الهند والانفجار السكاني

الهند والانفجار السكاني

الهند والانفجار السكاني

 العرب اليوم -

الهند والانفجار السكاني

بقلم - جمعة بوكليب

تزايد ملحوظ في السنوات الأخيرة في نسبة القلق بين دول العالم، المتقدمة صناعيا وتقيناً، من انخفاض نسبة المواليد، وارتفاع نسبة المسنّين من السكان، خشية من التداعيات السلبية على مستويات المعيشة، لاحتمال أن يؤدي ذلك بالضرورة لانكماش الناتج المحلي الإجمالي، بسبب انخفاض الدخل الضريبي. الأمر الذي دفع بعضها إلى تبنّي سياسات عاجلة غرضها تعويض النقص الديموغرافي. كندا، على سبيل المثال، تبنت سياسة تشجيع الهجرة، واستقبلت مؤخراً أعلى نسبة من المهاجرين في تاريخها، وفقا لإحصائيات رسمية. وبالتأكيد، تابعنا، في وسائل الإعلام الدولية مؤخراً، السياسة المنتهجة في فرنسا برفع سن التقاعد، وردود الفعل العنيفة ضدها شعبياً. كما تبنّت بريطانيا نفس السياسة برفع سن التقاعد، ولحسن حظ حكومتها لم تقابل بأي رفض شعبي. وفي خضم هذا القلق، نجت الهند من هذا الفخ. في الأسبوع الماضي، صدر تقرير عن الأمم المتحدة يؤكد أن الهند ستتجاوز الصين في عدد السكان، في نقطة زمنية خلال فصل الصيف القادم، ولأول مرة منذ قرابة 300 عام. التقرير الأممي يؤكد أن عدد سكان الهند سوف يصل إلى مليار وأربعمائة وثمانية وعشرين مليون نسمة، مقارنة بمليار وأربعمائة وخمس وعشرين مليون نسمة عدد سكان الصين.
ارتفاع عدد السكان في الهند جاء مصحوباً بخبر تجاوز الهند لبريطانيا في قائمة الاقتصادات العالمية الكبرى، باحتلالها المرتبة الخامسة. التقارير الإعلامية الغربية تشير إلى احتمال قفز الهند إلى المرتبة الثالثة، بحلول العام 2050. أي إنها اقتصادياً ستكون ثالث أكبر اقتصاد عالمي بعد أميركا والصين.
وهي من ناحية عدد السكان تعد أكبر ديمقراطية في العالم. وفي هذا العام، سوف تستضيف نيودلهي قمة العشرين. أضف إلى ذلك أن تنبؤات المصرف الدولي تشير إلى أن نمو الاقتصاد الهندي سوف يصل إلى 6.1 في المائة هذا العام. وهو واحد من أعلى معدلات النمو الاقتصادي بين الاقتصادات الكبرى.
التقرير السكاني الأخير حظي باهتمام إعلامي لافت. السبب، في رأيي، يعود إلى تفاقم التوتر السياسي بين الغرب والصين، واحتمال سحب الشركات الغربية الكبرى استثماراتها من الصين وتحويلها إلى الهند، رغم أن الهند وقفت على الحياد في موقفها من الحرب الأوكرانية – الروسية، ورفضت تنفيذ العقوبات الغربية ضد موسكو، بل استغلت الأزمة لاستيراد المزيد من النفط الروسي وبأسعار رخيصة. كما رفضت الانضمام إلى التحالف الأميركي ضد الصين.
ارتفاع نسبة الشباب بين السكان هو ما يميز الهند عن الصين. التقارير الإعلامية الغربية تقول إن 40 في المائة من السكان الهنود تحت سن الخامسة والعشرين. وإن واحداً من كل خمسة أشخاص تحت سن الخامسة والعشرين في العالم يعيش في الهند. وإن متوسط العمر بين السكان في الهند هو 28 عاماً، مقابل 38 عاما في أميركا، و39 عاما في الصين. هذا التميز السكاني في الهند لا يخلو من نقاط ضعف. أهمها أن نصف القوى العاملة تقريباً محصور في الزراعة.
وأن 46 في المائة منها ممن تتجاوز أعمارهم 25 عاماً لم يتجاوز تعليمياً المرحلة الابتدائية. التقارير الإعلامية تؤكد أيضاً أن الزيادة في عدد السكان في الهند اقتصرت فقط على خمس ولايات من مجموع 36 ولاية. وأن ارتفاع مستويات المعيشة في الهند إجمالا، يخفي حقيقة أن السكان في العديد من الولايات ما زالوا تحت مستوى الفقر، وأن أكثر من ثلث الأطفال الهنود يعانون من نقص التغذية.
ونسبة البطالة تصل إلى 7 في المائة. وتزداد ارتفاعاً. كما أن هدف الحكومة الهندية في استقطاب الرأسمال الاستثماري الغربي من الصين يواجه عقبات أهمها استفحال الفساد في الهند. وأن هدف النمو الاقتصادي المأمول يقابله خوف من تفاقم التلوث البيئي. التقارير الإعلامية الغربية تقول بوجود 63 مدينة هندية في قائمة 100 مدينة في العالم تعد الأكثر تلوثاً، وإن 70 في المائة من مياه الشرب السطحية ملوثة، وغير صالحة للشرب. إلا أن كل ذلك لا يعني أن الهند لن تتمكن من أن تكون قوة سياسية في الساحة الدولية. فهي تحظى بأنياب نووية، وقوة عسكرية تقليدية هائلة. وظلت حريصة على استقلالية سياساتها.
ورغم تحفظاتها السياسية على جارتها الصين، وما بينهما من خلافات حدودية في جبال الهيمالايا، وصلت في فترة سابقة إلى درجة توتر غير مسبوقة، فإنها رفضت الانضمام إلى التحالف الأميركي ضد الصين. والتقى رئيس حكومتها ناريندرا مودي بالرئيس الصيني شي جينبينغ لأكثر من 18 مرة.
هل يعني ذلك أن الهند ستزيح الصين عن مكانتها الاقتصادية العالمية؟ ربما يحدث ذلك في المستقبل.
لكن حالياً، أو في المستقبل القريب فهو غير وارد. الاقتصاد الصيني أكبر خمسة أضعاف من نظيره الهندي تقريباً. ومتوسط دخل الفرد في الصين يصل إلى 13 ألف دولار سنويا مقابل 2.500 دولار في الهند. والتفوق السكاني يمنح الهند مزايا عديدة، لكنه قد يكون في ذات الوقت عقبة أمام تقدمها، ما لم تنجح في توفير 90 مليون وظيفة سنويا لاستيعاب الشباب.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهند والانفجار السكاني الهند والانفجار السكاني



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab