لماذا جرود عرسال دون غيرها مهمة لإيران

لماذا جرود عرسال دون غيرها مهمة لإيران؟

لماذا جرود عرسال دون غيرها مهمة لإيران؟

 العرب اليوم -

لماذا جرود عرسال دون غيرها مهمة لإيران

بقلم : هدى الحسيني

فاوض «حزب الله» تنظيم «النصرة»، قاتل «حزب الله» تنظيم «النصرة»، ثم تبادل وإياه الأسرى والجثامين، كأن ما جرى هو في دولة ما ليس لبنان، لكن تذكرنا أنه لبنان عندما قال «حزب الله»، إنه لن يقاتل «داعش»، بل سيترك الجيش اللبناني يقوم بالمهمة، والتوقيت وشيك. يقرر «حزب الله» توقيت معاركه ويفرض على الجيش اللبناني معارك ومواقيت محددة. يقول الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، إنه يهدي النصر للبنان واللبنانيين. يعرف أن لا أحد مع «النصرة»، ولا أحد مع «داعش»، ومشكور كل من ينقذ لبنان واللبنانيين منهم، لكن لماذا لا نصدق أن تلك المعركة كانت من أجل «لبنان»؟ ما دور ربط جرود عرسال بالقلمون؟ أين سيمر جسر إيران البري للوصول إلى المتوسط؟ يقول مسؤول في الحزب أثناء جولة للإعلاميين: «سنسلم جرود عرسال للجيش اللبناني عندما يصبح قادراً على ذلك؛ لأن أمامه معركة مواجهة (داعش)».

ثم هل هي صدفة أن ينشر موقع المرشد الأعلى الإيراني، آية الله خامنئي، شريط فيديو يصور جنود «حزب الله» في لبنان أولاً، ونصر الله واقفاً على المنصة، وهم يهتفون: «نحن أبناء الخميني»، ليَليه مقطع «لشباب (حزب الله)» من لبنان أمام ضريح الخميني، يهتفون: «نحن أبناء خامنئي، نحن أبناء الولاية»، وخامنئي جالس يحييهم بيده مع تعليق على الفيديو: «في ظل النصر الإلهي الذي تحقق بسلاح المقاومة في جرود عرسال، نبث لأول مرة مقطعاً لشباب (حزب الله) اللبناني»؟

إن جرود عرسال بعيدة جداً عن إيران، لكنها مهمة جداً أيضاً، خصوصاً أن توقيت المعركة جاء في عز ثورة الفلسطينيين دفاعاً عن الأقصى، حيث اكتفى السيد نصر الله في بدء «خطاب النصر» بتوجيه التحية لهم وللحوثيين، ثم... للجيش اللبناني.

أنشأت إيران «حزب الله» في لبنان، وبعده انكبت على تشكيل ميليشيات شيعية مقاتلة، حتى تمتد جبهة «الجسر البري» منها حتى لبنان، فحدود إسرائيل والأردن وصولاً لاحقاً إلى خليج عدن. ويبدو أن إيران تستخدم هذه الميليشيات في حرب طائفية وجيوسياسية متواصلة، فارضة جبهتين؛ الدول والميليشيات الشيعية التي تؤيدها، ضد كتلة سنية في الدول السنّية.

في صيف 2011 مع بدء الربيع العربي، تجمع المئات من الشباب اللبناني والسوري في سهل البقاع، وخضعوا لتدريبات عسكرية من قبل مدربين من «حزب الله». فداء عيتاني الصحافي اللبناني، يحكي عن تجربته إلى موقع «بازفيد»، هو كان سابقاً من مؤيدي الحزب، ومختبئ الآن. بعد يوم من التدريب الصعب يسأل همزة الوصل من وحدة الاستخبارات التابعة للحزب: «لماذا تدريب هذا العدد وبهذه الشراسة؟ هل هذا استعداد لحرب مع إسرائيل؟»، فكان الجواب: «نحن ندربهم على كل شيء. وفي كل شيء: حكم البلديات، والدفاع عن النفس، والدين، وكيفية استخدام البنية التحتية للدولة، من كهرباء ومياه ودفاع مدني (...)»! ثم يقول عضو «حزب الله»: «إن الأسد (بشار) قد يغادر، فإذا فعل فسوف نأخذ جزءاً صغيراً من سوريا، أما إذا انتصر فإننا سنأخذ كل سوريا».

إن إيران، هي ضحية لسياسة التفرقة المذهبية التي مهد لها آية الله الخميني. نشأت سياسة التطرف المذهبي مع ظهور الخميني عام 1979، عندما رفع شعار تصدير الثورة إلى الدول الإسلامية، وسعى إلى إزالة الحدود الجغرافية. لتحقيق هذا الهدف احتاج الخميني إلى قوة عسكرية تكون أسسها قوية في إيران كي تواصل توسعها في المنطقة. لم يكن يثق بالجيش النظامي، لا بل أعدم أغلب كبار ضباطه، فجاء تشكيل «الحرس الثوري» كأداة قمع عسكرية لحماية نظام «ولاية الفقيه»، وتطوير الثورة الإسلامية حسب جدول أعمال نظام الخميني.

ينص النظام الأساسي للحرس الثوري على: «إنه مؤسسة تحت قيادة المرشد الأعلى، وإنه سياسياً وآيديولوجياً يخضع لقاعدة الفقيه».

وكما هو معروف، فإن لـ«الحرس الثوري» مهمتين؛ داخلية وخارجية. داخلياً من أهم مهماته القمع وإطفاء الانتفاضات، والآلاف منه ومن «الباسيج» يتجسسون على الناس يومياً، يراقبون ويحجبون الإنترنت والصحون اللاقطة، يدمرون ويخترقون شبكات إنترنت الشركات الحكومية والخاصة والإقليمية، ويدققون فيما تبثه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

خارجياً يستهدف الحرس المنشقين عن النظام في الخارج ويستهدف الدول الأخرى. وكان قد قام بعمليات إرهابية، ليعلن عن قوته وطول ذراعه، ففجر أولاً مقر «المارينز» الأميركيين في بيروت، ومقر القوات الفرنسية، وكان المسؤول عن تفجير المركز اليهودي في الأرجنتين، وانفجارات الخبر في المملكة العربية السعودية عام 1996، بالإضافة إلى عمليات إرهابية في دول كثيرة، حيث ألقي في أغلب الحالات القبض على الفاعلين، فانكشفت صلتهم بـ«الحرس الثوري».

ولأن القوة الدافعة وراء «الحرس الثوري» هي تصدير الثورة، حسب نظرية ولاية الفقيه، جاء إنشاء «فيلق القدس»، ومهمته تجنيد وتثقيف وتنظيم مجموعات مثل «حزب الله» في لبنان. ومنذ التسعينات لا تزال علاقة الحرس مع الجماعات السنية المتطرفة قوية، وكان تم نقل كثير من قيادات هذه الجماعات، بما فيها تنظيم «القاعدة»، إلى العراق وسوريا بعد سنوات من استضافة «فيلق القدس» لها.

غزو العراق عام 2003 وفر فرصة كبيرة للنظام الإيراني، للاقتراب من تحقيق هدفه في تعزيز ونمو وتوسع التطرف والتفرقة المذهبية. أنجب الغزو «القاعدة» العراقية التي تفرع منها «داعش»، والاثنان مرآة عاكسة لطائفية «الحرس الثوري» الإيراني. وكانت لاحقاً سياسة الاسترضاء التي اتبعها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وسيلة للتدخل الإيراني المكثف في الشرق الأوسط. يقول لي متابع للاستراتيجية الإيرانية: إن خلق الأزمة وعدم الاستقرار هو الهدف الرئيسي للنظام الإيراني. ويتولى «فيلق القدس» وغيره من الأجهزة الفرعية التابعة للحرس توفير هذا الاضطراب. ويسيطر «فيلق القدس» الذي يترأسه اللواء قاسم سليماني على العشرات من الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان وباكستان.

لا تزال عقدة الحرب العراقية – الإيرانية تتحكم في كل توجهات واستراتيجيات قاسم سليماني. حتى الآن لم يهضم السم الذي اضطرت إيران إلى تجرعه. وكل المجموعات المسلحة، والميليشيات التي تؤسسها وتنشرها إيران لن تغير عند سليماني حقيقة أن الجيش العراقي وقف في وجه تصدير الثورة، لا بل إنه اجتاز الحدود ودخل الأراضي الإيرانية. في العاشر من الشهر الماضي قال سليماني إنه يعتقد أن الجيش العراقي في طريقه إلى تبني الآيديولوجيا، ويعني آيديولوجية إيران. ولأن الحرب العراقية - الإيرانية عرقلت مشروع تصدير الثورة، فقد كشف كيف أن الدبلوماسية لا تحل أي شيء بنظره، قال: «إننا نمارس الدبلوماسية في بعض الأحيان، لكن بعض العقد وبعض المشكلات، وخصوصاً عندما تكون كبيرة، لا تحل بالدبلوماسية».

تترك إيران نظام روحاني - ظريف لإشغال الغرب بالبرنامج النووي وبرنامجها الصاروخي، أما الحكم الفعلي في إيران، فإنه ينظر إلى الدول العربية، ويعتزم الاستيلاء على رافعات السلطة فيها، وعلى جيوشها وتجارتها واقتصادها.

تنفق إيران على استراتيجيتها الخارجية في الدول العربية، على أمل أن إعادة بناء الدول التي تساهم الميليشيات في تدميرها، سيكون من نصيبها، لهذا فإن إنفاقها على الخدمات العامة في الداخل يميل إلى الصفر. في العاشر من الشهر الماضي قال حسن روحاني الرئيس الإيراني، كيف أنه «في ظل العقوبات الدولية وضع اقتصاد البلاد تحت تصرف آلة الحرب في العراق وسوريا. بعض الناس يعتقدون أنه مجرد تضحية، لكنهم لا يسألون من يدفع الرواتب وكلفة الأسلحة».

وتساءل عمدة طهران السابق غلام حسين كرباتشي، عن هدف إرسال إيران المقاتلين إلى المنطقة، قائلاً: «نريد السلام في سوريا ولبنان واليمن، لكن ألا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تقديم المال والسلاح والقتل والضرب؟».

ونعود إلى لبنان، اختار «حزب الله» توقيت معركته مع «النصرة» أثناء ثورة الأقصى، وخلال فصل الصيف - السياحي، وكاد الجيش اللبناني يتحول إلى حامي ظهر الحزب، صحيح أنه أسقط الرايات السوداء، لكن لبنان سيظل يتحدى من يعبث باستقراره وتقاليده ومواسمه، فمهرجانات الفرح والصوت والألوان ستظل الطاغية، ولن يكون هناك صمت وقبول، ولن تفرغ الساحات في مدنه وقراه!

arabstoday

GMT 03:28 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

حان وقت إعادة لبنان إلى مواطنيه

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 00:21 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

اقتصاد إيران يئن جراء تدخلاتها العسكرية!

GMT 00:25 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

لبنان ساحة تقاطع بين أميركا وإيران!

GMT 00:59 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الخلافة تتقدم على الانتخابات في إيران!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا جرود عرسال دون غيرها مهمة لإيران لماذا جرود عرسال دون غيرها مهمة لإيران



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab