الأتراك يقاتلون في سورية لتأمين حصتهم بعد الحرب

الأتراك يقاتلون في سورية لتأمين حصتهم بعد الحرب!

الأتراك يقاتلون في سورية لتأمين حصتهم بعد الحرب!

 العرب اليوم -

الأتراك يقاتلون في سورية لتأمين حصتهم بعد الحرب

بقلم - هدى الحسيني

الشغل الشاغل الرئيسي للقادة العسكريين الأميركيين هو الهجوم التركي على عفرين الكردية في سورية، ويراقب العسكريون الأميركيون والأوروبيون ما إذا كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سينفذ تهديده بإرسال قوات شرق عفرين إلى منبج. يوم الاثنين الماضي قالت وكالة «بلومبيرغ» إن المحادثات بين السياسيين والجنرالات الأتراك والأميركيين لم تصل إلى اتفاق يجنب احتمال نشوء صراع مباشر بين الجيشين الأميركي والتركي في شمال سوريا. وقال إردوغان: «سوف نضغط ضد الإرهابيين دون أن نأخذ في الاعتبار من يقف إلى جانبهم». لهذا، لا يمكن التغاضي عن نشوب مواجهة أميركية - تركية ما لم يتراجع أحد الجانبين.

في طريقه إلى باريس الأسبوع الماضي، قال ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي «لقد طلبنا من تركيا الحد من عملياتها (...) لنرى ما إذا كان باستطاعتنا العمل معها لخلق نوع من منطقة أمنية قد تحتاج إليها».

الهجوم على عفرين فتح جبهة جديدة في الحرب في سوريا، وهي نقطة تحول قد تؤثر على العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا. العلاقات بينهما تغلي منذ فترة طويلة بسبب تسليح واشنطن ودعمها للميليشيات الكردية في الحرب ضد «داعش» في سوريا. ثم جاء إعلان الولايات المتحدة عن خططها لإنشاء «قوة حدودية» بقيادة كردية سيكون قوامها 30 ألف مقاتل كردي وعربي يتحركون داخل سوريا. وصفت تركيا الخطة بـ«التهديد الخطر»، ووصفت «وحدات حماية الشعب» بالإرهاب. وبعد أيام قال تيلرسون إن الوجود العسكري الأميركي سيبقى «لأجل غير مسمى» في سوريا، كجزء من استراتيجية طويلة الأمد للإطاحة بالرئيس السوري وهزيمة «داعش».

إثر ذلك أطلقت تركيا عملية «غصن الزيتون»، بهجمات جوية وبرية على مدينة عفرين. يثير القتال إشكالات حول مستقبل القتال ضد «داعش» في سوريا، وكذلك ما إذا كان بإمكان واشنطن وأنقرة الوثوق بعضهما ببعض كحلفاء.
منذ عام 2014 وتركيا تعارض تسليح أميركا وتدريبها لـ«وحدات حماية الشعب»، وكان هم أميركا مقاتلة «داعش» بجيوش غير أميركية، ثم جاء الإعلان عن قوة حدودية قوامها 30 ألف مقاتل.

اعتبر الأتراك هذا استفزازاً إضافياً، ورأى إردوغان أن الولايات المتحدة تبني «جيشاً» إرهابياً على طول حدود تركيا، وهدد بالرد لحماية أمنه الوطني. وفي خلال أيام بدأ الهجوم على عفرين بقوات تركية وقوات «الجيش السوري الحر» المدعوم من أميركا، فنجحت تركيا في جعل ميليشيات مدربة أميركياً يقاتل بعضها بعضاً.
البنتاغون أوضح أنه ببساطة يواصل تدريباته لقوات محلية لمحاربة «داعش»، ويركز على الأمن الداخلي فقط.

يضاف إلى ذلك الخلاف بين أنقرة وواشنطن، حول ما قيل عن مكالمة هاتفية بين إردوغان والرئيس دونالد ترمب. المتحدث باسم البيت الأبيض قال إن ترمب حث تركيا على وقف التصعيد العسكري، وتجنب وقوع ضحايا مدنيين، بينما قالت تركيا إن ترمب وافق على وقف تسليح الأكراد، مما يعني تحولاً كبيراً في سياسة أميركا وعلى صعيد معاركها في سوريا. ثم هدد إردوغان بإرسال قوات تركية إلى منبج التي تقع غرب نهر الفرات. منبج تخضع لسيطرة القوات العربية المحلية، وقوات الدفاع الذاتي، وتتمركز القوات الخاصة الأميركية خارج المدينة وتقوم بدوريات في المنطقة، وإذا أراد إردوغان التوجه إلى منبج فسوف يضع تركيا في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، العضو في «الناتو».
الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، قال الأحد الماضي لمحطة «سي إن إن»، إن أميركا لا تفكر في سحب قواتها من منبج. وكان إردوغان قد طالب بأن يتم ذلك «فوراً».

لكن، مع ذلك يؤكد المسؤولون الأميركيون أنه حتى الآن لا أزمة بين البلدين. ويقول مراقبون أميركيون إن الدبلوماسية لا تزال خياراً قابلاً للتطبيق، إذ بطريقة أو بأخرى يجب جعل تركيا تشارك بشكل مباشر في تحقيق الاستقرار في الأجزاء غير الكردية من شرق سوريا، مما يعني بكلمات أخرى، أن تركيا تريد أن يكون لها دور وحصة في سوريا بعد انتهاء الحرب. وقد يكون لتركيا دوافع أخرى.

يقول لي مصدر تركي، إن كل هذا التطور يأتي في الوقت الذي يستعد فيه إردوغان للانتخابات الرئاسية التركية عام 2019. إذا أعيد انتخابه سيبقى في السلطة لتنفيذ رؤيته الطويلة عام 2023، في الذكرى المئوية للجمهورية التركية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك. نجاح إردوغان سيجعل منه الوالد الجديد لتركيا الحديثة؛ لكن في الوقت نفسه يحاول إردوغان إدارة المخاطر الأمنية التي طال أمدها في الهجمات التي يشنها متمردو «حزب العمال الكردستاني» في تركيا، والمستمرة رغم كل وعوده باستئصالها.
يقول بولند علي رضا، مدير «مشروع تركيا» في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن، إن إردوغان يلعب على مشاعر السكان الأتراك وقاعدته القومية، من خلال استغلال مخاوف الأتراك من الإرهاب في الداخل. إنه قادر على استخدام هذا القرار في الهجوم على عفرين، في حين أن الدفاع ضد الأكراد في أنقرة يكون مدروساً بعناية.

لكن أين دور روسيا في هذه التطورات، وهي التي تسيطر على الأجواء السورية؟ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشارك فعلي، وقد لعبت بلاده دوراً أساسياً في عملية «غصن الزيتون»، وليس من قبيل الصدفة أن تُخلي روسيا مجالها الجوي للتركي حتى يشن هجماته؛ لأنه كان باستطاعتها الرفض، وكأن بوتين يريد أن تفلت الأمور من تحت السيطرة، وأن ينتهي حليفان في حلف شمال الأطلسي إلى مواجهة بعضهما لبعض، وتبادل إطلاق النار وتكبد خسائر وسقوط ضحايا.
منذ أن تفكك حلف وارسو، وروسيا الاتحادية تتطلع إلى تفكك الحلف الأطلسي. أهمية إردوغان أنه يتكلم كثيراً، وكلماته تثير ضجة وردود فعل وارتباكاً؛ لكنها ليست مواقف نهائية. قد تكون الهدف؛ لكنه إذا شعر بأن العمل لتحقيقه ستكون أثمانه مرتفعة، فسيعود إلى التصريح بأمور - لكثرة تحديها - صارت معروفة. فهو مثلاً يوم الاثنين الماضي، قال فجأة إن تركيا لن تقبل أقل من أن تكون عضواً كاملاً في الاتحاد الأوروبي. تصريحه لن يؤثر على مواقف الدول الأوروبية، إنما سيقلقها. ثم توجه إلى الفاتيكان لمقابلة البابا فرنسيس، وهو كان قد اتهم فتح الله غولن بأن حركته «مشروع فاتيكان». أما بالنسبة إلى بوتين، فإذا نجح في دق إسفين بين بلدين عضوين في «الناتو» فسيكون ذلك جيداً بالنسبة إليه.

خلال المنتدى الاقتصادي في دافوس الشهر الماضي، قال مستشار الأمن الداخلي للبيت الأبيض، توم بوسرت، للصحافيين، إنه «متشكك للغاية» من أن يتوجه الأتراك إلى منبج حيث يواجهون خطراً مباشراً مع القوات الأميركية. بعض المراقبين وصفوا التهديد التركي بـ«التبجح التركي»، وقالوا إن إردوغان منذ فترة يهدد بالاندفاع نحو الشرق. باختصار، إردوغان يريد أن يثبت نقطة سياسية، فهو يحتاج إلى وجوده في جزء من سوريا؛ لكنه لن يعرض للخطر القوات الأميركية.
يقول محدثي التركي: الخطر الحقيقي هنا، هو أن الأمور قد تخرج عن نطاق السيطرة، وحتى لو تعرض الأكراد للهزيمة في عفرين، فمن الممكن أن يتمكنوا من الرد في أماكن أخرى من سوريا، مما يدفع إلى مزيد من العمليات التركية.

من غير المرجح أن يتخلى إردوغان عن العمليات العسكرية ضد عفرين في وقت قريب. وطالما أنه لم يتقدم نحو منبج، فإنها عمليات محدودة تترك ضرراً محدوداً على العلاقات الأميركية - التركية.
قبل أيام نشر الزعيم اللبناني وليد جنبلاط تغريدة قال فيها: «الجميع يعلم أن العقدة المركزية لتركيا هي القضية الكردية (…) لكن لماذا العرب وبالتحديد المعارضة السورية تقع في لعبة المحاور، فتقاتل الأكراد بدل النظام. إنها العقدة التاريخية العربية تجاه الأكراد. نسينا صلاح الدين».
بالطبع إردوغان لن يكون صلاح الدين الجديد، هو محصور بذاته. الطموحات تتدمر، والأكراد ليسوا شعباً مستعداً للانقراض. تبقى لعبة الأمم، وفيها كثير من الخاسرين، وقد يكون الجميع، من غير وجود منتصر واحد!

المصدر:جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

GMT 03:28 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

حان وقت إعادة لبنان إلى مواطنيه

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 00:21 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

اقتصاد إيران يئن جراء تدخلاتها العسكرية!

GMT 00:25 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

لبنان ساحة تقاطع بين أميركا وإيران!

GMT 00:59 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الخلافة تتقدم على الانتخابات في إيران!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأتراك يقاتلون في سورية لتأمين حصتهم بعد الحرب الأتراك يقاتلون في سورية لتأمين حصتهم بعد الحرب



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab