ربيع سلمان

ربيع سلمان

ربيع سلمان

 العرب اليوم -

ربيع سلمان

بقلم : مأمون فندي

هل تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لعهد المملكة العربية السعودية هو قرار مستقل أم جزء من الرؤية الأوسع للملك سلمان بن عبد العزيز لمستقبل المملكة التي تحيط بها حرائق الشرق الأوسط من كل حدب وصوب؟ الإجابة تكمن في قراءة محطات الملك سلمان التاريخية في سياق بناء الدولة السعودية الثالثة، والحفاظ على كيان وتجربة عربية أصيلة في بناء الدولة خارج ما عرف بتفكيك الاستعمار، الذي شكل بنية دول الجوار الباقية.

معرفة أين كان الملك سلمان في تحديات المملكة الكبرى تاريخياً وكيف تعامل معها أو أشار على الملوك السعوديين من أشقائه لتبني سياسات معينة تجاه تلك الأحداث الكبرى

اختيار الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في هذا التوقيت يحتاج إلى قراءة في شخصية وتاريخ الملك ورؤيته في صناعة القرار. ولي العهد السعودي شاب في بداية العقد الرابع من العمر يقود حركة تغيير ضخمة في واحدة من الدول المركزية في منطقة الشرق الأوسط، حيث أكثر من ستين في المائة من سكانها من الشباب. ديموغرافية المملكة الحديثة سبب أساسي في اتخاذ الملك سلمان هذا القرار، قرار يعكس رؤية الملك، القارئ الجيد للتحولات الكبرى عالمياً وإقليمياً ومحلياً. فالديموغرافيا ليس في المملكة وحدها بل في العالم العربي بأسره هي واحدة من أكبر التحديات فيما يعرف بالـ(

ويجب ألا نغفل عن أن تاريخ الملك سلمان بن عبد العزيز، كله الشخصي والعام منه مرتبط برؤيته للحفاظ على الكيان السعودي من التهديدات الخارجية والداخلية. وفي كل التهديدات التي واجهت المملكة من اقتحام جماعة جهيمان للحرم عام 1979 إلى الربيع العربي، كان الملك سلمان بن عبد العزيز أساسياً في إدارة مركب الدولة إلى بر الأمان. <br />وما قام به الأسبوع الفائت من تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد يعكس رؤيته في التعامل مع التهديدات القائمة والمحتملة، وليس مجرد نقلة داخل بيت الحكم السعودي. الملك سلمان بن عبد العزيز يدير تحولات بلده في ربيعه الخاص الذي جنب المملكة اضطرابات الجوار.

بلا شك، الملك سلمان بن عبد العزيز، رجل لديه إحساس خاص بإدارة السلطة (management of power)تعرفت على هذا بشكل مباشر عندما دخلت مكتبه في إمارة الرياض لأول مرة عام 1997 بصحبة الأمير فيصل بن سلمان.

داخل المكتب الطويل تمشي لدقائق حتى تصل الطاولة التي يجلس خلفها الأمير سلمان آنذاك، لا يرفع عينه عن الأوراق التي يوقعها حتى تصل إليه، المكان والرجل ومسافة المشي التي تضطرب فيها ركبتاك إلى أن تصل إليه هو ما يسميه زميلنا في جامعة ييل، جيمس سي سكوت، بمعمار القوة أو السلطة

هذا الإحساس العجيب بالسلطة وإدارتها ومعمارها والحفاظ عليها هي واحدة من أهم سمات الملك سلمان وهي الحاكمة لرؤيته في سياساته منذ توليه العرش حتى اختياره الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد

عندما هبّ الربيع العربي على المنطقة، ذهب الملك (الأمير سلمان حينها) إلى المغرب لمقابلة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وكانت في يده حزمة من السياسات والإجراءات المكتوبة التي تجنب المملكة العربية السعودية تبعات هذا الحريق الذي اندلع في دول الجوار، حزمة من السياسات الاقتصادية التي تبناها الملك عبد الله وطبقها عندما عاد إلى البلاد. زيادات في الرواتب ومشروعات لاستيعاب الشباب السعودي في الاقتصاد. وهكذا كانت هناك استجابة لمطالب الناس ومرونة في التعامل مع القضايا الملحة.

من اقترب من الملك سلمان يدرك أن الرجل يرى في نفسه الحارس الشخصي لتراث الملك عبد العزيز، وأن أمن وسلامة الدولة التي وحدها الملك المؤسس هي أمانة في عنقه لا فكاك منها، حريص على الدولة وسلامة أراضيها واستقرارها وأمنها وتاريخها، ويعرف أيضاً أن دارة الملك عبد العزيز التي تهتم بتاريخ الملك عبد العزيز، وقصة توحيد المملكة هي بالنسبة للملك سلمان لا تقل أهمية عن كرسي الحكم الذي يجلس عليه.

الرجل الذي يقف خلف كل ما نراه من تحولات داخلية في المملكة بإدراك شديد لما يدور خارجها تحكمه رؤية أوسع، جوهرها هو الحفاظ على ما تركه الملك المؤسس من دون نقصان، واستقرار المملكة كركيزة لأمن الإقليم كله. هذه القضايا الخاصة بالاستقرار والتي تبدو نظرية تؤثر في الملك تأثيراً مباشراً حتى في سلوكه الشخصي. فقصة جهيمان والتهديد المباشر للحرم الشريف، حسب حديث خادم الحرمين نفسه، غيرت في رؤيته وفي شخصيته الكثير وجعلته يرى التهديدات بتركيز أكبر ولا بد من مواجهتها بسياسات عامة وصارمة.

إن تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، يجب ألا يرى على أنه عمل منفرد، بل هو جزء من رؤية الملك الأوسع لاستقرار المملكة وفلسفة الحكم فيها وهو الذي قضى خمسين عاماً من المتابعة والعمل المضني، ويكفي للتأكيد على هذا أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفي مقدمة «رؤية 2030» حريص دوماً على التأكيد أن كل ما يفعله «بتوجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله». التمعن في تاريخ شخصية الملك فيها مفاتيح لمعرفة كل ما يحدث، فكلها ليست أعمالاً منفردة بل يحكها سياق أوسع، أساسها رؤية ملك ذي خبرة واطلاع عميقين، وجاء تعيين الأمير الشاب ولياً للعهد ضمن هذه الرؤية الأوسع والأرحب.

إذا كان هناك ربيع سبب اضطرابات في كل الإقليم فإن «ربيع سلمان» أدار تحولات المملكة بمهارة من دون تكلفة لمعادلة الاستقرار في بلد محوري في الشرق الأوسط كله.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط

 

arabstoday

GMT 00:04 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

هل ينقسم الحزب الديمقراطي؟

GMT 00:09 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إعادة إعمار العقول والقلوب

GMT 00:09 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 00:01 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

البطيخة: العنصرية والمقاومة

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

الكويت: بين المشروع وإعادة النظر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع سلمان ربيع سلمان



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab