أفول دور مصر دعاية أم علم

أفول دور مصر.. دعاية أم علم؟

أفول دور مصر.. دعاية أم علم؟

 العرب اليوم -

أفول دور مصر دعاية أم علم

د. مأمون فندي

كلما اختلفت الجماعات العربية المتطرفة والكيانات الراعية لها مع من يقود مصر، كان واحدا من أساليب الدعاية ضد النظام في مصر هو أفول الدور المصري مرة، أو تراجعه مرة أخرى، ثم يأخذك البعض في رحلة زمانية إما من محمد علي إلى الآن، أو من عبد الناصر إلى السيسي، بما في هذا السرد التاريخي من اختزال وابتذال. ولكن لأن العلم ليس هو الهدف بل الردح بما يشبه العلم فلا غرو في تشويه التاريخ. وهل السرد التاريخي وحده هو الذي يحسم هذا؟ بالطبع لا.
كأستاذ للعلوم السياسية ودارس لها أقول بوضوح إنه لا يوجد في علم السياسة شيء اسمه دراسات «الدور» (role studies)، توجد دراسات في السياسة المقارنة وفي السياسات الخارجية المنفردة والمقارنة، وتظهر كلمة الدور في الكتابات الصحافية وأحيانا في مؤسسات مسيسة. لكن الظاهرة العربية الغريبة هي أن كثيرا من الصحافيين والباحثين العرب يلتقطون مفهوما ويروجون له وكأن به شيئا من العلم. وما يصنف على أنه علم أو فرع من العلوم لا بد أن تكون له مبرراته الفكرية.
ربما نقلت الفكرة عندنا نتيجة متابعة البعض للحديث السياسي وغير العلمي عن «الدور الأميركي في العالم»، وهو حديث يتناوله البعض في الخطب السياسية، لكنه حديث محكوم بمدى بعد السياسة الخارجية الأميركية أو قربها من المحددات التي رسمها الدستور الأميركي والقيم الحاكمة. يختلف المثاليون من جماعة الرئيس الأميركي وودرو ويلسون مع الواقعيين من جماعة رونالد ريغان مثلا. لكن الحديث منصب دائما على هذه النقطة: ما هو الدور الذي رسمه الدستور المتفق عليه ومدى قدرة الحكومات المختلفة على تنفيذه أو الانحراف عن المسار... إلخ؟
المهم هنا هو أن الأصل في الموضوع دراسة السياسة الخارجية في إطار الدوافع المحلية المحركة ومدى تطابقها والمصالح الأميركية أو القدرة على حماية تلك المصالح، وحتى هذا يقع في إطار دراسة السياسات لا دراسة السياسة.
الحديث عن دور مصري في العالم العربي إما أن يكون دعاية للدولة نفسها ولحكامها، كما في عبارة عبد الناصر الشهيرة «إن في المنطقة دورا يبحث عن لاعب»، وكان فيها تبرير لمغامرات حصدت مصر نتائجها.. أو أن يكون الحديث عن الدور دعاية مضادة تهدف إلى الانتقاص من أهمية من يحكمون في مصر في فترة ما، ومعه الانتقاص مما يطلق عليه صورة الدولة. وكلتاهما دعاية ودعاية مضادة لا علاقة لها بعلم السياسة لكن لها علاقة بعلم الدعاية.
كلما ظهرت أزمة أو حرب في محيطنا العربي انجرف كثير ممن يمتهنون الكتابة إلى الحديث عن الدور.
منطقي أن نتحدث عن السياسة الخارجية المصرية وأولويات الدولة في مرحلة حكم ما.
فإذا أخذنا مرحلة السيسي مثلا تجد العقلاء ممن يدرسون السياسة يقولون لك إن الرجل لم يمكث في الحكم وقتا كافيا يسمح بدراسة سلوكه السياسي.
أما الباحثون عن دعاية مضادة فسيقولون لك إن السيسي هو امتداد لمبارك، وكأن أربع سنوات من الثورات والاضطرابات لم تؤثر على الدولة المصرية في شيء، وأن محصلة تأثيرها على سلوك الدولة الخارجي والداخلي صفر كبير. وطبعا هذا حديث لا ينتمي إلى عالم العلم والمعرفة بقدر ما هو قريب من عالم الإيمان والآيديولوجيات التي لا ترى إلا ما تعتقد.
نعم هناك تحديات تواجه النظام المصري البازغ بعد تغيير مسار الحكم في الثالث من يوليو (تموز) 2013. تحديات داخلية، اقتصادية واجتماعية وسياسية، لنظام ليس له جناح تشريعي بعد، وكذلك تحديات خارجية من الشرق والغرب والجنوب. السؤال هنا هو: ما مدى توازن تلك الأولويات والمفاضلة بين الخارجي والداخلي في نظام يتحسس أقدامه في حكم جديد وفي ظل دستور جديد؟
هذا النوع من الأسئلة يزعج جماعة الدور وجماعات الدعاية.
ثم إن الدولة بشكل عام، كبيرة كانت أو صغيرة، ليست لاعبا منفردا في عالم السياسة الخارجية (unilateral actor)، فالدولة أحيانا تنخرط في صراعات رغما عنها وليس برغبتها، لأن الفراغ الاستراتيجي يشدها بحكم نظرية الفراغ.
وقد تدخل الدولة في مغامرات سياسات خارجية برغبتها ولا تستطيع الخروج برغبتها، كما حدث للدولة العظمى الوحيدة الآن في حربها في فيتنام.
دول كبرى تفشل كثيرا في تحديد ملامح دورها، فما بالك بدول متوسطة القوة؟
يخلط البعض ما بين التأثير الثقافي المصري في المحيط العربي الذي يقع في سياق ما سماه جوزيف ناي بالقوة الناعمة، وبين الدور المصري الكلاسيكي كجزء من سياسة مصر الخارجية.
والدور المصري ليس حروبا. ترى كيف نقيم الدور المصري في مرحلة السادات بعد حرب وبعد سلام؟ في الحرب تعاظم مستوى التنسيق بينه وبين العرب وقل الدور في الغرب، بعد السلام عزلت مصر عربيا وانطلقت عالميا. النقطة هنا لجماعة الدور: هل سياسة مصر الخارجية كل مجمل في أفريقيا والشرق الأوسط وبقية العالم، أم أن لمصر سياسات مختلفة تجاه دول بعينها أو مناطق بعينها؟
موضوع الدور هذا دعاية، إما منا كمصريين، وهي دعاية إيجابية أحيانا وسلبية في حكاية دور يبحث عن لاعب مما يؤدي إلى هزيمة في اليمن ومع إسرائيل عام 1967.. أو دعاية سلبية ضد النظام القائم من قبل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان ومن كفلهم من الدول مثل تركيا وقطر، ومن مقالات ومقابلات وأحاديث المروجين لهذا المحور المضاد لمصر. حديث دعاية يريد البعض أن يغلفه بغلاف العلم.
ليس هناك شيء اسمه دراسات الدور في علم السياسة. علم الدور، لو أن هناك علما، يقع في إطار دراسات الدعاية.
وأخيرا موضوع الدور هذا استعارة أو صورة مجازية منقولة من عالم التمثيل وعالم المسرح، وهذا يقرب الفكرة لكنه يضلل. فهل ما تقوم به إسرائيل في غزة هو دور وتمثيل، أم أنه ممارسة للسياسة والهيمنة بوسيلة أخرى وهي آلة الحرب؟ هل يمكننا الحديث المجازي عن الدور الإسرائيلي في الشرق الأوسط.. أم أننا نضلل الناس وننقل القتل الحقيقي إلى عالم التمثيل والمسرح ونحول الحديث إلى لغة الدور ومفرداتها؟ أليس هذا تضليلا حتى لو كانت لم تقصده جماعة الدور؟
أقول لجماعة الدور بالعلم وبالبلدي «لموا الدور».

arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفول دور مصر دعاية أم علم أفول دور مصر دعاية أم علم



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab