بريطانيا لعبة المراهنة

بريطانيا: لعبة المراهنة

بريطانيا: لعبة المراهنة

 العرب اليوم -

بريطانيا لعبة المراهنة

بقلم - جمعة بوكليب

الشركات البريطانية المتخصصة في المراهنات، مثل نظيراتها في مختلف عواصم العالم، تتميز بامتلاك أنوف تشمّ المال أينما كان، ولا تخطئ الهدف إلا نادراً. لذلك السبب لا غير، لا تترك صادرة ولا واردة إلا وتلقي بثقلها وراءها. الأحداث السياسية المهمة، مثل الأحداث الرياضية، تدخل ضمن تلك الاهتمامات، وفي مقدمتها يأتي حدث مواسم الانتخابات النيابية.
وإذا كانت الاستقراءات لمعرفة توجهات الرأي العام انتخابياً مهمة، وتسعى المؤسسات المتخصصة بدأب على تقديم تنبؤات استقرائية تقترب من الدقة، حرصاً على سمعتها، فإن التكهنات الصادرة عن شركات المراهنة في المواسم الانتخابية لا تقل عنها أهمية. الخوفُ من الخسارة، هو ما يجعل تلك الشركات تتحرك بحاسة سادسة تفادياً لأي خسارة محتملة. ولتلك الغاية، تضع نصب أعينها متابعة استقراءات الرأي العام، وفي الوقت ذاته تلتجئ إلى تجنيد خبراء ومعلقين ومحللين، ليقدموا استشاراتهم وقراءاتهم الخاصة للحدث.
وسائل الإعلام تسلّط كثيراً من الضوء على ما يحدث في مكاتب تلك الشركات، وتتابعها بدقة متناهية، أولاً بأول، لمعرفة ما استجد من فروق في الآراء بين شركة وأخرى، والأسباب.
الانتخابات النيابية البريطانية، ستعقد في نهاية العام المقبل، هذا إن التزم الركاب في مركب حزب المحافظين، من النواب البرلمانيين تحديداً، بالحفاظ على هدوئهم، وتركوا رئيس الحكومة ريشي سوناك يواصل الإمساك بدفة القيادة، والتركيز على خطّ السير، بما يضمن وصول المركب بسلام إلى برّ الأمان بنجاح، كما يَعِدهم.
المؤشراتُ الحالية تشي بأن النواب المحافظين، رغم مخاوفهم المعلنة من احتمال خسارة الانتخابات وفقدان وظائفهم، غَلّبُوا المنطق، ورضوا، مؤقتاً، بالتزام الهدوء، حتى لا يتسببوا في غرق المركب بمن فيه قبل الأوان. واضطروا مكرهين إلى لجم نزعة التمرد ضد زعمائهم، التي عُرفوا بها، وصارتْ علماً عليهم.
الحقيقة التي كشفت عنها الشهور القليلة الماضية، وتحديداً منذ اختيار السيد سوناك لزعامة الحزب ورئاسة الحكومة، أبانت شيئين مهمّين؛ الأول أن السيد سوناك، رغم مهاراته الواضحة في ضبط الدفاتر، فإن أمر السيطرة على حزب عتيد وبتاريخ معروف مثل حزب المحافظين وقيادته، لا يحتاج إلى محاسبين مصرفيين مهرة، بقدر حاجته إلى قادة مخضرمين سياسياً، مثل ربابنة خبروا تقلبات البحر والطقس، وامتلكوا قدرة على التنبؤ باتجاه الرياح، والثاني أن أمر إدارة دواوين دولة في حقبة صعبة اقتصادياً، وفي منعطف تاريخي ملتهب دولياً، طالت نيرانه قارات العالم، يتطلب مهارات استثنائية، تضمن إلى حد ما، عدم انهيار مؤسسات الدولة تحت ثقل الأزمة وتداعياتها. وإن السيد سوناك، رغم عمله الدؤوب، لا يملك تلك الخبرات، ما جعله يقع رهينة بين أيدي مختلف التكتلات داخل الحزب، ويبقى تحت تهديد مستمر بالسقوط، حتى قبل موعد الانتخابات النيابية.
يضاف إلى ذلك عامل آخر لا يقل خطورة وتهديداً عن العامل الأول، ألا وهو تزايد ثقة حزب العمال مؤخراً بإزاحة المحافظين من 10 داوننغ ستريت، بعد 13 عاماً. الزعيم العمالي كير ستارمر مدعوماً بتصاعد شعبية الحزب في استفتاءات الرأي العام، قام بتجنيد خبراء في إدارة دواوين الحكومة لتدريب أعضاء حكومة الظل، على آليات عمل تلك الدواوين، بعد أن تكشف له أن عدداً كبيراً من وزراء حكومته القادمة بعد الانتخابات، لم يسبق لهم تولي مناصب وزارية من قبل، ويفتقدون الخبرة اللازمة.
وما حدث هو أن الثقة المتزايدة تلك بقدرة العماليين على إنزال الهزيمة بالمحافظين، في الانتخابات المقبلة، يقابلها من اتجاه معاكس تناقص الثقة بدوائر المحافظين، وتفاقم القلق يوماً بعد آخر، ما تسبب في خلق حالة ارتباك ظاهر في صفوفهم، وانعكس ذلك سلبياً على أداء الحكومة.
وهذا بدوره يعيدنا إلى ما بدأناه. فنحن من خلال المتابعة لما ينشر في وسائل الإعلام، على علم بما تقوله تقارير مؤسسات استقراء الرأي العام عن توجهات الناخبين البريطانيين. وإلى حدّ الآن لم يتمكن المحافظون من تجسير الهوّة في فارق النقاط التي تفصلهم عن شعبية حزب العمال، ولا يبدو من مجريات الأمور أنهم سيفعلون، ما لم يتدخل حُسن الحظ إلى جانبهم، ويقلب الموقف. علماً بأن الفارق ليس صغيراً. إلا أننا لم نتعرف بعد على طبيعة ما يحدث وراء الكواليس في شركات المراهنة من الحدث الانتخابي المقبل. وفي العادة، فإن قراءاتها تتشابه كثيراً فيما بينها، ولا تخالف تنبؤات استفتاءات الرأي العام المنشورة. الاختلاف عادة يتبدى في أمور تفصيلية. فإذا كانت الاستقراءات تميل نحو خسارة المحافظين، كما هو الحال الآن، تتجه شركات المراهنة إلى زبائنها بلعبة تكهنات أكثر تعقيداً، تتسق وطبيعتها المقامرة. وفي أكثر الأحوال، لا تخرج من المولد بلا حمص.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا لعبة المراهنة بريطانيا لعبة المراهنة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab