انتخابات بعلامات استفهام

انتخابات بعلامات استفهام

انتخابات بعلامات استفهام

 العرب اليوم -

انتخابات بعلامات استفهام

بقلم - جمعة بوكليب

يكثر الحديث في مختلف وسائل الإعلام عن العام الميلادي الجديد 2024، كونه عاماً مميزاً عمّا سبقه من أعوام، بما سيشهده العالم خلاله من انتخابات تعقد في أكثر من 60 بلداً في مختلف قارات العالم، تتيح لنحو 46 في المائة من سكان العالم ممارسة حق التصويت والاختيار.

هذا التأكيد، وتكراره المستمر في وسائل الإعلام، خصوصاً الغربية منها، الهدف منه، في رأيي، ترسيخ الاعتقاد في العقول بتوسع الرقعة الجغرافية ديمقراطياً، من خلال تبنّي مختلف الدول للانتخابات في اختيار حكامها. إلا أنّه، في الوقت ذاته، يأتي وكأنه ضمنياً تأكيد على انتصار وانتشار الديمقراطية وازدهارها في العالم، على حساب هزيمة الأنظمة الشمولية وانحسارها من الخريطة الدولية.

الأمر الذي يتعارض والحقيقة. ذلك لأنَّ الثقافة الليبرالية الديمقراطية التي ميّزت الغرب منذ انطلاق الثورة الصناعية، تتعرض في السنوات الأخيرة للتهميش في الغرب، تحت ضغوط اليمين الشعبوي المتطرف، وتفقد مواقعها متراجعة أمام زحفه، وما يحرزه من تقدم وانتشار. ويرى البعض من الكتّاب البريطانيين (جون بيرن - مردوخ على سبيل المثال) أنه خلال الستين عاماً الأخيرة، بدأ الغرب يبتعد عن ثقافة التقدم. ويبدو ذلك في التناقص الملحوظ في المصطلحات ذات الصلة بالتقدم.

لذلك، من هذا المنطلق، وُلد الربط غير المقنع بين الانتخابات والديمقراطية، على نحو يُضيّق عمداً من محتوى الديمقراطية، مما يجعلها تبدو لدى كثير من الناس بأنها تقتصر على إجراء انتخابات! الأسبابُ التي تدعو إلى ذلك غير خفيّة، خصوصاً ونحن نعيش في زمن ندرك فيه جيداً أن الديمقراطية، بمعناها وعمقها التاريخي والفلسفي، منذ ظهورها في أثينا اليونانية قديماً، وحتى الوقت الحاضر، تتراجع فعلياً. وأنّها، واقعياً، في محنة لم تشهدها من قبل، ومن الصعوبة بمكان إنكارها. وأن مساحاتها الجغرافية لا تزيد، بل، فعلياً وواقعياً، تصغر وتضيق، وبشكل ملحوظ، ليس في دول العالم الثالث فقط، فذلك أمر ليس غريباً، وهو متوقع، لكن في مواقع أخرى، غربية تحديداً، تُعدُّ تاريخياً حصوناً منيعة للمذهب وللفلسفة الليبرالية.

لو أن معنى الديمقراطية ومحتواها، اقتصرا على عقد الانتخابات لربما كانت زيمبابوي، أو بنغلاديش مثلاً، أو غيرهما من الدول على رأس القائمة. ولربما صار بمقدور دول أخرى، روسيا مثلاً، أن تتباهى بكونها قلعة الديمقراطية وحصنها الحصين!

الانتخابات النيابية مؤخراً في بنغلاديش، تبدو أفضل مثال، حيث تمكّن حزب «رابطة عوامي» من البقاء في السلطة للمرة الخامسة على التوالي، عقب فوزه الانتخابي يوم الأحد الماضي.

لكن متابعة تلك الانتخابات تؤكد أن نتيجة الانتخابات كانت مجرد تحصيل حاصل لا أكثر، حسب آراء المراقبين؛ بسبب امتناع أحزاب المعارضة عن المشاركة فيها؛ احتجاجاً على قيام الأجهزة الأمنية باعتقال وحبس أكثر من 20 ألف شخص من أنصارها. وهذا لا ينسينا بالطبع ما حدث في واشنطن يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2020.

وبالتالي، فإن الخلط المتعمد لمعنى ومحتوى الديمقراطية بقصرهما على الانتخابات، أريد به الإيحاء بشرعية مَن يجلسون على كراسي الحكم، بغض النظر عن ممارساتهم في الحكم وعلاقتها بالديمقراطية. ومن دون التوقف أمام السؤال حول الكيفية التي تتم بها الانتخابات، ونوعية التكتيكيات المستخدمة فيها من قبل السلطات الحاكمة بهدف البقاء في الحكم، والحصول على الشرعية الشعبية.

الانتخابات بأشكالها وتنوعاتها، ليست سوى مظهر واحد من تمظهرات الديمقراطية. وفي الوقت ذاته، لا معنى لها من دون بقية المكونات.

وجود خميرة، لا يعني إمكانية عجن وخبز رغيف. الخميرة أساسية لإعداد الخبز، لكنها من دون المكونات (الدقيق والماء والفرن) غير مجدية.

إذ لابد من توفر المكونات اللازمة كلها. وكذلك الديمقراطية لا بد من توفر شروط معينة لتحقيقها. وربما نستطيع القول إن الديمقراطية لا يمكن أن تصلح لكل البلدان؟ وحتى في البلدان الغربية التي تمارس فيها الديمقراطية ما زالت ناقصة أو في تراجع.

الهدف من تبنّي العملية الديمقراطية هو خلق مناخ، سياسي واجتماعي واقتصادي، حرّ وسلمي، تتساوى فيه فرص الجميع في العيش بمساواة أمام القانون، وكذلك تكوين بيئة تتنافس فيها مختلف قوى المجتمع سياسياً سلمياً، وفق نظم ولوائح متفق عليها مسبقاً، من دون تدخل من أجهزة الدولة، ومن دون تسخير الدولة أجهزتها الإعلامية والأمنية لصالح طرف دون آخر. والانتخابات، في ذلك السياق، تمنح الناخب فرصة لممارسة حقه بحرّية في الاختيار بين متنافسين ولو بشكل نسبي.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات بعلامات استفهام انتخابات بعلامات استفهام



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab