بقلم - عبد اللطيف المناوي
تابعت خطاب كامالا هاريس الذى أعلنت فيه قبول ترشيح الحزب الديمقراطى لها لخوض سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
الخطاب مدته 37 دقيقة، وهى مدة قصيرة نسبيًا، إذا ما قورن بخطابات الآخرين لهذه المناسبة عبر السنين، فخطاب ترامب مثلا تجاوز 90 دقيقة.. لكن لاحظت أثر الخطاب على الحضور وكيف ألهب حماسهم. بدا الخطاب طبيعيا، مباشرا، يؤثر ويلهب الحماس. حتى أولئك الذين مثلى ليس لهم فى الأمر شىء، ضبطت نفسى متحمسًا متأثرًا بما تقول.
كان ذلك سببا لمحاولة فهم كيف تم بناء الرسالة وتقديمها وتغليفها فى أُطر قادرة على التأثير فى جمهور مختلف ومتباين الخلفيات والاتجاهات.
وضعت كامالا لخطابها عدة أعمدة للخيمة وليس عمودًا واحدًا.
تحدثت عن خلفيتها من أبوين مهاجرين، عن تحقيق الحلم على أرض الأحلام، عن أمها، عن انتمائها للطبقة العاملة، عن الأمل فى المستقبل. وتوقفت أمام النقاط المحورية والمؤثرة فى السياسات الداخلية والخارجية.. إضافة إلى كل هذا وجّهت سهامها إلى منافسها ترامب.
خطاب بهذه الحرفية وهذا الاتقان يستوقفنى لأعرف من بناه ومن كتبه وكيف استعدت له كامالا، وكان من بين ما قرأت وأنا أبحث، تقرير متميز للصديقة الزميلة هبة القدسى حول الخطاب. تناولت خلفياته وقارنت بينه وبين غيره من خطابات سابقة.
اختارت هاريس، فى الغالب مستشاريها، الكاتب آدم فرنكل، أحد الكتاب الرئيسيين لخطابات الرئيس الأسبق باراك أوباما، لكتابة وصياغة خطاب قبول الترشح. توقعى الذى تأكدت من صحته أن كامالا اهتمت بإعداد هذا الخطاب والتحضير له عقب انسحاب بايدن وترشحها. وخصصت وقتًا واهتمامًا كبيرًا للتحضير له، والنسخة الأولى من الخطاب تم إعدادها بعد أيام قليلة من انسحاب بايدن.
وراجعت هاريس المسودة الأولى للخطاب عدة مرات، وأمضت مع الكاتب آدم فرنكل عدة ساعات فى وضع الخطوط الأساسية التى تريد عرضها، كما أجرت ثلاث بروفات على الأقل مع أجهزة التلقين، تيلى برومتر، الذى تبدو وهى تستخدمه وكأنها ترتجل، ولكنها فى الحقيقة تقرأ نصا مكتوبًا.
قيمة هذا الخطاب أنه بما امتلك من عناصر وبناء يعد أحد عناصر الدفع المهمة للمرشحة الديمقراطية. استطاع من بنى الخطاب وصاغه أن يستخدم عناصر التأثير الحقيقية على الناخبين بمختلف توجهاتهم، وامتلك المعرفة الكافية بشخصية كامالا وخلفيتها العائلية والاجتماعية ليوظف منها ما يمكن استخدامه لكسب الجمهور مختلف التوجهات.
ولم يكن هذا لينجح دون اقتناع من كامالا بأن التواصل مع الجمهور عِلْم له أصوله وله محترفةه. وأن كاريزما الشخص شديدة الأهمية، هى المنصة التى يُبنى عليها جهد الفريق.