لبنان «الساحة» ترويج للانتحار

لبنان «الساحة» ترويج للانتحار!

لبنان «الساحة» ترويج للانتحار!

 العرب اليوم -

لبنان «الساحة» ترويج للانتحار

بقلم - حنا صالح

في اليوم الـ68 على مقتلة غزة يستمر التدمير الممنهج للإنسان والعمران. ومع اقتراب عدد الضحايا من رقم الـ20 ألفاً والجرحى من رقم الـ50 ألفاً تعترف «معاريف» بأن «القتلى المدنيين في الحرب على غزة يفوق كل حروب القرن الـ20». مناطق واسعة حوّلها التوحش حقول موت مزروعة بالألغام والقنابل، ومع نحو 10 آلاف غزاوي تحت الركام فكل المنطقة ستتحول بفعل تعفن الضحايا حقل أوبئة خطرة!

رغم بلوغ الدبابات الإسرائيلية عمق مدينتي غزة وخان يونس، فإن الأهداف الإسرائيلية، كالتعهد بتقويض قدرة «حماس» واستئصالها وقتل قادتها لم تتحقق، لكن نتنياهو الذي لا ينافسه قاتل على لقب الاختصاصي في إبادة الرضع والأطفال، ماضٍ في حربٍ مفتوحة، يعرف أن لا سقفَ زمنياً جدياً يحاصره. ها هو وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يواجه وفد قمة الرياض بالقول: «إذا ألقت (حماس) سلاحها، إذا استسلمت سينتهي الأمر غداً» (...)، تاركاً لتل أبيب تحديد الوقت الذي تحتاج إليه من أجل وقف القتال!

ملامح «اليوم التالي» الإسرائيلي لغزة بدأت تتظهر، رغم ما تلحقه المقاومة الغزاوية بالعدو من خسائر تجاوزت كل حساباته، وأرغمته على توفير الإمدادات لقواته عن طريق الإنزال الجوي، كما جس النبض لهدنة بذريعة العودة لمبادلة الرهائن بالمعتقلين. أبرز هذه الملامح، إلى جعل أجزاء واسعة بمثابة أرض محروقة موبوءة غير صالحة للعيش، يتم الدفع القسري بمئات الألوف باتجاه رفح والحدود مع مصر وتركهم في العراء في شتاء صحراوي يفتقرون إلى لقمة الخبز وقطرة الماء؛ ما سيضطرهم إلى النزوح نحو سيناء، ليتزامن ذلك مع قضم الأرض والإصرار على منطقة عازلة فتتآكل اللاآت الأميركية الخمس، ويعلن نتنياهو، الاثنين، أمام الكنيست «إن إسرائيل ستكون وحدها المسؤولة عن الأمن في غزة بعد الحرب»!

المشهد الغزاوي آخذ في التفاقم فيتسع العنف المفرط المسلّط على الفلسطينيين ويتعمق السقوط الأخلاقي عالمياً. فيشكل الفيتو الأميركي غطاءً لتوحش لم يفرق لحظة بين مدنيين وعسكريين، بوهم القدرة على محو جروح عميقة أصابت صورة السوبرمان الصهيوني ومكانته وقوته المطلقة وقدراته اللامحدودة، إلى استعادة الثقة بمؤسسة الجيش بعدما برزت جوانب من تداعيات «7 أكتوبر(تشرين الأول)» الماضي قضت بتحويل مئات الضباط والعسكريين إلى عيادات العلاج النفسي. لكن بما هو متعلق بـ«اليوم التالي» تبقى الأمور بخواتيمها!

في أوائل هذا الأسبوع طلب الوزير بيني غانتس منح واشنطن لتل أبيب الضوء الأخضر لشنِّ عملية عسكرية موسعة على الجبهة الشمالية، معلناً أن «إسرائيل ستحتاج إلى إزالة التهديد الذي يشكله (حزب الله) على طول الحدود الشمالية»... بينما أورد نتنياهو ووزير دفاعه غالانت ما يكفي من الإشارات من أن إطلاقَ حرب واسعة مسألة وقت، والحجة إبعاد «حزب الله» عن جنوب الليطاني. أي قراءة متأنية للمواقف على جانبي الخط الأزرق، لدى الإسرائيليين ولدى «حزب الله»، وليس لبنان، تشي بصعوبة ضبط الاشتباكات عند المستوى الحالي، وتعذر العودة بالوضع إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر. فتُقدِم إسرائيل على تصعيد متدحرج مستفز فترسم صورة غزاوية عن توحشها فتدمر بالكامل أحد أحياء بلدة عيترون. إنها رسالة بالغة الدلالة عما سيلحق بلبنان، أعادت إلى الذاكرة صور الضاحية الجنوبية لبيروت في حرب عام 2006، ومشهد قلب العاصمة بعد جريمة الحرب التي استهدفت مرفأ بيروت!

تزامن وضع لبنان على حافة انزلاقٍ كبير، مع تكرار تهديد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من «أن الأمور ستخرج عن السيطرة»، وإعلانه أن اللقاء بين طهران وتل أبيب يتمحور حول رفض حلِّ الدولتين (...)؛ ما سلّط الضوء على رهانات طهران التي تهدد بحرب شاملة، أصبح قرارها الفعلي وتوقيتها بيد العدو الإسرائيلي، وهو خطر داهم تبلغته بيروت، وكان محور زيارتي ممثلين عن الرئاسة الفرنسية (لودريان وآيميه) ومن بعدهما الوفد الأمني السياسي الفرنسي الذي زار بيروت قادماً من تل أبيب.

هناك اليوم في لبنان سباق بين السقوط في لجة حرب مدمرة أو تغليب صوت العقل لدرء الخطر الزاحف، والسبيل العودة غير المشروطة إلى الالتزام الحقيقي بالقرار الدولي 1701، الذي لم يطبق أبداً، وكان عرضة لخرق متبادل من إسرائيل و«حزب الله». آن أوان الكف عن خداع الناس بمقولات عن بداية هلاك الكيان الصهيوني واستسهال التعاطي مع الأخطار، بالترويج لتكريس «ربط الجنوب بغزة» ليضمن «حزب الله» لنفسه، «شراكة في التفاوض على المرحلة اللاحقة»، هي في حقيقتها حجز موقع لطهران صاحبة القرار بـ«المشاغلة» العسكرية من جنوب لبنان حتى جبال صعدة اليمنية!

مثل هذا الترويج الذي لا يعبأ أصحابه بخطر الحرب الزاحفة، يقفز مروجوه فوق الدمار والضحايا يتجاهلون جدوى إشعال الجنوب واستدراج الحرب وهم يعرفون أن «المساندة» لم تبدل من واقع غزة، ولم تحُد من التوحشّ، كما أنها لم تدرأ الخطر عن بيوت الآمنين وتحميهم، بل تصبّ في خدمة حسابات الخارج! بهذا السياق ينبغي التمعن بأبعاد السياسات التي مكّنت «حزب الله» من احتكار القرار، على قاعدة عزل البلد، وترك شعبه لمصيره، وانعدام وجود جهة رسمية قادرة على المبادرة واتخاذ الموقف لفرملة الاستباحة ورفع الصوت رفضاً للانتحار وتمسكاً بأولوية حماية الأرواح برفض الحرب لمنع دمار البلد.

وبهذا السياق يصبح مفهوماً تكرار فرض شغور في الرئاسة، وفراغ في السلطة التنفيذية، وتجويف المؤسسات، وصولاً إلى معطيات تتحدث عن استهداف الجيش بإسقاط تأجيل تسريح قائده، رغم ما قد يحمل من مخاطر، أولها عرقلة تعزيز العديد لاستكمال الانتشار، في حال بروز إمكانية إخلاء جنوب الليطاني من السلاح اللاشرعي والمسلحين. وعوض أن يضمن الجيش أمن الجنوب وسلام البلد، يتعذر انتشال لبنان من الحضن الإيراني في زمن الحرب الطويلة على غزة والسلام الفلسطيني المؤجل.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان «الساحة» ترويج للانتحار لبنان «الساحة» ترويج للانتحار



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 14:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أكرم حسني يكشف حقيقة تقديمه "الناظر 2"

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab