هاريس وترامب حيرة الأمتار الأخيرة

هاريس وترامب.. حيرة الأمتار الأخيرة!

هاريس وترامب.. حيرة الأمتار الأخيرة!

 العرب اليوم -

هاريس وترامب حيرة الأمتار الأخيرة

بقلم : عبد الله السناوي

 

لا يملك أحد، هنا أو فى أى مكان آخر بالعالم، أن يتجاهل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وما بعدها من تداعيات وسياسات بقدر انعكاساتها على المسارات والمصائر فى الحروب والأزمات الدولية المشتعلة.

وفق استطلاعات الرأى العام تتقارب على نحو مربك فرص المرشحيْن «كامالا هاريس» و«دونالد ترامب». لم تبرز «هاريس» شخصية مستقلة عن الرئيس الحالى «جو بايدن»، ولا خرجت من تحت عباءته. كانت تلك نقطة الضعف الرئيسية فى حملتها الانتخابية. لم يكن بوسعها أن تتحلل من إرث إدارته، التى مالت إلى العسكرة المفرطة فى أوكرانيا وغزة ولبنان، وإلا فقدت شرعية خلافته بعدما تقوضت فرصه على خلفية الحالة الصحية والذهنية، التى بدا عليها فى المناظرة مع «ترامب».

فى البداية أحرزت تقدما ملحوظا بمجرد التغيير فى الوجوه.. ثم كسبت زخما إضافيا بعد المناظرة مع «ترامب»، لكن فرصها أخذت تاليا فى التراجع إلى حدود منذرة. فى مناظرتها مع «ترامب» حاولت أن تلفت نظره أنها المرشحة أمامه، لا «بايدن» إلا أنه استمر فى الضغط على نقطة ضعفها الرئيسية.

تبدت فى المشهد الانتخابى ثلاثة محاور لشن الحملات عليها، الاقتصاد، والمهاجرين، والحروب فى أوكرانيا وغزة ولبنان. فيما يتعلق بنا يصعب اعتبار موقفى «هاريس» و«ترامب» من حربى غزة ولبنان ومستقبل المنطقة متشابهين، رغم توافقهما العام على دعم إسرائيل وإمدادها بكل ما تحتاجه من تسليح بذريعة الحفاظ على أمنها.

بأى نظر موضوعى فإن «هاريس» أقل وطأة من «ترامب»، رغم كل الغضب المشروع والطبيعى، على مواقف الإدارة الأمريكية الحالية، التى وفرت الغطاء السياسى والاستراتيجى لأبشع حروب الإبادة والتطهير العرقى فى العصور الحديثة.

الحقيقة أن «هاريس» تدفع الآن أثمانا فادحة قد تكلفها خسارة السباق الانتخابى جراء سياسات لم تكن شريكا حقيقيا فى صنعها، أو كانت ظلا باهتا فى كواليسها.

عند الأمتار الأخيرة تعترضها أزمات يصعب تجاوز آثارها بسهولة مثل انحسار دعم وتأييد يسار الحزب الديمقراطى وقواه الشابة، التى شاركت بفاعلية فى الاحتجاجات الطلابية الكاسحة بجامعات النخبة، ضد مجازر غزة المروعة والتواطؤ الرسمى معها. ابتعدت فى الوقت نفسه عن قاعدتها المفترضة ونحت إلى اليمين فى برنامجها الاقتصادى.

هكذا تعمقت أزمة «هاريس». عدلت فى صياغة موقفها السياسى من الحرب على غزة لمرات عديدة بمقتضى الحسابات الانتخابية المتغيرة.

فى البداية مالت إلى شىء من التوازن لكسب أصوات اليسار والشباب الغاضب.. ثم ذهبت إلى دعم أكثر سفورا لإسرائيل للحفاظ على الدعم التقليدى المالى والسياسى لحزبها من اللوبيات اليهودية.

لكنها عادت أخيرا تبحث عن التوازن خشية أن تخسر الانتخابات فى بعض الولايات المتأرجحة، التى تتمركز فيها أقلية عربية مؤثرة، كـ«متيشجان». أحد السيناريوهات المرجحة الامتناع عن التصويت، أو وضع بطاقات بيضاء فى صناديق الاقتراع. من مفارقات ذلك السيناريو أنه هدية مجانية لـ«ترامب» الأكثر انحيازا لإسرائيل بما لا يقارن.

فى تصريح لافت لـ«هاريس» بولاية متيشجان: «أفخر بدعم قادة المجتمع العربى الأمريكى» داعية إلى إنهاء معاناة الفلسطينيين فى غزة إلى الأبد. كانت تلك محاولة لاستمالة الصوت العربى فى الولاية.

بتوقيت متزامن صرحت أنها لن تكون امتدادا لـ«بايدن». كانت تلك محاولة متأخرة للتخفف من عبء «بايدن» على مستقبلها السياسى.

فى تلخيص لمأزق «هاريس» نشرته مجلة «يو إس إيه توداى» كتب ناشط أمريكى من أصل عربى: «لقد أظهرت تعاطفا أكبر مع غزة، لكن موقفها لم يكن مثاليا وهو ما يفسر رغبة الكثيرين فى عدم المشاركة بالانتخابات».

بدا مثيرا للالتفات أن «هاريس» و«ترامب» قالا فى وقت واحد إن «مقتل يحيى السنوار فرصة لإحداث تسوية أو إجراء صفقة »، دون أن يقصدا المعنى نفسه، أو يتبنيا صراحة وقفا مستداما لإطلاق النار. بل إن «ترامب» اعتبر أن إدارة «بايدن» تعمل على تقويض «بنيامين نتنياهو». كان ذلك التصريح بقدر شخصنته تعبيرا عن رهانات متبادلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى على مرحلة ما بعد الانتخابات.

يستلفت النظر أن (78%) من الأصوات اليهودية الأمريكية فى انتخابات (2020) انحازت إلى «بايدن»، الذى يعلن أنه «صهيونى»، ضد «ترامب» رغم سجله الملىء بالإنجازات الكبيرة للدولة العبرية. لن تحظى «هاريس بنسبة مقاربة هذه المرة. ربما تحصد نحو (60%) من الأصوات اليهودية».

داخل الرأى العام الإسرائيلى الصورة تختلف جذريا. حسب كلام واضح وصريح فى «الجيروزاليم بوست»، التى تنشر بالإنجليزية: «إذا أردت مصلحة إسرائيل فلا تنتخب هاريس».

بنفس الصحيفة طرح «آرى زيفوتوفسكى» سؤالا رآه جوهريا: «من هو الرئيس الأكثر إيجابية من منظور إسرائيلى؟». اتسقت إجابته مع سياسات اليمين الإسرائيلى المتطرف. اتهم «هاريس» بـ«أنها تلقى باللوم دائما على إسرائيل وتتهمها بقتل كثير من المدنيين فى غزة»، كأنها لم ترتكب أية جرائم حرب بحق المدنيين خاصة الأطفال والنساء. ينسب إليها معارضة الحرب ضد إيران عام (2020)، والتصويت لصالح مشروع سحب القوات الأمريكية من اليمن عام (2009) وانتقاد للضربة الأمريكية لمواقع عسكرية فى سوريا عام (2018) بمزاعم استخدامها أسلحة كيميائية. إنه البحث فى الأرشيف لتأسيس حيثيات رفض «هاريس».

ببحث آخر كله يدخل فى العلم العام، فإن سجل الرئيس الأمريكى السابق «ترامب» يتضمن: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورى المحتل وإدارة المفاوضات لإتمام الاتفاقيات الإبراهيمية، وإلغاء الاتفاق النووى مع إيران، ووقف دعم الأونروا والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وإدراج الحوثيين فى قائمة الإرهاب الدولى.

لم يشفع لإدارة «بايدن» و«هاريس» ما وفرته من دعم شبه مطلق لإسرائيل أنقذها من هزيمة استراتيجية فادحة. الحسابات الإسرائيلية المستجدة تنظر فى المستقبل، من قد يكون أكثر فائدة لمصالحها وأمنها. توقفت عند الإفراج عن بعض الودائع الإيرانية وتعليق بعض شحنات الأسلحة، دون أدنى إشادة بالدور الذى لعبته بعد السابع من أكتوبر (2023).

مشكلة العالم العربى أنه لا يعترف بالأرشيف والذاكرة، لا يعرف أصدقاءه من أعدائه، ولا ينظر باعتبار كبير لمصالحه العليا وحسابات مستقبله. إذا سألت نفس السؤال: أى المرشحيْن أفضل من منظور عربى؟ الإجابات لن تتعدى الانطباعات الغاضبة للرأى العام، أو المصالح الصغيرة للسياسات المتحكمة.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاريس وترامب حيرة الأمتار الأخيرة هاريس وترامب حيرة الأمتار الأخيرة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab