الرئيس والأمير

الرئيس والأمير

الرئيس والأمير

 العرب اليوم -

الرئيس والأمير

بقلم: مأمون فندي

تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي إلى واشنطن، في مرحلة دقيقة من العلاقات الأميركية السعودية، وفي سياق أوسع من علاقات عربية أميركية معقدة بملفاتها المختلفة من سوريا إلى إيران إلى اليمن، وفوق كل هذا، التحول الداخلي الذي تمر به المملكة مستلهما رؤية السعودية في التحول الاقتصادي التي عرفت بـ«الرؤية 2030». لقد ناشدت الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية من صندوق النقد الدولي إلى البنك الدولي، الاقتصاديات الناشئة بالتحول لتقليل نسب الفقر وزيادة دخل الطبقات البسيطة من خلال نقل الاقتصاد من العمالة العادية إلى بنى جديدة ترفع مستوى المعيشة من خلال تغيير المحركات الاقتصادية في المجتمع، ولكن المؤسسات الدولية فوجئت بهذا التحول الكبير، الذي تمر به المملكة من دوافع اقتصادية داخلية للخروج من الاقتصاد الريعي للنفط إلى اقتصاد ما بعد النفط.

 هذه الخطوة الجريئة التي أصبحت علامة مميزة لحقبة الملك سلمان ينتظر العالم نتائجها لما لها من تبعات على التحول الاقتصادي في العالم الثالث. التحولات الاقتصادية الكبرى تشبه طائرة في السماء تسير من عاصمة إلى أخرى، ولكن دائما هناك مطبات هوائية في الطريق، تصل الطائرة بسلام، ولكن قراءة المطبات على أنها كل الرحلة فيها سوء فهم كبير. نهاية الرحلة هي محل متابعة الولايات المتحدة والعالم لما يحدث في المملكة من تحولات كبرى، وهذا يأخذ حيزا كبيرا من زيارة أمير صاعد إلى رئيس في الأفول أو في نهاية مدته.واشنطن ليست الرئيس، ولكنها مؤسسات قديمة وراسخة في التعامل مع العلاقات الدولية للولايات المتحدة.وتنظر واشنطن للأمير محمد بن سلمان على أنه ممثل لمملكة ذات ثقل ثقافي من خلال كونها قبلة مليار مسلم في العالم، مملكة ذات ثقل اقتصادي ودولة أساسية في مجموعة العشرين ولاعب رئيسي في سياسات النفط العالمية، كما أنها الآن تتبوأ موقعا متقدما في قيادة ما تبقى من العالم العربي من دول مستقرة في محيط سمته الأساسية الاضطراب السياسي والصراع الممتد.حديث وزير الخارجية السعودي عن العلاقات السعودية الأميركية وتعريفه لنتائج الزيارة بالمثمرة، يوحي بأن العلاقات السعودية الأميركية ما زالت استراتيجية، وتسير على خطوطها الرئيسية رغم كل ما يكتب في الصحافة الأميركية من توجس عن تغيرات تشوب تلك العلاقات التاريخية.وحديث الوزير السعودي عن تقارب الرؤية الأميركية مع نظيرتها السعودية حول الملف السوري، يوحي بإنجاز قد حدث في هذه الزيارة قد تكشف الأيام ملامحه.ما من شك أن أي زيارة سعودية لواشنطن من قبل قادة المملكة تحظى باهتمام كبير؛ فالعلاقات السعودية الأميركية تكتسب أهمية خاصة في مواجهة الإرهاب الذي يضرب في المنطقة، وقد يستمر أعواما، والتنسيق بين الدولتين ضروري لمواجهة أهم أخطار تواجه الاستقرار في المنطقة.أما الأزمتان السورية واليمنية فهما رغم اختلاف طبيعة الصراع، إلا أنهما تحديان يستوجبان التعاون بين البلدين؛ لأنهما مرتبطتان أيضا بالقضية الأولى الخاصة بتحديات الإرهاب متمثلا في «داعش» والقاعدة والجماعات المتطرفة بصورها المختلفة.لا شك أن العلاقة بين قوة عالمية مثل الولايات المتحدة وقوة إقليمية مثل المملكة العربية السعودية يتخللها كثير من التباين، فكما أن هناك مساحات اتفاق كبيرة أيضا هناك مساحات اختلاف. ومساحات الاختلاف ليست مساحات خلاف، بل هي تأتي نتيجة طبيعية لاختلاف المنظور؛ فالقوة العالمية العظمى تنظر لمنطقتنا منظور سياساتها العالمية، منظور أشمل وأكثر تعقيدا، أما القوة الإقليمية فتنظر من منظور الجوار القريب وتأثيره في استقرارها واستقرار حلفائها.تصرفت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان في قضية اليمن، مثلا، من معطياتها المحلية، ورغم التحفظات الأميركية، فإن المملكة تحركت باستقلالية عن حليفها الاستراتيجي؛ لأن النار قريبة من الدار.

هذا نوع من الاختلاف الذي تستوعبه علاقة استراتيجية بحجم علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأميركية. خلاف مفهوم، وأعتقد أن مقابلة الأمير محمد بن سلمان مع وزير الدفاع الأميركي عكست قدرة الدولتين على تجاوز الاختلاف وتوسيع مساحات الاتفاق.زيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن في نهاية عهد وبداية عهد جديد في الولايات المتحدة مهمة لإرساء المبادئ الاستراتيجية الحاكمة لعلاقة البلدين. لقاء الرئيس والأمير يأتي في ظروف عالمية وإقليمية صعبة، ومن هنا يكتسب أهمية خاصة؛ لما ينعكس على قضايا حساسة في الإقليم، وخصوصا الدور الإيراني في المنطقة وتبعاته على جوار المملكة من البحرين للعراق إلى سوريا واليمن ولبنان. كل هذه الملفات على حدة تتطلب متابعة من الفنيين في الجانبين، ولكن لقاء الرئيس والأمير رسم الملامح الأولية لحوار استراتيجي بين الدولتين في تلك القضايا الجوهرية.علاقة أميركا بالسعودية استراتيجية بلا شك، وترى واشنطن المملكة على أنها حجر زاوية في الاستقرار الإقليمي ودولة محورية، ليس فقط في الأمن الإقليمي، ولكن في أمن الطاقة أيضا.تعدد الزيارات بين المملكة وأميركا منذ بداية عهد الملك سلمان بن عبد العزيز يوحي بأن هذه العلاقة تكتسب زخما أكبر، وزيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن تأتي لتؤكد أهمية العلاقة ونوعية زخمها الجديد.

arabstoday

GMT 00:04 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

هل ينقسم الحزب الديمقراطي؟

GMT 00:09 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إعادة إعمار العقول والقلوب

GMT 00:09 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 00:01 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

البطيخة: العنصرية والمقاومة

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

الكويت: بين المشروع وإعادة النظر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس والأمير الرئيس والأمير



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab