النووي الإيراني مشروع وهمي هدفه السيطرة التقليدية

النووي الإيراني: مشروع وهمي هدفه السيطرة التقليدية

النووي الإيراني: مشروع وهمي هدفه السيطرة التقليدية

 العرب اليوم -

النووي الإيراني مشروع وهمي هدفه السيطرة التقليدية

مأمون فندي

في الحديث عن الاتفاق النووي الإيراني، لا بد من الحديث عن مسارين مختلفين، المسار الأول - والمهم للدول العربية التي تقع في مجال التهديد الإيراني - هو الحديث عن إيران كمصدر تهديد تقليدي، أي بعيدا عن أي تهديد نووي، إذ تشكل إيران تهديدا من خلال استخدام القوة التقليدية والأسلحة التقليدية (conventional threat)، فإيران لم تهدد العراق وتحتله نوويا، ولم تسيطر على مفاصل القوة في لبنان نوويا، ولم تحتل صنعاء أو دمشق نوويا، ولم تهدد استقرار البحرين نوويا.
وبهذا يكون حديث العرب عن التهديد النووي الإيراني، هو قفزا فوق الواقع والجنوح إلى عالم الخيال. المسار الأول التقليدي والذي ينظر إلى إيران كتهديد تقليدي هو ما يهم العرب.
المسار الثاني والمتمثل في الحديث عن إيران كتهديد نووي، هو شاغل إسرائيل والغرب، ويجب أن لا يكون شاغلنا، فإيران لا تستطيع أن تحقق أكثر مما حققته من نفوذ في منطقتنا لو حصلت على القنبلة، ولكن إيران في استراتيجيتها التفاوضية تحاول دمج المسارين، مسار النفوذ التقليدي القائم في العالم العربي والذي يمنح إيران اليد العليا في أربع عواصم عربية، ومسار التهديد النووي الذي يدفع الغرب تدريجيا إلى القبول بالأمر الواقع - أي النفوذ الإيراني في بلاد العرب، مقابل التخلي عن نووي محتمل وليس واقعا. إذن النووي في حد ذاته ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق غاية تتمثل في اعتراف الغرب، وخصوصا أميركا، بالواقع الإيراني على الأرض، وما تقوم به إيران هنا هو صفحة من كتاب المستوطنات الإسرائيلي، ولكن على مستوى إقليمي أوسع.
وهنا يجب أن تكون دعوة العرب بتفكيك المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين مصحوبة بدعوة تفكيك المستوطنات الإيرانية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
النووي الإيراني بلغة الشارع البسيطة بضاعة محملة، أي أن تذهب إلى بقالة لتشتري علبة سجائر فيقول لك البائع مفيش فكه، ولكن خذ بالباقي كبريت، أو قداحة، أو علكة، إلى آخر هذه الإضافات. إيران ستحمل الاتفاق النووي مع الغرب علكة حزب الله وولاعة العراق وعلبة مناديل اليمن وكبريت سوريا؛ لأن إيران معندهاش فكه، وأقول أيضا معندهاش نووي في حقيقة الأمر. أقصد أن مفاوضات إيران التي تسمى زورا مفاوضات نووية مع مجموعة 5+1 هي في الحقيقية مفاوضات على الاعتراف بنفوذ إيران التقليدي الجديد في المنطقة.
ما الذي تبقى في منطقتنا كي تأخذه إيران النووية الذي لم تأخذه إيران ذات الأسلحة التقليدية؟ هي الآن تسيطر على العراق مرورا بسوريا والبحرين واليمن وصولا إلى لبنان، الهلال الشيعي أصبح بدرا.
الجديد هو ما سميته في مقال سابق بهذه الصحيفة بـ«الهلال الشيعي البحري».
أي عندما تحكم جماعة الحوثي سيطرتها على مضيق باب المندب، فمعنى ذلك أن إيران تحكمت في المضايق الأساسية في المياه الإقليمية، وأصبحت لها اليد العليا في «الماراتيم» الخاص بالمنطقة، فسيطرة إيران على مضيق هرمز في الخليج العربي، لو امتد إلى سيطرة لها في باب المندب، لدخل مستقبل نقل الطاقة في ورطة عالمية كبرى قد تشعل المنطقة برمتها، هذا الإحكام على المضايق من هرمز إلى باب المندب، سيؤدي بالضرورة إلى مواجهة بحرية بين إيران والأسطول الخامس. أليس غلق باب المندب كان سببا رئيسيا في الحرب المصرية الإسرائيلية عام 1967؟ إلى أين تأخذنا إيران النووية والذي لم تأخذنا إليه إيران التقليدية؟
على العرب أن يدركوا أن المفاوضات النووية هي وهم أو فيل أبيض، أو على الأقل المسار النووي في المفاوضات هو مسار وهمي بالنسبة لإيران، وأن المسار الحقيقي هو النفوذ التقليدي. ويجب علينا أن نرى الأمور كذلك.
لو كان الأمر بيدي لقلت بفصل المسارات كما قال بوش الأب في حرب العراق في عبارته الشهيرة no linkage أي لا يوجد ارتباط، ويجب أن لا يكون هناك ارتباط بين ملف إيران النووي ونفوذها بالمنطقة.
يجب علينا كعرب ألا ننشغل بتاتا بالخطر النووي الإيراني وننشغل كل الانشغال بالخطر الإيراني التقليدي.
لك أن تتخيل أن إيران قامت بكل هذا، وهي تحت حصار اقتصادي وعزلة سياسية جعلت من إيران كجمل أجرب في عالم العلاقات الدولية، ترى ماذا تفعل بنا إيران بعد فك الحصار الاقتصادي عندما تبيع بترولها وبترول غيرها؛ من العراق إلى اليمن إلى ليبيا في السوق؟! هل تحتل واحدة من الدول العربية الكبرى؟ ترى بعد أن تعبث إيران بأسعار النفط لتصل إلى ما دون أربعين دولارا، من الذي سيكون تحت الحصار الاقتصادي: إيران أم دول الخليج؟ السيناريوهات مخيفة وأتمنى أن نجرب سيناريوهات افتراضية (simulations) ليدركوا حجم الخطر القادم والداهم.
إني أرى بساطة مخيفة في سقوطنا في فخ النووي الإيراني، الذي لا يخصنا ونترك ما يخصنا من تهديد تقليدي.
آن الأوان أن نفكر بجدية عن الحقيقة والغش في موضوع النووي الإيراني، فهو صراع وهمي لا ناقة لنا فيه ولا جمل، هو فقط مشروع مزور لتمرير صفقة مفادها وضع الخليج تحت السيطرة الإيرانية.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النووي الإيراني مشروع وهمي هدفه السيطرة التقليدية النووي الإيراني مشروع وهمي هدفه السيطرة التقليدية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab