ترمب باقٍ ويتمدد

ترمب... باقٍ ويتمدد

ترمب... باقٍ ويتمدد

 العرب اليوم -

ترمب باقٍ ويتمدد

بقلم:جمعة بوكليب

لو أن المرء منّا كان مسافراً على متن سفينة، تضيق بمسافرين من شدّة الاكتظاظ، في بحر متقلب وعكر المزاج، في أجواء طقسية لا تطمئن، ربما مع مرور الوقت يتعوّد دوار البحر، ويتعايش بصبر مع الوضعية غير المريحة، وقد يصاب بفيروس اللامبالاة. لكن على حين فجأة، تهبُّ عاصفة مجنونة، ويكتشف، حينئذ، أن السفينة معرَّضة للغرق وحتمية هلاك كل من فيها. قد تبدو، هذه الصورة للبعض، متخيّلة، ولا تخلو من مبالغة. وهذا صحيح، إلا أنّها ليست غريبة عن واقع عالم نعيشه اليوم، وقد تكون أقرب وصف ممكن لتقريب ما حدث في ولاية بنسلفانيا، يوم السبت الماضي، إلى الأذهان، ممثلاً في حادثة محاولة اغتيال رئيس أميركي سابق ومرشح حالياً لانتخابات الرئاسة، وسط آلاف من أنصاره، وعلى مرأى ومسمع من شعوب العالم. لا بد من الاعتراف مبدئياً، بأن الحدثَ يعدُّ، بكل المقاييس، منعطفاً خطيراً، وتجاوز فعلياً كل الخطوط الحمر. وقد يعصف بما تبقّى ثابتاً للبعض، أو هشَّاً للبعض الآخر، من «الديمقراطية الأميركية».

وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع ما يمثله المرشح الجمهوري دونالد ترمب، إلا أننا نستنكر بشدّة أن يتحول الحوار السلمي بين مختلف الخصوم إلى لغة الرصاص والقتل. دونالد ترمب، رغم ما يصدر عنه من تصرفات يجدها كثيرون غريبة، وتفتقد الدبلوماسية، وغير مقبولة، فإن محاولة اغتياله عمل إجرامي، وأفكاره ستبقى ولن تموت. الآن، على أميركا والأميركيين واجب إحكام ربط الأحزمة؛ لأن الرحلة، منذ إطلاق الرصاص على المرشح ترمب وصاعداً، ستكون شديدة الصعوبة، دون خرائط أو بوصلات. فحين يدخل الرصاص من الباب، في وضح النهار، لا يبقى مكان للحوار الديمقراطي السلمي. أميركا تعرف ذلك، فقد سبق لها خوض ذات المستنقع فيما مضى. حادثة محاولة الاغتيال، في هذا الوقت تحديداً، والعالم يهتز مرتجفاً فوق قرني ثور أهوج من هول ما يعصف به من أحداث وحروب، تُعلم بالانعطاف نحو طريق لا عودة منه.

وبالتأكيد، لو نجح القاتل في مهمته، لكانت أميركا الآن في وضع لا يمكن التنبؤ به. لكن في آخر لحظة، نجا المرشح ترمب من الموت، ونجت أميركا كذلك من مغبّة السقوط في مستنقع حرب أهلية ثانية، وتنفّس العالم الصعداء مؤقتاً. نجاة الرئيس السابق والمرشح الرئاسي ترمب من الاغتيال لا تعني أن الأمور ستعود إلى سابق عهدها، وكأنه لا شيء حدث؛ فهذا غير ممكن، إن لم يكن مستحيلاً. منذ يوم السبت الماضي وصاعداً، حتى موعد الانتخابات الرئاسية يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، نحن موعودون بتغيُّر في السيناريو، وتغيُّر في لغة التخاطب والحوار بين المرشحين الخصمين وأنصارهما. وأعتقد أن المرشح ترمب، كالعادة، سوف يعمل على استغلال الحادثة لحشد مزيد من الأنصار، والحصول على مزيد من أموال التبرعات، وتوسيع الفجوة في استطلاعات الرأي العام بينه وبين خصمه الرئيس جو بايدن. هذا من جهة. من جهة أخرى، سيجد الرئيس بايدن نفسه محصوراً في زاوية ضيقة، لإثبات براءته مما حدث. هذا في حالة استمراره في معركة الترشح للرئاسة ولم يجرِ إبعاده. التقارير الإعلامية الأميركية نقلت إلينا تصريحات قادمة من معسكر المرشح ترمب تنسب ما حدث إلى الرئيس بايدن وفريقه، بسبب ما صدر ويصدر عنهم من تصريحات مناوئة للمرشح ترمب، تصفه بأوصاف كثيرة، وتشجع على فكرة التخلص منه. المرشح دونالد ترمب، قد لا يقبله كثيرون سواء داخل أميركا أم خارجها. ولنعترف بأن رجوعه المحتمل إلى البيت الأبيض لا يحمل أخباراً سارّة لكثير من الأميركيين ولكثير من قادة بلدان العالم الأخرى، لكنّه باقٍ ويتمدد.

ومن خلال متابعة الحملات الانتخابية، يمكن القول إن حظوظه في العودة إلى البيت الأبيض تزداد تأكيداً يوماً إثر آخر، وفي الوقت نفسه تتناقص حظوظ خصمه جو بايدن. ومن الأسهل والأجدى لخصومه ومن يكرهونه البحث عن طريقة أو طرق جديدة للتعامل معه، والسعي لتخفيف غلوائه إن أمكن، وعليهم واجب احترام إرادة الناخبين الأميركيين؛ فهم أولى باختيار من سيقيم في البيت الأبيض لمدة 4 أعوام أخرى.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب باقٍ ويتمدد ترمب باقٍ ويتمدد



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 09:50 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

تعليق غريب من محمد فؤاد حول حفله بالكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab