أزمة الهجرة والمنافذ الموصدة

أزمة الهجرة والمنافذ الموصدة

أزمة الهجرة والمنافذ الموصدة

 العرب اليوم -

أزمة الهجرة والمنافذ الموصدة

بقلم - جمعة بوكليب

ما شهدته مدينة صفاقس، عاصمة الجنوب التونسي، مؤخراً، من صدام بين فئات من سكانها ومهاجرين أفارقة، نتيجة مقتل مواطن تونسي على أيدي مهاجرين، أمر متوقع الحدوث. الأخبار القادمة من تونس تقول إن الفئة المسببة للصدام في صفاقس صغيرة العدد، ورئيسها حالياً رهن الاعتقال. وهذا لا يُفهم منه أن بقية التونسيين راضون عن وجود مهاجرين أفارقة يزدادون عدداً كل يوم، يزاحمونهم في سوق العمل، في بلد ترتفع فيه نسبة البطالة، ويعاني منذ سنوات من أزمات اقتصادية وسياسية.

تفاقم حدّة التوتر بين التونسيين والمهاجرين الأفارقة كان -وبشكل ملحوظ- يزداد حدّة يوماً إثر آخر، ولم يكن ممكناً فعل شيء لإيقاف الانفجار المتوقع. وكل ما في الأمر أن الصدام الأخير قدّم فرصة للسلطات التونسية، لامتصاص غضب الشارع التونسي، بالمسارعة بتجميع المهاجرين من الشوارع في مكان واحد، ونقلهم إلى مركز إيواء بعيد لحمايتهم، استناداً لوسائل الإعلام، يقع قرب الحدود الليبية! وفي رأيي الشخصي، فإن اختيار الموقع لم يكن عفوياً.

تدفق المهاجرين الأفارقة إلى بلدان شمال أفريقيا لن يتوقف بسبب ما حدث في مدينة صفاقس؛ بل سيتواصل كما قبل وأكثر، وكأن شيئاً لم يكن، ما دامت المشكلة باقية على عهدها، مثل كرة تتقاذف بين بلدان المصدر، وبلدان الممر، وبلدان المحطة الأخيرة.

الأخبار القادمة من تلك المدينة المصدومة تؤكد أن كثيرين من المهاجرين الأفارقة فروا منها على الأقدام، متجهين إلى العاصمة تونس، خوفاً من الترحيل القسري إلى بلدانهم الأصلية. ومن دون شك، لهم كل العذر في ذلك، بعد كل ما واجهوه من معاناة في رحلتهم من بلدانهم، ونجاحهم الصعب في عبور مشاق رحلة الموت عبر الصحراء.

تغيير خط سير رحلة المهاجرين الأفارقة من بلدانهم الأصلية إلى جهاتهم المقصودة في بلدان أوروبا بدأ منذ شهور عديدة. قبل ذلك كانت قِبلتهم ليبيا. إلا أن انتشار الأخبار بما يعانيه المهاجرون الأفارقة، وغيرهم من المهاجرين غير القانونيين في المدن الليبية، من اعتقال وسوء معاملة، اضطرهم إلى تغيير الوجهة إلى تونس والجزائر والمغرب. الفرق بين الوجهتين هو أن السوق الليبية قادرة على امتصاص العمالة المهاجرة، مقابل عجز الأسواق الثلاث الأخرى عن ذلك.

في العاصمة الليبية طرابلس، تنتشر، هذه الأيام، وبشكل ملحوظ جداً، دوريات جهاز قوة محاربة الهجرة غير القانونية في جميع المناطق، وعلى الطرق الرئيسة. وأضحت نقاط تجمع العمالة المهاجرة في مختلف المناطق مقفرة منهم، خوفاً من الاعتقال في مراكز إيواء أشبه بالسجون، والترحيل. الخوفُ من الاعتقال حوّل نقاط تجمع العمال المهاجرين الباحثين عن العمل، من الميادين والشوارع الرئيسة إلى الأزقة والشوارع الخلفية. وأدّى ذلك إلى ارتفاع أصوات السكان بالشكوى، وإلى نقص حاد في الأيدي العاملة، بخاصة في قطاع البناء، وبالتالي ارتفاع الأجور نتيجة ارتفاع الطلب، ونقص العرض.

ما لا يجهله أحد، هو أن بلدان الشمال الأفريقي الثلاثة كانت وما زالت مصدراً لتدفق مهاجرين من شبابها إلى بلدان أوروبا، وبخاصة فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. وأنه لا يكاد يخلو بيت من ابن مهاجر بحثاً عن فرص عمل. وتعتمد بلدانهم -إلى حد كبير- على ما يرسله أولئك المهاجرون من نقد أجنبي إلى ذويهم. وأن الشباب المغاربي المهاجر، من البلدان الثلاثة، في أوروبا، كان وما زال مصدراً لكثير من التوتر الاجتماعي في بلدان أوروبا، وأحد الأسباب البارزة أمام تصاعد قوة حركات وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، ووصولها إلى الحكم ومراكز صنع القرار. وما حدث في إيطاليا مؤخراً ليس إلا مثالاً من أمثلة عدة.

ويرى خبراء متخصصون أن السبب في تفاقم مشكلة الهجرة غير القانونية في بلدان شمال أفريقيا، يعود إلى عدم رغبة حكومات تلك البلدان في تقنين الهجرة، مثلما فعل الأردن الذي يوجد به 900 ألف لاجئ سوري. الحكومة الأردنية تتلقى معونات من الاتحاد الأوروبي ومن الأمم المتحدة، وتتعاون مع منظمات الإغاثة الدولية بشكل منظم. ويرى بعضهم أن القضية تفاقمت بسبب تعمد حكومات بلدان الشمال الأفريقي استغلال الأزمة لوضع ضغوط على بلدان الاتحاد الأوروبي، للحصول على مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي، لقاء قيامها بمنع المهاجرين غير القانونيين من عبور البحر إلى أوروبا. ويؤكدون أن انعدام فرص العمل أمام المهاجرين في بلدانهم الأصلية نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة في تلك البلدان، وما تتعرض له مواردها الطبيعية من نهب متواصل من قبل الشركات الغربية، وانتشار الفساد، سوف يزيد من تدفق أعداد المهاجرين إلى البلدان الأوروبية، رغماً عن كل ما يوضع أمامهم من عراقيل.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة الهجرة والمنافذ الموصدة أزمة الهجرة والمنافذ الموصدة



ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:17 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة والثقافة
 العرب اليوم - وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة  والثقافة

GMT 08:30 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي المصري يعلن موعد رحيل علي معلول
 العرب اليوم - الأهلي المصري يعلن موعد رحيل علي معلول

GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل
 العرب اليوم - إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 06:22 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لاستغلال المساحات الفارغة في المنزل
 العرب اليوم - نصائح لاستغلال المساحات الفارغة في المنزل

GMT 15:14 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 12:48 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حسين فهمي يعلن للمرة الأولى سراً عن أحد أعماله

GMT 01:06 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 22:47 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يصدر تحذيرا لإخلاء مستوطنات إسرائيلية "فورا"

GMT 14:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العمل المالي 'فاتف' تدرج لبنان في قائمتها الرمادية

GMT 09:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

رونالدو يبحث عن مشجع ذرف الدموع وهتف باسمه في دبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab