تداعيات حرب غزَّة تصل إلى لندن

تداعيات حرب غزَّة تصل إلى لندن

تداعيات حرب غزَّة تصل إلى لندن

 العرب اليوم -

تداعيات حرب غزَّة تصل إلى لندن

بقلم - جمعة بوكليب

 

سُخونةُ الحرب في غزّة وصلت تداعياتها مبكراً إلى لندن. وكما هو متوقع، رفعت سريعاً من درجة حرارة الصراع على السلطة في أروقة حزب المحافظين الحاكم، كما عملتْ على شقّ صفوف العماليين مؤخراً. رأس وزيرة الداخلية السيدة سويللا بريفرمان كان أول الرؤوس المتدحرجة على الأرض. وبطردها من حكومة ريشي سوناك، خسر الجناح اليميني الشعبوي في حزب المحافظين موقعه على منضدة الحكومة.

وفي الجهة المقابلة للمحافظين، خسر ثمانية من وزراء حكومة الظل العمالية مناصبهم، بعد أن قدموا استقالاتهم، أو طردوا من مناصبهم، بسبب تمرّدهم على زعيم الحزب السير كير ستارمر، بتصويتهم على مشروع قرار برلماني قدمه الحزب القومي الأسكوتلندي، بوقف النار في غزة.

القشّةُ التي قصمت ظهر وزيرة الداخلية السابقة السيدة بريفرمان جاءت على إثر تصريحات أدلت بها ضد المظاهرات الضخمة التي شهدتها شوارع لندن ضد الحرب في غزة، بوصفها مظاهرات كراهية، وتؤيد الإرهاب. وأعقبت ذلك بنشر مقالة في صحيفة «التايمز» وصفت فيها شرطة العاصمة بعدم الحياد في التعامل مع المظاهرات، أي إنها غير متسامحة مع مظاهرات اليمين المتطرف، ومتسامحة جداً مع مظاهرات اليسار.

طردها من منصبها في وزارة الداخلية قابله من جهة أخرى فتح الباب أمام عودة رئيس حكومة سابق، وعلى غير توقع، هو السيد ديفيد كاميرون، ومنحه على وجه السرعة رتبة لورد، وتعيينه وزيراً للخارجية. السيد كاميرون استقال من زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، عقب الاستفتاء على بريكست في عام 2016. عودته إلى الصفوف الأولى في الحكومة تعدُّ الأولى من نوعها لرئيس حكومة سابق خلال 50 عاماً.

في أول اجتماع للحكومة الجديدة، كانت صورة المجتمعين المنقولة في وسائل الإعلام واضحة المعالم، وتحمل رسالة تؤكد على عودة جناح يمين الوسط المعتدل إلى الإمساك بمقاليد الأمور. وفي الجانب غير المرئي منها، كان جناح رئيس الوزراء الأسبق السيد بوريس جونسون الشعبوي، يضمد جراحه، ويفكر في الخطوة التالية، لاسترداد ما خسر من مواقع. التقارير الإعلامية تقول إن حرباً أهلية في حزب المحافظين على وشك الاندلاع. وبدأت نذرها تظهر في وسائل الإعلام الموالية للمحافظين.

إنّها الحربُ في غزّة، وقد انتقلت بسرعة إلى أروقة حزبي المحافظين والعمال، على بعد أقل من عام من الانتخابات النيابية المقبلة. المحافظون بانقساماتهم يحدقون في الهزيمة الانتخابية المتوقعة قريباً، وقد أوصدت أمامهم كل طرق الإنقاذ. والعماليون فاجأهم الانقسام وأربكهم، في وقت يستعدون فيه لتخطي العقبة الانتخابية الأخيرة، وتسلم السلطة.

حروب حزب المحافظين تكاد لا تنتهي منذ بريكست. وهي حروب دموية النهايات والخسائر كارثية، ليس على الحزب فقط، بل تطال بريطانيا. كما أن حروب العمال ليست أقل دموية منها. وها هو السير ستارمر، زعيم الحزب، يدخل في أول مواجهة له ضد تمرد في الصفوف الأولى من حكومة الظل، حول موقفه المعارض لوقف إطلاق النار في غزة. الصفوف الأولى عادة تضم النخبة السياسية المقربة من الزعيم، والتي في حالة اجتياز العقبة الانتخابية المقبلة، سيتولون الإمساك بمقاليد مختلف الوزارات في البلاد.

طرد السيدة بريفرمان من الحكومة لم يكن مفاجئاً لأحد، بل كان متوقعاً، كونها لم تتوقف عن إصدار تصريحات إعلامية مثيرة للجدل، ومزعجة للحكومة.

هذه المرة الثانية التي تلاقي فيها السيدة بريفرمان عقوبة الطرد من الوزارة. فخلال فترة حكم السيدة ليز تراس، التي استمرت سبعة أسابيع فقط، طردت من منصبها كوزيرة للداخلية بسبب تسريبها وثيقة سرّية إلى أحد النواب. تلك الوثيقة لسوء الحظ أرسلت خطأ عبر الإنترنت إلى شخص آخر بالبرلمان، فكشفها. ونالت هي ما تستحق. ومن الضرورة بمكان الاعتراف بأنها سيدة عنيدة، وقوية، وجريئة في طرح أفكارها سياسياً إلى حد التهور. وهو ما يجعلها رقما صعباً في أي حكومة، كونها ترفض الامتثال لقواعد اللعبة السياسية، كما ترفض اللعب الجماعي ضمن فريق.

خروجها من الحكومة لا يعني أن أحوال رئيسها السيد سوناك سوف تتحسن. فخطاب العرش الذي قدمه مؤخراً عن برامج سياساتها خلال الشهور المقبلة كان هزيلا بإجماع المعلقين، وليس بين أجندته ما يخفف من ثقل المتاعب الحياتية للمواطن البريطاني. كما أن المحكمة العليا قضت بعدم قانونية إرسال المهاجرين غير القانونيين إلى رواندا، مما سيزيد من نقمة التيار الشعبوي في الحزب، ويوفر له ذخيرة جيدة لاستئناف الهجوم على رئيس الحكومة.

أقل من عام يفصل بريطانيا عن الانتخابات. وها نحن نرى الحزبين الرئيسين يدخلان في نفق معتم بالانقسامات. المحافظون يعتقدون بأن عودة اللورد كاميرون بخبرته الانتخابية الهائلة، كونه الفائز في حملتين انتخابيتين، سوف تعيدهم إلى حلبة السباق. والعماليون كانوا يظنّون أنهم ضمنوا الوصول إلى 10 داونينغ ستريت، ولا ينقصهم سوى حفل التتويج. لكن ريح الحرب القادمة من غزة قلبت الأمور فجأة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات حرب غزَّة تصل إلى لندن تداعيات حرب غزَّة تصل إلى لندن



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab