حرب القطبين الإيراني والإسرائيلي

حرب القطبين الإيراني والإسرائيلي

حرب القطبين الإيراني والإسرائيلي

 العرب اليوم -

حرب القطبين الإيراني والإسرائيلي

بقلم: عبد الرحمن الراشد

نشهدُ متغيراتٍ كبيرةً نتيجةَ صراعِ القطبين الإقليميين، الإيراني والإسرائيلي، المندلع منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. نحن في مرحلة متقدمة من الصراع، وكلاهما يدافع عن موقعه ويحاول استغلالَ الأزمةِ لإضعاف الآخر.

في هذه المواجهات برزت إسرائيلُ أكثرَ قوةً وشراسةً على كلّ الجبهاتِ غيرَ عابئةٍ بالمخاطر المحتملة. وما مقتلُ إسماعيل هنية رئيسِ مفاوضي «حماس»، وفيه خرق للأعراف حتى بين الأعداء المتحاربين، سوى نموذجٍ لذلك، وارتكبته على أرض إيرانية وفي اليوم الأول للرئيس الجديد. وكذلك تدميرها القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل قائدِ «الحرسِ الثوري» في الخارج... وفيه أيضاً تجاوزٌ للقوانين الدولية، مع أنَّ إسرائيل تصرُّ على أنَّ المبنى ليس تحت الحصانةِ الدبلوماسية. مع الاستمرار في الحربِ العسكرية اليومية في قطاع غزةَ بعملياتِ قتلٍ ودمار غيرِ مسبوقة.

لماذا إسرائيلُ تقدّمُ نفسَها أكثرَ قوةً وجرأةً ووحشية؟ يقول نتنياهو في لقائه مع مجلة «تايم»: «السبب الأكبر والأهم هو استعادة مبدأ الردع الإسرائيلي». شنَّت هجماتٍ مباشرةً على قلبِ إيرانَ متخلّيةً بذلك عن عقودٍ من مفهومِ سياسةِ الحرب الإقليمية السائدة، وكانت تقتصر على مناوشةِ وكلاءِ طهران الإقليميين. وفي الوقت نفسه كانت غاراتُها على الوكلاء أكثرَ عنفاً؛ فقد شلَّت ميناءَ الحديدة اليمني، شبهَ الوحيد للحوثي، وأشعلتِ النيرانَ في عشراتِ صهاريجِ النفط، ودمَّرت رافعاتِ الشحن فيه. وضد «حزب الله» قامت بتصفيةِ أبرزِ قادتِه في عملياتٍ تبيّنُ تفوُّقَها التقنيَّ والاستخباراتي، وكذلك قضتْ على صفٍّ كاملٍ من قادة «حماس» في بيروت وطهران وغزةَ نفسِها. والنقطةُ الأخيرة هي قدرةُ نتنياهو على الاستمرارِ في زعامتِه رغمَ الخسائرِ الكبيرة؛ إذ تجاوزَ عددُ قتلى قواتِه في غزةَ خسائرَ إسرائيلَ في حرب 1967، وحرب سنواتِ الاستنزاف، وحرب 1973، مجتمعةً، ولا يزال يحظَى بتأييدٍ شعبي جارفٍ في إسرائيل.

السياسةُ الجديدةُ لإسرائيل، هي القوةُ المفرطةُ والانتقامُ اللامحدود، والشجاعةُ المتهورةُ قد تشعل حرباً إقليمية واسعة.

التفسيرُ المنطقي لهذه المتغيرات والسلوك هو هجومُ السابع من أكتوبر، الذي اعتبرته إسرائيلُ تهديداً وجودياً، وتهدف من معاركِها الحاليةِ إلى ترميم نفوذِها وصورتها. والحقيقة أنَّ الخوفَ الوجودي ليس حقاً ابنَ تلك اللحظة، بل تراكم من وراء سنواتٍ من الزَّحفِ الإيراني الناجحِ الذي بات يطوّقُها؛ من الشرقِ العراق، ومن الشمالِ سوريا ولبنان، ومن الداخلِ «حماس» في غزةَ وبعض الضفة الغربية، والحوثي في أقصى الجنوب. هجومُ أكتوبرَ الكبيرُ يمكن اعتبارُه نتيجةً طبيعيةً من ثقة «حماس» بالقوة الإيرانية المتنامية.

ستتوقَّف الحربُ الحالية مؤقتاً، لبضع سنوات، لكن مع استمرارِ الطَّوقِ الإيراني في ضغطه، ستكون خياراتُ إسرائيلَ أصعب؛ إمَّا الحربُ المباشرةُ مع السَّيد في طهران أو تقديمُ تنازلاتٍ إقليمية كبيرة له، مدركين أنَّ النوويَّ سلاحٌ لا يمكن استخدامُه إلا في حربٍ تدميرية شاملة، أو لو وصلتِ القواتُ الإيرانية إلى أبواب القدس، وكلُّها احتمالات غير واقعية.

مساعي واشنطن تلحُّ على بيبي نتنياهو للقبول بإنهاءِ حرب غزة، وهو يستمرُّ في المماطلةِ حتى يكمل عاماً من الحرب، في ذكرى هجوم «حماس» التي تبقى عليها شهران. وفي حالِ شنَّت إيرانُ و«حزب الله» ردَّهما الانتقاميَّ على إسرائيل، المتوقع في أي لحظة، فقد تعجّل الأزمةُ بالحلّ السياسي وليس العكس. لأنَّ إسرائيلَ وإيرانَ تدركان خطورة التصعيد الذي بدأ مثلَ لعبةِ تنس بطيئة، وأصبح يكبر مع تبادلِ الهجمات.

كانت الحربُ محصورةً إقليمياً، والآن دخلتها روسيا؛ إذ زوَّدت هذا الأسبوع إيران بأسلحة دفاعية «ستحمي» إيرانَ ضد قوةِ إسرائيلَ الجوية المتفوقة، مع نصيحة من بوتين بتنفيذ «رد منضبط» على إسرائيل، «وتجنب سقوط ضحايا مدنيين»، فعلياً هو إعلان الدخول، كما سبقَ أن شاركت موسكو في حرب سوريا.

ولروسيا أهدافٌ مختلفة؛ فهي ليست مع إيرانَ ولا ضد إسرائيل، تريد توسيعَ دوائرِ الأزمات في شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، للضغط على واشنطن لوقف الحرب في أوكرانيا. مع هذه التطورات الجديدة؛ القبة الحديدية الأميركية في إسرائيل والصواريخُ الروسية في إيران، يعود توازنُ القوى والحاجةُ إلى حل سلمي لتجنُّبِ مخاطرِ التصعيد والأخطاء القاتلة في العمليات العسكرية التي قد تقود إلى حربٍ إقليمية شاملة.

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب القطبين الإيراني والإسرائيلي حرب القطبين الإيراني والإسرائيلي



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab