بقلم : عبد اللطيف المناوي
على خلاف التوقعات، وعلى خلاف توقعى أنا شخصيًّا، مُنى اليمين المتطرف فى فرنسا، والذى تتزعمه مارين لوبان، بهزيمة شبه مدوية، بعدما حل فى المرتبة الثالثة فى الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية، فيما فاز تحالف اليسار أو «الجبهة الشعبية الجديدة» على اليمين، وعلى معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون «معًا» كذلك.
فحسب النتائج النهائية للانتخابات، والتى نشرتها وزارة الداخلية الفرنسية، أمس، تصدر تحالف اليسار نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة بـ١٨٢ مقعدًا فى الجمعية الوطنية الفرنسية، بينما حصل المعسكر الرئاسى على ١٦٨ مقعدًا، بينما حصل التجمع الوطنى، (القابع فى أقصى اليمين)، وحلفاؤه على ١٤٣ مقعدًا.
وبذلك؛ لا تستطيع أى من التشكيلات السياسية الوصول بمفردها إلى الأغلبية المطلقة، البالغة ٢٨٩ نائبًا. بتلك النتيجة، تجد فرنسا نفسها فى حالة من عدم اليقين قبل ثلاثة أسابيع فقط من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية فى باريس، فمعسكر ماكرون، وبعد أن حصد ٢٥٠ مقعدًا فى انتخابات يونيو ٢٠٢٢، ها هو يفقد أكثر من ٥٠ مقعدًا!.
الغريب فى الأمر أن ثلاثة مراكز بحثية، ذات ثقل، أكدت أن التجمع الوطنى اليمينى فى طريقه إلى حصد غالبية نسبية كبيرة فى الجمعية الوطنية الفرنسية، وربما غالبية مطلقة وفق توقعاته، وسيكون للحزب الحق فى تعيين رئيس الوزراء والحكومة، وهو ما معناه أن «لوبان» كانت ستحل محل ماكرون، أو على أقل تقدير، ستكون رئيسًا للحكومة، أو تشكلها.
ولكن المفاجأة حدثت.
مارين لوبان علقت على النتائج بقولها إن «النصر مؤجل فقط»، مؤكدة أن المد اليمينى يتصاعد رغم أنه لم يصل إلى المستوى المطلوب هذه المرة!، داعية إلى عدم الشعور بخيبة الأمل نظرًا لتضاعف عدد نواب حزبها.
نتائج الانتخابات الفرنسية لها مدلولات مهمة، أولها أن استطلاعات الرأى، التى تُجريها بعض المراكز المهمة وذات التواجد، قد تكون نتائجها على غير الحقيقة، ولا أعرف سبب ذلك، قد يكون خللًا فى إجراء الاستطلاع، أو ربما أصابهم ما أصاب مراكزنا فى الوطن العربى.
المدلول الثانى وهو أنه رغم أن الثابت والواضح أن اليمين يتوغل بشكل كبير فى أوروبا، عبر عدد من الممارسات، فإن صوته العالى ربما يكون مخيفًا لكتل حرجة تريد لأوطانها العيش فى سلام.
أما المدلول الثالث فهو أن عدم قدرة رئيس فرنسا، ماكرون، ومعسكره على إقناع الناخبين به هو استفتاء حقيقى على وجوده على رأس السلطة، وسنرى الأيام المقبلة ماذا تقول.
رئيس وزراء فرنسا، جابرييل أتال، تقدم باستقالته، صباح أمس، وقال، فى تصريحات له، إن نتائج الانتخابات جنّبت فرنسا من خطر الأغلبية المطلقة لأقصى اليسار أو أقصى اليمين، مؤكدًا أنه كان قد حذر من خطر أغلبية مطلقة لأى من الطرفين، سواء اليمين أو اليسار، إلا أن الجمهورية الفرنسية الخامسة على شفا اختبار كبير، فإما أن تثبت أنها دولة تعددية بحق، وإما فليذهبوا جميعًا بشعاراتهم الرنانة.
نقلاً عن "المصري اليوم"