية أو القطب الشمالي، فأمر غير وارد.

وهذا يترك لنا أفريقيا التي اختارها وزير الخارجية عباس عراقجي، باعتبارها مركزاً مستقبلياً للقوة العالمية. إلا أنه حتى هناك، فإن السوق التي تسعى طهران إلى تصدير الثورة إليها ليست باتساع القارة. بادئ ذي بدء، مصر مستبعدة، وبخاصة أنه يصعب على الملالي تجاهل «فتوى» الخميني الراحل التي تحرم إقامة علاقات دبلوماسية مع مصر، بسبب اتفاقية «كامب ديفيد للسلام».

وليبيا هي الأخرى خارج الدائرة الإيرانية؛ لأن السلطتين اللتين تتنافسان على السلطة هناك تنظران إلى طهران باعتبارها مصدر قلق، وليست يداً مساعدة. ومن منظور طهران، فإن تونس قد قطعت شوطاً طويلاً في التغريب إلى الحد الذي يجعلها غير قادرة على تقبل عقيدة «الحجاب وقطع الأيدي والرجم حتى الموت».

في تسعينات القرن العشرين، حاولت طهران التدخل في الحرب الأهلية الجزائرية عبر مساعدة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». ومع ذلك، أخفقت في إقامة روابط موثوقة مع الجماعات المتمردة داخل الجزائر. أما المغرب، فتنظر إليه طهران باعتباره قوة عصيان تستعصي على الكسر. وعلى النقيض، أبقت موريتانيا التي تطلق على نفسها كذلك اسم «الجمهورية الإسلامية»، أبوابها مفتوحة أمام الإيرانيين لفترة من الوقت، لكنها لم تسمح لهم قَطّ بإثارة الفتنة أو التبشير بنسختهم من الإسلام داخل حدودها. وفي ما يتعلق بالسودان، فقد ظل لمدة نحو عقد في عهد الرئيس عمر البشير وحليفه السابق حسن الترابي، أرضاً رحبة أمام حكام طهران.

ومع ذلك، نجد أن اليوم لا تبدي أي من الدول المذكورة أعلاه ترحيباً تجاه طهران. وأقدمت بعض الدول على تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتسعى إلى إقامة علاقات أوثق مع الديمقراطيات الغربية. تفضل دول أخرى تركيز طاقاتها على التنمية الاقتصادية، بدلاً من المناورات «المناهضة للإمبريالية». ويخشى آخرون أن تحمل الخمينية معها بذور الانشقاق الديني.

وفي الجزء الجنوبي من القارة الأفريقية، ساءت العلاقات مع زيمبابوي عندما زار خامنئي، رئيس الجمهورية الإسلامية آنذاك، هراري وتشاجر مع المسؤولين هناك، وظلت هراري واحدة من الأهداف الأولى لما تسميه طهران «الانفتاح على أفريقيا». وقد زارت عدة فرق سياسية واقتصادية وأمنية بالفعل هراري، لتمهيد الساحة أمام جولة كبرى في أفريقيا للرئيس مسعود بزشكيان. وفي الوقت نفسه، أرسل عراقجي بالفعل وفوداً إلى غرب أفريقيا، حيث قطعت عدة دول أو خفضت علاقاتها مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وطردت المستشارين العسكريين الفرنسيين والأميركيين، واستبدلت بهم عناصر روسية من «فيلق أفريقيا» الروسي الذي جرى إنشاؤه حديثاً.

وفي الإطار ذاته، زار قاليباف إثيوبيا في إطار خطة لبناء ملف دبلوماسي، على أمل اقتحام معترك السباق الرئاسي في طهران للمرة الرابعة. أما الهدف الكبير فكان نيجيريا، حيث تزعم طهران أن وكلاءها بقيادة الشيخ إبراهيم الزكزاكي حولوا أكثر من 20 مليون شخص إلى المذهب الاثني عشري على مدى العقود الماضية بتكلفة منخفضة لم تتجاوز مليار دولار.

وتأمل طهران أن تعمل كمساعد لحليفتيها العملاقتين الصين وروسيا اللتين وقع اختيارهما على أفريقيا، باعتبارها ساحة المعركة المستقبلية ضد الهيمنة الغربية. إلا أن المشكلة تكمن في أن طهران تحاول دخول اللعبة في وقت تخسر فيه كل من بكين وموسكو الأرض في أفريقيا لأسباب متنوعة، في حين تحاول العديد من «النمور» الأفريقية الناشئة، ولا سيما السنغال وغانا، تبني النموذج الغربي للديمقراطية الرأسمالية، بدلاً من النماذج التي تطرحها روسيا والصين، ناهيك بالجمهورية الخمينية.

وعلى امتداد قرابة ثلاثة عقود، أنفقت طهران أكثر من 30 مليار دولار على تصدير التطور، وانتهى بها الأمر خالية الوفاض. في هذه العملية، جنى مئات الأفراد، بمن فيهم الجنرال الراحل قاسم سليماني ورفاقه مثل حسن نصر الله وبشار الأسد، مبالغ ضخمة من المال. اليوم، نعاين جهوداً جديدة لإبقاء قطار المكافآت والأرباح المالية على مساره، وهذه المرة مع توجيهه نحو أفريقيا.

arabstoday

GMT 20:03 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

من روائع أبي الطيب (27)

GMT 18:40 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

هل المقصود غزة.. أم الضفة؟!

GMT 11:31 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

رحلة الإنسان .. نسيان وغفران

GMT 11:23 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

عن قمة باريس للذكاء الاصطناعي

GMT 11:21 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

السياسة الحمائية والاقتصاد الأميركي

GMT 11:18 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

عمر عثمان محسن عبقري الرياضيات المصري

GMT 06:51 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

عالم مزنَّر بالانفجارات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران قطار المكافآت إلى أفريقيا إيران قطار المكافآت إلى أفريقيا



GMT 11:22 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

خطاب إلى وزير الداخلية!

GMT 14:52 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

برشلونة يعلن رسميًا تمديد عقد كوبارسي حتى 2029

GMT 11:03 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

أسيل عمران بإطلالات راقية تلفت الأنظار

GMT 02:39 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

سماع دوي أصوات انفجارات في العاصمة كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab