«المشاغلة» تحولت إلى مأساة وتهديد وجودي

«المشاغلة» تحولت إلى مأساة وتهديد وجودي!

«المشاغلة» تحولت إلى مأساة وتهديد وجودي!

 العرب اليوم -

«المشاغلة» تحولت إلى مأساة وتهديد وجودي

بقلم:حنا صالح

لم يكن الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قد باشر مباحثاته في تل أبيب، والهادفة إلى ثني إسرائيل عن تنفيذ قرارها المتخذ بتوسيع الحرب شمالاً، عندما استبق الزيارة قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو، بالإعلان عن توصية بـ«السماح للجيش الإسرائيلي بالسيطرة على منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان»!

اعتبر الجنرال أوري غوردين أن «الظروف مواتية... حيث قتل الكثير من عناصر قوة (الرضوان) أو أنهم فروا شمالاً»، كما أن «انخفاض نسبة السكان جنوب الليطاني سيسمح للجيش بتنفيذ هذه العملية ببساطة وسرعة أكثر»! وفي الأسباب الموجبة لهذه الخطوة رهان بأنها ستزيل التهديد المسلط على المستوطنين، ويمكن أن تكون رافعة للتوصل إلى تسوية دائمة.

كان التصور وفق ما روّجه محور الممانعة قبل أحد عشر شهراً ونيف، أن «طوفان الأقصى» يحمل عناصر توازن وردع راجحة، وأنه بالإمكان تحقيق مطلب إسقاط الحصار القاتل للقطاع و«تبييض السجون». وكان إعلان «حزب الله» عن حرب «مشاغلة» «إسناداً» لغزة، ينطلق من اعتبار ضمني أن الخسائر الكبيرة التي ستلحق بإسرائيل ستفضي إلى تسوية لن تتأخر، فتكون المواجهة شهراً وبعض الشهر على أكثر تقدير، تُرفع بعدها رايات الظفر والنصر والإعلان عن تقدم كبير على طريق القدس والتحرير (...).

الأكيد أنه لا يحيى السنوار ولا حسن نصرالله توقفا بدقة عند الأبعاد التي رتبها «الطوفان» على إسرائيل من قلق على الوجود. وهذا أمر لم يطرح بأي شكلٍ من الأشكال منذ قيام دولة إسرائيل، ولا خلال كل الحروب التي خاضتها. وشمل القلق القوى الدولية الداعمة لإسرائيل وأولها الولايات المتحدة، التي وجّه تحركها السريع عسكرياً وسياسياً رسالة حازمة بأنه ممنوع أن تنهزم إسرائيل في أي مواجهة عسكرية. انعدمت الرؤية، وساد خطاب انتصاري من غزة إلى جنوب لبنان، وتغنّى المحور الممانع برشقات الكاتيوشا. كان الرهان أن دمار غزة وحجم الإبادة الجماعية الذي حرك عشرات ألوف المظاهرات حول العالم الشاجبة للتوحش الصهيوني ستكون كفيلة بتغيير السياسات. وضع سريالي تجاهل نكبة القطاع، وقفز فوق الكارثة التي تحدق بالجنوب وبمستقبل لبنان كله. لذا أُسقطت مبادرات التهدئة سواء من قبل إسرائيل أو «حماس»، كما من جانب «حزب الله» الذي ربط لبنان بغزة، ووضع مصير البلد رهن قرار الإسرائيلي.

تكاد حرب التوحش الصهيوني أن تطوي السنة الأولى، يدفع الجنوب ومعه كل لبنان ثمناً لا قدرة للبنانيين على تحمله، ليس فقط نتيجة ارتهان ميليشيا «حزب الله»، بل أيضاً بسبب رعونة بقايا السلطة التي غطت «الحزب»، وألغت الهامش المفترض بين حقوق اللبنانيين ومصالح البلد، والمشروع الخارجي الموكل لـ«حزب الله» تنفيذه. تنكرت لمسؤوليتها عن حماية البلد وانصاعت لقرار ميليشيا الأمر الواقع التي قالت إن القرار للميدان، معبرة بذلك عن رغبات النظام الإيراني بأن الميدان سيمنح طهران هيمنة معترفاً بها دولياً!

أرض محروقة ودمار وخراب ونزوح كبير جداً عن جنوب الليطاني لم يهتز له جفن مسؤول، و«المشاغلة» لم تؤثر قيد أنملة على العدوانية الصهيونية التي تتغول على الضفة بعد غزة، وتعربد في جنوب لبنان وشرقه وشماله الشرقي، وبلغت الحديدة، وتسجل ضربات قاصمة في سوريا كانت عملية «مصياف» أبرزها. وفي الشهر الثاني عشر على عملية «7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023» يواجه لبنان الخطر الوجودي الأكبر في تاريخه: رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يريد تغيير الوضع على الحدود الشمالية، والجنرال غوردين يهدد باحتلال وحزام أمني! وما يفاقم من المآسي أن بقايا السلطة همّشت البلد؛ أولويتها الصفقات رغم الانهيارات والانكسارات، فأدى غياب سلاح الموقف إلى تعطيل الجيش وترك الدور المرتجى من «اليونيفيل» معلقاً... وبعيداً عن الخطاب الخشبي، تلاشت الادعاءات عن أن سلاح الميليشيا هو الحماية والضمانة، فباتت أولوية «الحزب» وهمّه الدفاع عن وجوده. فيما يبلع النظام الإيراني العملية الإجرامية باستهداف إسماعيل هنية في قلب طهران، لتصبح أولوية الأداء الإيراني ألا تخرج الأمور عن السيطرة ويلحق بـ«حزب الله» بعض ما أصاب الضلع الفلسطيني في الأذرع الإيرانية!

خطر توسع الحرب إلى اجتياح بري للجبهة اللبنانية قائم وخطير، وتهاوت المقولات عن «توازن الردع». صحيح أن هناك قدرة ثابتة على إنزال الخسائر بإسرائيل لكنها مفقودة لجهة تأمين الحماية للبلد. «8 أكتوبر» جوّف القرار الدولي 1701، وتراجعت مكانة لبنان والاهتمام الذي كان... أما «7 أكتوبر» فقد نسف المكتسبات الفلسطينية من ثورة الحجارة إلى أوسلو، ومكّن إسرائيل من تلغيم «حل الدولتين».

وبمعزل عن حجم المظاهرات في إسرائيل والمطالبات بالهدنة، وبتنحي نتنياهو، الذي أفشل عمداً عشرات المبادرات التي كان يمكن أن ينجم عنها تبادل أسرى ومعتقلون، فإن هذه الحرب مكّنت نتنياهو من احتلال موقع متقدم بين زعماء إسرائيل، بدأ يطل معه بقوة مشروع دولة واحدة بين النهر والبحر هي إسرائيل، مع تسارع قضم الضفة، وجعل غزة المحتلة منطقة عسكرية، فيما التطرف الصهيوني يندفع مسترجعاً ضمناً أخطر الشعارات: «من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل»!

 

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المشاغلة» تحولت إلى مأساة وتهديد وجودي «المشاغلة» تحولت إلى مأساة وتهديد وجودي



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab