هل تنجح استراتيجية ترمب

هل تنجح استراتيجية ترمب؟

هل تنجح استراتيجية ترمب؟

 العرب اليوم -

هل تنجح استراتيجية ترمب

بقلم : مأمون فندي

ما الفارق الجوهري بين استراتيجية الرئيس الحالي دونالد ترمب تجاه إيران، واستراتيجية الرئيس السابق باراك أوباما؟ وما هي تبعاتها عالمياً وإقليمياً؟ وهل ترمب بالفعل قادر على تمزيق الاتفاق كما ادعى أثناء حملته الانتخابية، أم أن للسياسة حدوداً تفرضها حتى ما يظن البعض أنه أقوى رجل في العالم؟

الفارق الجوهري كما أراه يتلخص في كلمة واحدة استخدمها الرئيس بوش الأب عندما حاول صدام حسين ربط غزو الكويت بالقضية الفلسطينية، يومها قال بوش الأب (no linkage) لا يمكن ربط الاثنين ببعضهما بعضاً، وتلك كانت استراتيجية أوباما تجاه إيران بمعنى أنه لم يربط الملف النووي الإيراني بالسياسة الإيرانية في المنطقة. تعامل أوباما ومجموعة خمسة زائد واحد مع الملف النووي الإيراني بشكل فني (technical) لمنع إيران من الحصول على القنبلة بغض النظر عن الشق السياسي لسلوك إيران في منطقة الشرق الأوسط. لا رابط بين سياسة إيران وملفها النووي، تلك كانت سياسة أوباما والتي من زاوية نظر الإدارة والأوروبيين أنها كانت سياسة ناجحة.

استراتيجية دونالد ترمب كما سمعناها يوم الجمعة الماضي 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 هي خلط السياسي بالفني، وخلط الملف النووي بسلوك إيران السياسي في سوريا والعراق واليمن وكذلك الدور التخريبي للحرس الثوري. بدأ ترمب رسم ملامح استراتيجيته بلائحة اتهام لإيران بداية من الاعتداء على السفارة الأميركية في طهران في بداية الثورة الإيرانية عام 1979، مروراً ببيروت والخبر حتى أحداث 11 سبتمبر (أيلول) وإيواء عناصر «القاعدة». أياً كان موقفك تجاه دونالد ترمب فلن يكون بمقدورك إلا الإعجاب بطريقة عرض لائحة الاتهام والطريقة المكتوبة بها، حيث جاءت مقنعة للمواطن الأميركي أولاً ولبقية العالم أيضاً، رغم اختلاف الأوروبيين على طريقة التنفيذ.

بالنسبة للعالم العربي قدم ترمب هديتين في خطابه: الأولى تخص تغيير مسمى الخليج من «الخليج الفارسي»، ذلك المسمى المسيطر في الأدبيات الغربية إلى مسمى «الخليج العربي»، الذي نقول به نحن. الهدية الثانية هي فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني وقياداته، مما وضع الحرس الثوري بكل وضوح على قائمة التنظيمات الإرهابية، وسيكون لهذا تبعات إقليمية سواء كانت في العراق أو في سوريا أو اليمن. ومن هنا ليس من شك في أن استراتيجية ترمب تصبّ في المصلحة العربية على العكس من استراتيجية أوباما.

على المستوى الدولي واضح من رسالة مفوضة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي أن الدول الأوروبية تحذر الولايات المتحدة من مغبة خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، حتى لا تعطي إيران ذريعة لتطوير برنامجها النووي، والحصول على القنبلة وتحويلها إلى دولة مارقة أكثر مما هي عليه الآن؟

أما تبعات استراتيجية ترمب على طهران فهي بكل تأكيد تقوية الجناح المتشدد وإعطاء نظام يتهاوى فرصة جديدة للحياة فنسمع كثيراً عن «هتافات الموت لأميركا»، ويتم تجييش القوى الظلامية لإرهاب الشارع الإيراني. سيستغل الحرس الثوري هذه الفرصة ليتملك من رقبة الشعب الإيراني، ويوسع سلطاته ونفوذه مرة أخرى. إلا إذا قرر ترمب بدلاً من عقاب الحرس الثوري اقتصادياً ومواجهته في حرب حقيقية، وهذا ليس بالأمر الوارد. الحرس الثوري يستطيع أن يتعامل مع كل شيء من وضعه على لائحة الإرهاب، إلى معاقبة قادته اقتصادياً، ولكنه لن يستطيع مواجهة أميركا عسكرياً، وهو يأمن أن ترمب لن يقدم على هذه الخطوة، لأن الحرب ليست من خيارات استراتيجية ترمب الجديدة.

بكل أسف لمن يعرفون واشنطن يمكن القول إن جزءاً كبيراً من حديث ترمب، هو ما يمكن تسميته بـ(beltway fight) أو معركة داخل حدود واشنطن العاصمة.

في حدود التوازن بين الإدارة الأميركية من ناحية والكونغرس الأميركي من ناحية أخرى. فترمب الذي كان يريد تمزيق الاتفاق أيام الانتخابات لا يستطيع حتى تعديله الآن، فقط يعلن لائحة اتهام لإيران لكسب الرأي العام، ويترك الكرة في ملعب الكونغرس.

ترمب أيضاً تحكمه الظروف الدولية. فمسرح آسيا المتمثل في أزمة كوريا الشمالية، وتبعات ذلك على الصين وروسيا واليابان بالنسبة للمحترفين في إدارة ترمب مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون هو أهم من مسرح الشرق الأوسط فيما يخص التهديد المباشر للأمن القومي الأميركي. فإذا كانت هناك مقارنة في الأهمية بين إيران وكوريا الشمالية، فإن كفة كوريا ترجح بكل تأكيد.

استراتيجية ترمب رغم كل ما فيها من أشياء تسعدنا كعرب، فإنها لا تختلف كثيراً عن استراتيجية الاحتواء المزدوج الرئيس الأسبق بيل كلينتون، إلا إذا قرر ترمب بالفعل مواجهة إيران عسكرياً، ولائحة الاتهام التي أعلنها ترمب قد تكون كافية بالنسبة لهذه المواجهة، لكن أغلب الظن أن ترمب ليس لديه لا الرغبة ولا العزيمة لدخول حرب في الشرق الأوسط في ظل التهديد الكوري الشمالي.

ومن هذا المنطلق أرى أن استراتيجية ترمب لن تنجح إلا إذا انتقل إلى الخطوة الثانية، وهي حتمية المواجهة كبديل عن عقوبات ستصب في النهاية في مصلحة إيران، لا في مصلحة أميركا أو الاستقرار في المنطقة.

arabstoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,30 أيار / مايو

إيران بعد رئيسي: "سلسلة فولاذية للقيادة"

GMT 00:30 2023 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

العراق وطهران... أوهام

GMT 00:29 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

السوداني والخليج

GMT 03:56 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

لا تنسَ هذا التاريخ

GMT 06:36 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

المنظومة الجديدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تنجح استراتيجية ترمب هل تنجح استراتيجية ترمب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab