غزة والتَّخيّلات الستة الخاطئة

غزة والتَّخيّلات الستة الخاطئة

غزة والتَّخيّلات الستة الخاطئة

 العرب اليوم -

غزة والتَّخيّلات الستة الخاطئة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

أعقبَ هجومَ «حماس» الدامي في السابعِ من أكتوبر (تشرين الأول) كثيرٌ من التَّوقعات والتَّخيُّلاتِ الخاطئة. تخيُّلات مثل أحلامِ اليقظة، حيث كانَ يقود المشهدَ في الأسابيع الأولى شعراء وخطباء وحديثو عهدٍ بالسياسة، من المؤثرين على الإعلام الاجتماعي. أمَّا لماذا «حماس» نفسها استبعدت الغزوَ الكاسح؟ فالقيادي أبو مرزوق قال: «لم نتوقَّع أن تردَّ إسرائيلُ بهذه الهمجية!».

أولُ التقديراتِ الخاطئة: لن تتجرَّأَ إسرائيلُ وتغزو غزةَ برياً، وتورّط آلافاً من جنودها بدخول عرينِ «حماس». وإن فعلَها نتنياهو فسيكون القطاعُ مقبرةً لجيشه. ستثور عليهم الضفةُ الغربية، وستُدمّر عشراتُ الآلافِ من صواريخ «حزب الله» تلَّ أبيب، وسيضطر العدوُّ للجلوسِ والتنازل، أو تنهارُ إسرائيل، ويفرُّ سكانُها عائدينَ إلى نيويورك وموسكو.

التَّخيّل الثاني: العالم لن يسمحَ أو يسكتَ عن الغزو. الحقيقة هي أنَّ نتنياهو لم يستأذن، والقوى الكبرى لم تعترض. قبيل الغزو وزَّع نتنياهو على حكوماتٍ وقياديين إعلاميين، وشخصياتٍ مؤثرة، مثل إيلون ماسك، فيديو من 45 دقيقة عما وصفه بجرائم «حماس» في 7 أكتوبر ليمهّد للغزو المدمّر. ورداً على اتّهامه بالهمجية والعنفِ المفرط، حاضرَ رئيس الوزراء الإسرائيلي في الإعلام الأميركي قائلاً: «ما حدثَ لنا في السابع من أكتوبر أعظمُ ممَّا حدث لكم في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بمائة مرة».

الثالث: الرهائن ردعٌ وضمانة! 253 رهينة في قبضة «حماس» اتَّضح لاحقاً أنَّها لم توقف الدبابات الغازية. لماذا عندما خطفت «حماس» جندياً واحداً (شاليط)، استخدمته في المساومة خمسَ سنوات، وهذه المرة أخذت مئات الرهائن ولم تهتم إسرائيلُ بإنقاذهم؟ الاعتبار الإنساني لرهائنِها لم يكن بذي أولويةٍ لإسرائيل، التي قالت: وجودُها وأمنُها هما الأهم. بوصفها «دولة صغيرة في بحر من الأعداء»، تعتمد إسرائيلُ على تفوُّقها العسكري بوصفه سياسة ردع، حتى يدركَ خصومُها أنَّها قادرةٌ على تدميرهم. اتخذت إسرائيلُ هجومَ «حماس» في أكتوبر وخطف مواطنيها تبريراً لغزوها، وشنّت عملية عسكرية، هي الكبرى منذ حرب 1973.

التَّصور الخاطئ الرابع: أوكرانيا والتوازنات الدولية لصالح «حماس». كان يقال إنَّ انشغال دول أوروبا والولايات المتحدة بحرب أوكرانيا، ذات البعد الاستراتيجي، سيحدّ من دعمها لإسرائيل سياسياً وعسكرياً. في الواقع، لدى هذه الدول من فائض القوة ما يكفي لخوض حروب متعددة، وقد حصلت إسرائيل على مدد عسكري مضاعف، لدعمها وتهديد خصومها.

التخيل الخاطئ الخامس: وحدة الساحات. بشكل كبير تردد الحديث والمراهنة على دخول «حزب الله» في الحرب. لم يأخذ هذا التَّحليل في الاعتبار حساباتِ طهران المختلفة عن «حماس». إيران تخطّط لإثارة الأزمات ضمنَ المساومة السياسية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وليس لمحاربتها أو تحرير فلسطين. وتفعيل، ما سُمي وحدةَ الساحات، قد يعني تعريضَ وكلائِها للتدمير، وتحديداً «حزب الله». المتخيلون، في بداية الأزمة، كانوا ينتظرون من هذه القوى الممانعة أن تهبَّ وتشاركَ في الحرب، وتمنعَ إسرائيل من الاستفراد بـ«حماس»، وتضطرها لقبول وقف إطلاق النار.

كما شهدنا، تُركت «حماس» لمصيرها. لم يخطئ المتخيّلون في تقدير أهميةِ مشاركة «حزب الله» في معادلة تقليص مدةِ القتال والخسائر، إنَّما أخطأوا في قراءة استراتيجية إيران الإقليمية وحساباتها. فقد نبهت إسرائيلُ «حزب الله» في بداية الحرب، إلى أن ما فعلته به في عام 2006 كان مجردَ نزهة. بالفعل، «حرب تموز» كانت محدودةً مقارنةً بما تفعله إسرائيلُ بغزةَ هذه المرة. والحزب، بدوره، كرَّر علانية تأكيده للإسرائيليين أنَّه لا يرغب في خوض الحرب.

الفريق الوحيد، المحسوب على إيران، الذي دخل المعركة، كانَ الحوثي في اليمن باستهدافِه الملاحةَ التجاريةَ في البحر الأحمر وبحر العرب. فهو أقلُّ كلفةً سياسية ومادية على إيران، وأتوقّع أن يحققَ للإيرانيين مبتغاهم، حيث قد يضطر تحالف «الازدهار» إلى التواصل مع طهران للجم الحوثي.

إسرائيل، التي لم تتضرّر كثيراً، حقق لها هجوم الحوثي رغبتها في أن ترى تحالفاً عسكرياً يتشكّل بقيادة واشنطن لخوض حرب موازية. ولا نستطيع أن نغفل أنَّ السعودية في هذا الجانب، التي رفضت مشاركة التحالف، عزَّزت مكاسبَها والتأكيد على صحة موقفها القديم في حرب اليمن. إسرائيل لم تخسر و«حماس» لم تستفد من أزمة البحر الأحمر.

السادس: المراهنة على التعاطف الشعبي الدولي الذي سيضغط على الغرب وإسرائيل ويوقف الحرب.

كما نرى، أربعةُ أشهر مرَّت وفشلت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في وقف الحرب أو تغيير المواقف السياسية. في حرب غزة، جاء حجم التعاطف الشعبي الدولي، حتى في الولايات المتحدة وبريطانيا، ضخماً. التيار المعادي للحروب دائماً موجود في الغرب، ولم يسبق أن غيّر كثيراً. الوضع اليوم يشبه الأشهر التي سبقت غزو العراق في 2003، عندما غصَّت ميادين العواصم الغربية بالمظاهرات، وفشلت في أن تثنيَ قادةَ الدول عن قراراتهم. وأتذكَّر في غزو شارون لبيروت عام 1982، الخيامَ التي نصبت للمحتجين على جادة بنسلفانيا أمام البيت الأبيض، شارك فيها نواب، وناشطون، وتغطيات تلفزيونية حية. شارون دخل بيروت ودمَّر من كان في طريقه وأخرج عرفات ورجاله.

هل تجعل «حماس» غزة مقديشو أو أنَّها خرجت من اللعبة؟ موضوع مقالي المقبل.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة والتَّخيّلات الستة الخاطئة غزة والتَّخيّلات الستة الخاطئة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أكرم حسني يكشف حقيقة تقديمه "الناظر 2"
 العرب اليوم - أكرم حسني يكشف حقيقة تقديمه "الناظر 2"

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab