العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا

العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا

العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا

 العرب اليوم -

العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا

بقلم - جمعة بوكليب

الارتباك الذي تشهده اقتصادات البلدان الغربية هذه الأيام، نتيجة فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا بعد اجتياح قوات الأخيرة لأوكرانيا يضع علامات استفهام كثيرة حول جدواها. الانطباع العام والأولي يشير إلى أن روسيا هي من فرض العقوبات الاقتصادية ضد بلدان الغرب وليس العكس. الارتفاع في أسعار المحروقات وغاز التدفئة، نتيجة النقص في إمدادات النفط والغاز من روسيا امتدت تأثيراته إلى قطاعات معيشية وصناعية، مضافاً إليها ارتفاع في أسعار السلع الغذائية نتيجة النقص في إمدادات الحبوب من أوكرانيا وروسيا. وسائل الإعلام الغربية لا تتوقف عن نشر التقارير حول تدهور الأحوال المعيشية بشكل لافت، وتحذر من مغبة ما ستتعرض له شعوب أوروبا في فصل الشتاء القادم نتيجة النقص في إمدادات غاز التدفئة. في ألمانيا يخيم الخوف من توقف دوران عجلات الاقتصاد كلية، وتعرضه للكساد. هناك أزمة الارتفاع المفاجئ في نسبة التضخم فجأة، والتجاء الحكومات إلى رفع أسعار الفائدة. وهذه كلها مؤشرات سلبية تجعل التساؤل مشروعاً عن جدوى فرض العقوبات. الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوروبي على الإنترنت يؤكد لزائريه أن العقوبات ضد روسيا تعمل وتحقق أهدافها، وفي ذات الوقت ينبه إلى أن العقوبات لكي تنجح تحتاج إلى صبر استراتيجي لأنها قد تستغرق زمناً طويلاً كي تحقق تأثيرها المرغوب. الصبر الاستراتيجي مصطلح فضفاض وقد يعني عقداً من السنين أو أكثر. فلماذا تضطر شعوب دول الاتحاد الأوروبي وأميركا إلى تحمل المعاناة لكي تحقق العقوبات أهدافها؟
بلدان الغرب فرضت على روسيا 11 ألف عقوبة في مختلف القطاعات الاقتصادية. لكننا، حتى الآن لم نرَ لتلك العقوبات تأثيرات سلبية وبنسب متساوية لما حدث في اقتصادات بلدان الغرب على الاقتصاد الروسي. ولم يظهر حتى الآن للعقوبات تأثير ملحوظ على المسار العسكري الروسي في أوكرانيا. وما زالت القوات الروسية تواصل زحفها على حساب القوات الأوكرانية، رغم الدعم المتواصل من الغرب. فهل يعني ذلك أن السحر قد انقلب على الساحر؟
العقوبات التجارية الأميركية ضد كوبا طيلة خمسة عقود، على سبيل المثال، لم تتمكن من تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها. فلا هي أسقطت النظام السياسي، ولا حققت قيام ثورة شعبية ضده، أو جعلت نظام فيدل كاسترو يغير من توجهاته وسياساته... هذا من جهة، ومن جهة أخرى يقول اقتصاديون إن العقوبات كانت وراء جر إيران إلى طاولات التفاوض حول برنامجها النووي عام 2015، إلغاء الاتفاق النووي من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب وفرض المزيد من العقوبات ضد إيران لم يؤد بإيران إلى وقف سياستها العدوانية التوسعية في المنطقة، ولم يؤد إلى سقوط نظام الملالي أو قيام ثورة شعبية ضده، حتى الآن، بل عادت إيران إلى استئناف تخصيب اليورانيوم في مختبراتها. وفي الحالة الليبية، يقول الخبراء إن العقوبات الاقتصادية ضد نظام القذافي اضطرته إلى القبول بمسؤوليته عن حادثة تفجير لوكيربي عام 1988 ودفع التعويضات. وهو صحيح. لكن نظام القذافي لم يسقط خلال فترة العقوبات. هناك أيضاً مثال العقوبات ضد روسيا نفسها، بعد استيلائها على شبه جزيرة القرم عام 2014، حيث لم يكن لها سوى تأثير سلبي طفيف على قيمة الروبل ولفترة قصيرة. وفي دراسة، وصفت بأنها الأشمل، أجراها خبراء أكاديميون على العقوبات الاقتصادية ونجاحها، تبين من خلال 170 حالة تعرضت لها الدراسة، خلال فترة زمنية طويلة، أن نسبة النجاح جزئية، ولم تتجاوز 34 في المائة. ويتوقف على نوعية الأهداف السياسية المراد تحقيقها. فلماذا، إذاً، يلجأ الغرب إلى فرض العقوبات مرة تلو أخرى، رغم العلم المسبق بإمكانية فشلها في تحقيق أهداف السياسة؟ وما الغرض الحقيقي المنتوى من فرضها على روسيا؟ هل الغرض منها مثلاً إحداث انهيار سريع للاقتصاد الروسي، أم إضعافه؟ الخبراء الاقتصاديون الغربيون يرون أن تحقيق الانهيار السريع للاقتصاد الروسي ليس ممكناً. ويتفقون على أن العقوبات، بمرور الوقت، سوف تنجح في تحقيق هدف إضعافه.
ليس بمقدورنا نفي حقيقة أن العقوبات لدى فرضها ضعضعت من قيمة الروبل الروسي في روسيا وخارجها، وأجبرت العديد من الشركات العالمية على قفل مكاتبها في روسيا. لكن عقب فترة قصيرة تمكنت العملة الروسية من استعادة عافيتها بشكل لافت. وأضحى الروبل الروسي حالياً من أقوى عملات العالم. وجاء هذا نتيجة قيام الحكومة الروسية بزيادة تصدير كميات النفط إلى الصين والهند، وانخفاض الواردات. وفي المقابل يؤكد خبراء الاقتصاد أن تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي ليس آنياً؛ بمعنى أن الشعب الروسي لن يعاني من مجاعة، لكن سيضطر إلى قبول العيش في مستوى معيشي أقل مما كان عليه، نتيجة توقف وصول المعدات والأجهزة الإلكترونية الغربية اللازمة لتشغيل المصانع الروسية خاصة منها المؤسسة بشراكة مع شركات غربية، مثل شركة السيارات الفرنسية «رينو». المصنع عقب انسحاب الفرنسيين لم يتوقف عن التصنيع، لكن السيارات المصنعة سوف تفتقد الكثير من الكماليات المرفهة التي تميزت بها.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab