بقلم : عبد اللطيف المناوي
يبدو أن آلية تلقى الأخبار الآن تغيرت بشدة بعد الأحداث المتلاحقة فى المنطقة العربية، لا سيما منطقة الشام منها، بداية من حرب غزة المستمرة لأكثر من سنة، ودخول لبنان على الخط ثم الوصول إلى اتفاق مع إسرائيل، وأمور أخرى تحدث فى مدينة حلب السورية، وهى الأمور التى لا يُعرف عنها الكثير.
ببساطة شديدة ما يحدث فى حلب هو تكرار لنفس ما حدث فى بداية الحرب السورية، حيث خرجت فصائل سورية مسلحة لتهاجم القوات الحكومية، ولكن ما هى تلك الفصائل؟.
الفصائل المهاجمة هى فصائل مسلحة تنتمى إلى الشمال السورى، تصدر بيانات تحت مسمى «غرفة عمليات الفتح المبين»، وقد ظهرت لأول مرة فى مايو 2019 تقريبًا، والآن كل ما تعلنه يصدر عن جهة تُسمّى «إدارة العمليات العسكرية»، وعلى رأس الفصائل المسلحة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، ومعها فصائل عديدة.
الهجوم حمل اسم «ردع العدوان»، وهو الأكبر منذ ٥ سنوات، ونطاقه الأوّلى ريف حلب الغربى وريف إدلب الشرقى، ويُعدّ أول اختراق لخطوط التماس مع القوات الحكومية فى محافظة إدلب منذ الاتفاق بين تركيا وروسيا فى مارس عام 2020 والمعروف باسم اتفاق «بوتين- أردوغان»، علمًا بأن إدلب هى منطقة خفض التصعيد الرابعة ضمن ما يُعرف بـ«مناطق خفض التصعيد».
الغريب أن هذه الهجمات هى باستخدام طائرات من دون طيار، بعضها صناعة تركية، وبعضها الآخر تقول فصائل سورية معارضة إنها قامت بإنتاجها! فضلا عن صواريخ وعربات مصفحة، وهذا يعنى أن هناك حركة تصنيع لأسلحة أو حتى تهريب وقعت بغير علم القوات السورية.
الأكثر غرابة أن القوات أعلنت استعادة أكثر من 60 بلدة، ما يعنى أن ريف حلب الغربى أصبح تحت السيطرة الكاملة للفصائل المسلحة، ومساحة هذه المناطق تقدر بـ 400 كيلو متر مربع! وهو رقم كبير للغاية.
أما الأحياء الرئيسية فى حلب، فإن المعارك تتواصل فيها، فيما يقول الجيش السورى الحكومى إن قواته تتصدى لهجمات فصائل وصفها بـ«الإرهابية» فى إدلب إضافة إلى حلب، وتستخدم فى تلك المعارك أسلحة ثقيلة.
سوريا كانت مسرحًا للعمليات العسكرية فى السابق، وكانت مستنقعًا للتدخلات الغربية، ولعل التدخل الروسى كان الأقوى والأكثر نجاعة، وكذلك التدخل التركى وخصوصًا فى حلب، فهل تعود سوريا من جديد لأن تكون مكانا للتدخلات؟.
الواقع سلبى للغاية، ويعتبر تعدّيًا على السيادة السورية على أرضها، وربما يكون هناك ضرورة أن تستعيد الحكومة حلب سريعًا، حتى من النفوذ التركى، الذى يرفضه الأتراك الذين لم يأخذوا موقفًا مؤيدًا أو رافضًا حتى الآن من الهجوم، فى حين أعلنت طهران عن غضبها مما يحدث.
ما يحدث على أرض حلب مزعج للغاية ويُنذر بإعادة الحرب التى أنهكت سوريا لعقد من الزمان من جديد. لهذا لابد من الحذر من إعادة عجلة الزمن إلى الوراء.