أمة اختارت الفشل والموت سبيلاً

أمة اختارت الفشل والموت سبيلاً

أمة اختارت الفشل والموت سبيلاً

 العرب اليوم -

أمة اختارت الفشل والموت سبيلاً

جهاد الخازن

 نحن أمة من الصعاليك. كل شعوب العالم أحسن منا. ماذا بقي من أمة يموت منها الطفل وأمه غرقاً في البحر أو اختناقاً في شاحنة مغلقة؟ أحد أشهر صعاليك العرب السُّلَيْك ابن السلكة قتِل وقالت أمه: طاف يبغي نجوة/ من هلاك فهلك. وبعده: ليت شعري ضلّة/ أي شيء قتلك.

كان السليك رجلاً واحداً، ونحن اليوم نهلك بالعشرات وبالمئات... وبالجملة. ما حلمت يوماً أن يروح السوريون طعاماً للسمك، وأن أرى صور أطفال غرقى وأهل ينتحبون. سورية بلد الخير والجمال، أنهار وسهول وبعض النفط وأحد أذكى شعوب العالم كله. اليوم السوري يموت هرباً مما كان يُعتبَر جنّة الله على أرضه. هو علق بين مطرقة الإرهاب وسندان النظام، وظلم ذوي القربى. أربعة ملايين سوري في لبنان والأردن والعراق وتركيا، ومليون صغير سوري من دون تعليم.

يتحدثون عن «دولة فاشلة». نحن أمة فاشلة، أمة لا تتقن غير الفشل... والقتل. ثم هناك إرهابيون لا يكتفون بتهديد حاضر الأمة ومستقبلها، وإنما يدمرون آثار ماضيها. حضارة العالم كله بدأت في المشرق العربي ومصر. نحن الذين أرسينا أسس تقدم البشر، وتقدم الناس جميعاً وتخلفنا عن الركب.

الآثار في العراق وفي تدمر وغيرها صانها الفاتحون العرب 14 قرناً أو أكثر. الفتوحات في زمن نبي الإسلام وخلفائه الراشدين هزمت الدولتين العظميين البيزنطية والفارسية، وحافظت على آثار الماضي. هل هناك اليوم مَنْ هو أكثر إسلاماً من النبي محمد، الذي كتب عهدة لنصارى نجران، أو من الفاروق عمر والعهدة العمرية لنصارى القدس.

نبي الإسلام وخلفاؤه وصحابته وأنصاره لم يدمروا أي آثار، واليوم هناك إرهاب يقتل المسلمين باسم الإسلام، وإن لم يجدهم فقد يقتل نصرانياً أو يسبي طفلة ايزيدية. أتباع الطوائف الأخرى في بلاد المسلمين مستأمنون، فهم إذا لم يحاربوا المسلمين يدفعون الجزية (ضريبة) وتصبح حمايتهم، لا قتلهم، واجباً على المسلمين، سواء أكانوا مسيحيين أو يهوداً أو صابئة أو غير ذلك.

هناك 53 دولة مسلمة في منظمة العالم الاسلامي، كلها يحرّم الرق، ثم أسمع مَنْ ينكر ذلك، فلا أتهمه بالكفر، وإنما أتهمه بالحمق وبالتطرف وبتأييد الإرهاب إلى درجة المشاركة فيه طالما أنه يخترع له الأعذار.

أم السليك بن السلكة قالت: ليت نفسي قُدِّمَت/ للمنايا بدلك. هناك مَنْ يقول: ليتني افتديت السوريين الهاربين من الموت الى الموت بنفسي. إلا أنه كلام لا يغني ولا يشبع من جوع.

السوريون الذين نجوا من البحر ووصلوا الى البر لم يصلوا الى بر السلامة، وأسمع رئيس وزراء هنغاريا فكتور اوربان، وهو محافظ يميني متطرف، يقول إن تدفق المهاجرين قد يجعل الاوروبيين أقلية في بلادهم. هذا مستحيل. في اوروبا اليوم 742 مليون نسمة، ولو بلغ عدد المهاجرين مليوناً لكانوا سُبع واحد في المئة من عدد السكان ولو كانوا خمسة ملايين لبقوا أقل من واحد في المئة.

الأوروبيون أفضل من قادتهم، لذلك قبلت المستشارة انغيلا مركل استضافة لاجئين سوريين، وأعلن رئيس الوزراء ديفيد كامرون أن بريطانيا ستستقبل 20 ألف لاجئ سوري على مدى السنوات الخمس المقبلة.

أصدقائي من سوريين وعراقيين ولبنانيين وغيرهم لم يخذلوا الأمة. الأمة خذلتهم. كل منا حاول، وبعضنا نجح كثيراً وبعضنا نجح قليلاً، وكان هناك مَنْ فشل. إلا أن الجميع حاول. غير أننا من أمة لا تريد الحياة. هي أمة اختارت الموت سبيلاً. الأمة التي اخترعت الصفر أصبحت صفراً بين الأمم.

أذكر أيام كان أبناء جيلي يحلمون بالوحدة. اليوم كوابيس التمزق تمنعنا من النوم، وغداً يوم آخر، وسوريون آخرون يلتهمهم البحر.

arabstoday

GMT 18:01 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

تفجيرات حافلات تل أبيب.. فتش عن المستفيد!

GMT 18:00 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

غروب الإمبراطورية الأمريكية!

GMT 17:59 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

8 دروس فى قمة الأهلى والزمالك

GMT 07:31 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

جيمس قبل ترمب

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 07:26 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أكاذيب

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمة اختارت الفشل والموت سبيلاً أمة اختارت الفشل والموت سبيلاً



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab