أميركا والسيطرة على الوضع

أميركا والسيطرة على الوضع

أميركا والسيطرة على الوضع

 العرب اليوم -

أميركا والسيطرة على الوضع

بقلم - عبد الرحمن الراشد

على مدى عقود طويلة كانت الحياة في الولايات المتحدة تدور في فلك مريح محكوم بنواميسَ واضحة، وسائل الإعلام الكبرى ومصادر المعلومات الكبرى، وكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتلفزيون والصحف والإنتاج السينمائي والجامعات وحتى الكنائس والمعابد. الفلك الأميركي واسع وإلى حد ما حرٌ، وفيه هوامشُ كبيرة للأفراد والجماعات، وحرية الاختيار متاحة ضمن إطارها. وكانت هناك أحزاب شيوعية واشتراكية صغيرة جداً، ورغم حظرها إبان الصراع مع موسكو استمرت تعمل، وللشيوعيين مقرٌ بالقرب من «الوول ستريت»، القلبِ الرأسمالي النابض. وفيها أيضاً حزب نازي رغم أن ألمانيا النازية قتلت 400 ألف جندي أميركي في الحرب العالمية الثانية، ومسموح لهم بالدعوة وتسويق الكراهية ضد اليهود والسود.
الحرية متاحة في الولايات المتحدة للجميع، لكنها دائماً تحت سقف محدود، حيث إن الدولة تبقى المهيمن ومركز الحركة، حيث لا يسمح لوسائل الإعلام مثلاً بأن تكون تحت هيمنة فرد أو شركة واحدة، ويمنع امتلاك محطة تلفزيون أو إذاعة من دون رخصة بدعوى أن «الشعب هو من يملك الموجات» أو الهواء. ولأسباب سياسية المجاميع المنبوذة لا تمنح رخصاً، وبالتالي تبقى صغيرة ومحاصرة. ومع التقدم التقني المعلوماتي، قررت السلطات تخفيف القيود حتى صار الشق أكبر من الرقعة، وصارت هناك محطات رقمية ووسائل شعبية كبيرة خارج سلطة القانون.
في السنتين الماضيتين جرت عشرات الاجتماعات في الكونغرس وداخل اللجان الفيدرالية تبحث في كيفية السيطرة على الوضع، وأشهرها استدعاء قيادات شركات التقنية المعلوماتية الكبرى مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، بحجة أن الأعداء يحاولون التأثير على مجريات الانتخابات الأميركية، مثل الروس.
وفي الأيام الماضية تطورت الأمور بشكل درامي وخطير، وجرت أحداث كثيرة منها ما هو معروف، مثل إجماع شركات السوشيل الميديا على منع الرئيس المنتهية ولايته من التعليق والتحريض والاعتراض، ومنها التحرك لقمع «الحريات غير المسؤولة».
وسنشهد خلال الأشهر المقبلة نشاطات قانونية وسياسية لفرض المزيد من القيود على وسائل التواصل.
الآن، أميركا تواجه عدوين إعلاميين خارجياً وداخلياً. العدو الخارجي تستطيع مواجهته من خلال تقليص عمليات التدخل السياسي. أما العدو الداخلي فهو الخطر الحقيقي، كما ظهر في اقتحام الكونغرس، وما اعتبر مخططاً للسيطرة، وانقلاباً على الدولة. هذا حصل من خلال استخدام الوسائل الخارجة عن السيطرة. وقد أثبتت السلطات الأميركية أنها تملك القدرة على إسكات من تعتبرهم خصومَ الدولة، حتى الرئيس نفسه، رغم سلطاته الهائلة، وجد نفسه محروماً من مخاطبة الشعب الأميركي.
ولو استمر الخطاب المعادي لمؤسسات الدولة، الرئاسة والكونغرس والأجهزة التنفيذية والأحزاب، يحرك الجموع، فإن الدولة ستواجه مخاطرَ حقيقية، لهذا اتفق معظم الفاعلين، بما فيهم قادة الحزب الجمهوري، على لجم الرئيس والقوى المناصرة له. الرئيس ترمب، الأرجح من حيث لا يفهم، أطلق العنان للقوى الغاضبة الكامنة التي هبت لفرض ما تعتبره حقها، وهو بدوره لم يستطع إثبات ادعاءاته بالتزوير وسرقة الفوز من خلال القنوات الشرعية. لكن الولايات المتحدة بلد كبير من 328 مليون نسمة، وخليط من أعراق مختلفة، ومن دون ضابط لها فإن الفوضى حتمية ولا تحتمل الخلافات والتحريض الواسع.
وسنرى لاحقاً أن المشرعين، والسياسيين، والعاملين في مجال «الأمن» السيبراني، سيضعون الكثير من القيود والعقوبات، وسيعودون إلى زمن السيطرة، من خلال تمكين المؤسسات الإعلامية الكبرى والقضاء على جيش النشطاء والغوغاء.

 

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا والسيطرة على الوضع أميركا والسيطرة على الوضع



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:03 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

هالة صدقي تعلن أسباب هجرتها من القاهرة

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 13:06 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

محمد سعد يحتفل بنجاح "الدشاش" بطريقته الخاصة

GMT 17:18 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

القوى العظمى.. يوتوبيا أم ديستوبيا؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab