لماذا جاء خطاب السيّد الأخير الأهم والأكثر خُطورةً

لماذا جاء خطاب "السيّد" الأخير الأهم والأكثر خُطورةً؟

لماذا جاء خطاب "السيّد" الأخير الأهم والأكثر خُطورةً؟

 العرب اليوم -

لماذا جاء خطاب السيّد الأخير الأهم والأكثر خُطورةً

بقلم - عبد الباري عطوان

خِطابُ السيّد حسن نصر الله أمين عام "حزب الله" الذي ألقاهُ مساء أمس الاثنين بمُناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف لم يكن أهمّ خِطاباته الأخيرة، بل أخطَرها على الإطلاق أيضًا، لأنّه كان أوّل تحذير، وربّما الاستِعداد، لحربٍ أهليّةٍ زاحفةٍ على لبنان، اتّهم حزب القوّات اللبنانيّة ورئيسه سمير جعجع، بالعمل على إشعال فتيلها لإحداث تَغييرٍ ديمقراطيّ في لبنان، وإقامة “كانتون” مسيحي بزعامته من تأمّل طريقة إلقاء الخِطاب ومُحتواه الذي استغرق ساعتين تقريبًا، وتعبيرات وجه السيّد نصرالله الصّارمة، يَخرُج بانطباعٍ مفاده أنّ هُناك مُخَطَّطًا مدروسًا، جرى إعداده أمريكيًّا وإسرائيليًّا لإغراق “حزب الله في حربٍ أهليّة لإشغاله في الشّؤون الداخليّة، وجرّه إلى صِداماتٍ دمويّةٍ سواءً مع حزب القوّات اللبنانيّة وأنصارها، أو مع الجيش اللبناني.

السيّد نصر الله كان “مُحتَقِنًا” طِوال الخِطاب، يُحاول أن يعضّ على النّواجز، ويَكظِمَ الغيّظ، ويختار كلماته بعنايةٍ، وغابت ابتسامته الشّهيرة عن وجهه، ممّا يعني أنّ هُناك خطرًا كبيرًا قادمًا، ربّما سيكون من الصّعب منع حُدوثه بعد “كمين” الطيونة الاستِفزازي الذي استهدف حشدًا “لمُحتجّين سلميين” من حزب الله وحركة أمل، وأدّى إلى استِشهاد سبعة أشخاص وعشَرات الجرحى برصاصِ قنّاصة قيل إنّهم يتبعون للقوّات اللبنانيّة، حسب ما جاء في الخِطاب علاوةً على ذِكره “الحرب الأهليّة” أكثر من عشرين مرّة، جاء كشف السيّد نصر الله، ولأوّل مرّة، عن وجود مئة ألف مُقاتل تحت إمرته لم يكن مُجاملةً لمنع الحرب الأهليّة فقط، وإنّما توجيه رسالة مُزدوجة إلى كُل من دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وحزب القوّات اللبنانيّة معًا، وكان هذا الكشف تهديدًا علنيًّا للطّرفين رُغم نفيه ذلك، خاصَّةً أنّه قال “لا تُخطِئُوا الحِساب، واقعدوا عاقلين، وتأدّبوا، وخُذوا العِبَر من حُروبكم وحُروبنا”، وأكّد أنّ مُقاتليه إذا جرى إصدار الضّوء الأخضر لهم “سيَأكُلون الجِبال”.

أعداء “حزب الله” الذين تقودهم أميركا، وسفيرتها دوروثي شيا “رئيسه هيئة الأركان” وبتَحريضٍ من إسرائيل، استَخدموا كُلّ أوراق الضّغط، من تجويعٍ وتدميرٍ للاقتِصاد اللبناني، وإسقاط عُملته، وخلق أزمات ماء وكهرباء وخُبز على أمل أن يثور الشعب اللبناني ضدّ “حزب الله” وسِلاحه المُستَهدف، ولكنّ جميع هذه المُحاولات فشلت ولم يَبْقَ إلا البحث عن “مُفَجِّرٍ” على غِرار حافلة عين الرمانة عام 1975 التي أشعل فتيلها الحرب الأهليّة المُعَدُّ سلفًا، وكان كمين “الطيونة” هو عُود الثّقاب، ولكنّ تدخّل الجيش اللبناني، وضبْط نفس قيادتي “حزب الله” و”حركة أمل”، أفشل هذه المُحاولة، وهذا لا يعني عدم تِكرار المشهد نفسه، أو البحث عن ذرائع استفزازيّة أُخرى في الأيّام القليلة المُقبلة تُحَقِّق أهداف المُتآمرين في الغُرَف السّوداء.

مجزرة حافلة عين الرمانة كانت تستهدف منظمة التحرير الفِلسطينيّة وأنصارها من القِوى الوطنيّة، وإخراج قوّاتها من لبنان، ومجزرة كمين الطيونة تُريد استِهداف قوّات “حزب الله” وحُلفائه وترسانته الصاروخيّة التي تُقلِق إسرائيل، ولكن مع فارقٍ كبير وجوهريّ، يتمثّل في كون محور حزب الله يَضُم مُعظم ألوان الطّيف الإسلامي الشّيعي أوّلًا، ونسبة كبيرة من الحُلفاء المسيحيين ثانيًا، على رأسهم التيّار الوطني بزعامة عون، وحركة “المردة” بزعامة سليمان فرنجية، ونسبة كبيرة من أبناء الطّوائف السنيّة، والدرزيّة، والشخصيّات الوطنيّة من كُلّ المذاهب، إنّها لن تكون حربًا أهليّةً إسلاميّةً مسيحيّة، ولن تكون حربًا بين ميليشيات لبنانيّة و”غُرباء” فِلسطينيين يُريدون انتِهاك “السّيادة” اللبنانيّة إذا كانت الحرب الأهليّة اللبنانيّة الأُولى استمرّت 15 عامًا، وبقيت طِوال هذه الفترة مَحصورةً داخِل حُدود لبنان فإنّ أيّ حرب أهليّة جديدة قد تُفَجِّر حربًا إقليميّةً عُظمى، تمتدّ ألسنة لهبها إلى دولة الاحتِلال الإسرائيلي التي لن تقف قطعًا على الحِياد، وستُقاتِل في صُفوف أعداء محور “حزب الله”، وهُنا سيكون للصّواريخ الدّقيقة ومن كُلّ الجِهات، الدّور الحاسِم، سواءً كانت هذه الحرب المُحتَملة إقليميّة أو أهليّة، ستُغيّر وجه الشّرق الأوسط وخرائطه.

الطّرف الرئيسي الأكثر حماسًا وتَطَلُّعًا لهذه الحرب هو الثّنائي الأمريكي الإسرائيلي وأدواته في لبنان، وهؤلاء خَسِروا جميع حُروبهم الأخيرة في المنطقة، ولم يكسبوا حربًا مُنذ عام 1967، والعبرة بالنّتائج، وآخِر هزائمهم كانت في أفغانستان (أميركا)، وفي غزّة (إسرائيل)، وربّما يُفيد التّذكير أيضًا بأنّ الطّرفين (أمريكا وإسرائيل) تخلّوا عن حُلفائهما دُون أن يرف لقيادتهما أيّ جفن، ولعلّ مطعم الفلافل لأنطوان لحد في أحد أزقّة تل أبيب، والملاذ الآمِن في أبوظبي للرئيس الأفغاني أشرف غني بعض الأدلّة على ما نقول عندما يقول السيد نصر الله إنّ “حزب الله” في أقوى حالاته، فهو صادقٌ ولم يُبالغ، فإنّ العبرة ليس في تِعداد المُقاتلين، وإنّما في الخبرة القِتاليّة العالية، والتّسليح الجيّد، والحاضنة الشعبيّة المُوَحَّدة المُتماسكة الدّاعمة العصيّة على الاختِراق، فمتى كانت آخِر حرب خاضها خُصومه، ناهِيك عن كونهم انتَصروا أو هُزِمُوا فيها نتَضرّع إلى الله أن يتم تجنّب أيّ حرب أهليّة، لأنّ الضّحايا سيكونون أشقّاءنا اللبنانيين بغضّ النّظر عن دينهم ومذهبهم، ولكنّ الصّلوات والدّعوات قد لا تمنع الحُروب للأسف، خاصَّةً إذا كانت أمريكا وإسرائيل هي التي تقف خلفها، وتُحرّض عليها مثلما هو الحال في لبنان.. واللُه أعلم.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا جاء خطاب السيّد الأخير الأهم والأكثر خُطورةً لماذا جاء خطاب السيّد الأخير الأهم والأكثر خُطورةً



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab