تشارلز الثالث وماكرون وبينهما فولتير

تشارلز الثالث وماكرون... وبينهما فولتير

تشارلز الثالث وماكرون... وبينهما فولتير

 العرب اليوم -

تشارلز الثالث وماكرون وبينهما فولتير

بقلم - جمعة بوكليب

إذا كانت فرنسا أكثر بلدان أوروبا استقطاباً للزوار وللسياح من مختلف القارات، كما تؤكد ذلك الإحصاءات الرسمية، فالأمر، في رأيي، ليس مدعاة للاستغراب. إذ إلى جانب الإرث التاريخي والثقافي لفرنسا، هناك أيضاً اعتدال الطقس، وهناك المقاهي والمطاعم الفرنسية، وما تشتهر به من أنواع الأطعمة المختلفة، ثم هناك أيضاً العاصمة باريس، ومَن منا لا يشتهي زيارة «عاصمة النور»، وفولتير، وبودلير، وجان جاك روسو، وبقية القائمة الطويلة من الكُتاب المبدعين في شتّي صنوف المعرفة.

فرنسا، خلال الأيام الماضية، استقطبت زائراً غير عادي، بدماء ملكية، وهو الملك تشارلز الثالث، الذي جاءها قادماً من عاصمة ملكه - لندن، مرفوقاً بالملكة زوجه، بعد أيام قليلة من احتفاله بمرور عام على جلوسه على عرش المملكة المتحدة.

الملك تشارلز الثالث اختار فرنسا لتكون ثاني بلاد أجنبية يزورها رسمياً فقد كانت الأولى لألمانيا. ومقابل ذلك، خرج الفرنسيون إلى الشوارع لتحيّته والترحيب به وبزوجه، بشكل أثار دهشة كثيرين، حتى إن بعض المعلقين البريطانيين في تعليقاتهم على الحدث، قالوا إن الفرنسيين ما زالوا يحنّون إلى الملكية. وصحيفة «ذا إيفننغ ستاندرد» المسائية اللندنية، تجاوزتهم جميعاً، ووصفت الملك تشارلز الثالث بأنه «ملك فرنسا».

الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، وأكدت عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الجارين، رغم امتعاض أنصار «بريكست». وألقى الملك البريطاني خطاباً في المجلس التشريعي الفرنسي، باللغتين الفرنسية والإنجليزية، قابله الحاضرون لدى انتهائه بالتصفيق وقوفاً لمدة دقيقة. واستناداً إلى وسائل إعلام بريطانية، كان الملك تشارلز الثالث أول عاهل بريطاني تتاح له تلك الفرصة. وكما جرت العادة في الزيارات الرسمية، تبادل الملك الضيف مع الرئيس الفرنسي المضيف الهدايا. وكانت من ضمنها، حسبما قرأتُ، طبعة حديثة من كتاب الكاتب والشاعر والمسرحي الفرنسي فولتير، كان قد كتبه لدى زيارة قام بها إلى إنجلترا في عام 1726، وبقي فيها لمدة 3 سنوات. والكتاب بعنوان «رسائل عن إنجلترا (Letters On England)» ونُشر عام 1731. ونُشرت أول ترجمة باللغة الإنجليزية للكتاب عام 1733.

الكتاب صغير الحجم، كبير المحتوى، خصصه فولتير لنقل انطباعاته عن الحياة في إنجلترا خلال السنوات الثلاث التي قضاها، وتعرّض فيه لقضايا كثيرة، ولشخصيات علمية وأدبية قابلهم.

الهدية أثارت انتباهي الشخصي، لأني من خلال متابعاتي في السابق، لم أسمع أو أقرأ أن رئيساً أو ملكاً زائراً أهدى مضيفه نسخة من كتاب لأديب وشاعر. والشائع في هذه الأيام، خلال الزيارات بين الرؤساء والملوك، أن يتم تبادل هدايا ثمينة من الذهب أو الأحجار الكريمة أو غيرها. لذلك السبب، أثارت تلك الهدية القيّمة اهتمامي، واعتبرتُها لفتة ذكية جداً من جانب الملك تشارلز الثالث، تفتح أمامه أبواب قلب مضيفه الفرنسي، وهو يتسلم نسخة من أحدث طبعة، لكتاب ألفه واحدٌ من أنبغ وأشهر ما أنجبت فرنسا من كُتّاب مبدعين.

الكاتب الفرنسي فولتير ألّف الكتاب بعد فترة زمنية قضاها في إنجلترا. وهو أمر ليس بمستغرب. إلا أن الاستغراب يطفو على السطح، حين نتساءل كم من الكتاب والمثقفين والأكاديميين العرب، الذين أُتيحت لهم فرصة العيش والدراسة في البلدان الغربية والآسيوية والأفريقية، قاموا لدى عودتهم إلى بلدانهم بتأليف كتب جمعوا فيها انطباعاتهم، ونقلوا فيها تفاصيل تجاربهم العلمية والأكاديمية أو الثقافية عن البلدان التي عاشوا بها، ونالوا شهاداتهم العليا من جامعاتها؟

وشخصياً، لم يقابلني منهم إلا القليل النادر. والذين بادروا بكتابة تجربتهم في تلك البلدان، خاصة المتقدمة علمياً وصناعياً وثقافياً، أغلبهم من الكتاب، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أذكر منهم الكاتب المسرحي المصري المرحوم توفيق الحكيم. هذا من جهة.

من جهة أخرى، فإن الحكومات الليبية المتعاقبة، منذ الاستقلال في عام 1951، دأبت سنوياً، خاصة بعد البدء في تصدير النفط، على إرسال العشرات، ثم المئات، من خريجي الثانويات، والجامعات لإتمام دراساتهم الجامعية والعليا في الجامعات الغربية. ولم يصدف أن قرأت لأي منهم كتاباً ينقل فيه تجربته الحياتية والعلمية الأكاديمية، حتى يتمكّن كل مَن يفكر في متابعة دراسته الجامعية والعليا من الاستفادة والتعلم من تلك التجربة أو التجارب. ولا أعرف السبب لذلك التقصير، ولا أقول العجز، لأن من ضمنهم أشخاصاً أعرفهم شخصياً، ولا تنقصهم موهبتا الكتابة والتأليف!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشارلز الثالث وماكرون وبينهما فولتير تشارلز الثالث وماكرون وبينهما فولتير



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 03:08 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع ضحايا حريق منتجع للتزلج في تركيا لـ76 قتيلًا

GMT 05:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الصين تختبر صاروخاً فضائياً قابل لإعادة الاستخدام

GMT 16:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تكشف ردود فعل الرجال على أغنيتها الجديدة

GMT 02:59 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تحذيرات من رياح خطرة وحرائق جديدة في جنوب كاليفورنيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab