أوروبا واحتمال العودة للعب بالنار

أوروبا واحتمال العودة للعب بالنار

أوروبا واحتمال العودة للعب بالنار

 العرب اليوم -

أوروبا واحتمال العودة للعب بالنار

بقلم - جمعة بوكليب

اللعب بالنار ليس في متناول إلا لاعبي السيرك المحترفين وأهل السياسة. الأولون أكثر دراية ومهارة بذلك الفن القديم، وهدفهم الإمتاع. لذلك يستقطبون الاهتمام وينالون الإعجاب. وهذا لا يعني أنهم في مأمن من شرور النار. وإذا سلّمنا بفرضية أن السحر ينقلب أحياناً على الساحر، فإن من طبيعة النار أيضاً أن تحرق حتى أكثر اللاعبين مهارة وخبرة. الأهم من ذلك، أن الناس يحبونهم ويصفقون لهم إعجاباً بمهارتهم وشجاعتهم، حين يرونهم يلعبون بنار حارقة من دون خوف أو وجل، وبهدف إمتاعهم.

كثير من الساسة بطبيعة المهنة مخادعون ومتهورون، إلا مَن رحم ربي منهم. وعلى علاقة ودية جداً باللعب بالنار. لذلك حين يبدأون اللعب بالنار، لا ينالون إعجاباً وتصفيقاً، بل من المرجح أنهم يجعلون قلوب الناس ترتجف وتنكمش رعباً، أو تبلغ الحناجر خوفاً. لأنهم لا يتورعون عن ارتكاب أفعال تُصنّف قانوناً تحت بند الجريمة المتعمدة، وبنتائج كارثية.

الإمبراطور الروماني نيرون، ظلّ في كتب التاريخ من أشهر الأمثلة على اللعب بالنار: أشعل النيران فعلياً في روما، ثم جلس يعزف على قيثارته، وهي تحترق أمامه!

اللعب بالنار قد يتجسّد في أشكال عديدة. وعلى سبيل المثال، في الحرب العالمية الأولى، وفي سبيل تحقيق النصر، أمر الساسة قادة الجيوش الأوروبية المتحاربة باستخدام الغازات السامة. وفي الحرب العالمية الثانية أمر الرئيس الأميركي هاري ترومان بإلقاء قنبلتين نوويتين على مدينتَي هيروشيما ونغازاكي اليابانيتين. ولجأ الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى استخدام الغاز السام ضد شعبه، في حلبجة. وكذلك فعل الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية الأخيرة. وكُتب التاريخ مليئة بالأمثلة والشواهد.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وخلال مؤتمر صحافي عقده مؤخراً في موسكو، ردّد على مسامع الحاضرين إمكانية واحتمال استخدام قواته العسكرية لأسلحة نووية، في حالة تعرضها لهجوم من دول أوروبية. ومؤكداً أن بلاده لا تفكر في اللجوء إلى هذا الخيار الكارثي ما لم تكن مضطرة. هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها الرئيس بوتين باستخدام السلاح النووي. إذ سبق له أن قال إن عالَماً لا توجد فيه روسيا لا يستحق الوجود. ولا أظننا في حاجة إلى تفسير ذلك.

العالم لم ينسَ بعد تصريحاته قبل اجتياح قواته الاراضي الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. وتأكيده أنه لن يجتاح أوكرانيا. وردّد ذلك لعديد من رؤساء الدول، الذين زاروه بقصد تهدئة الموقف، وإبعاد شبح الحرب. لكنه أعطى الأوامر لقواته بالاجتياح.

حالياً، هناك وضع عسكري متأزم في أوكرانيا، انعكس بالقلق على أوروبا بشكل خاص. فالقوات الأوكرانية أضحت في وضع ضعيف عسكرياً، ولم تعد قادرة على صد القوات الروسية، فما بالك بردها على أعقابها وهزيمتها. وهناك خوف في أوروبا، من أن يؤدي الانتصار العسكري الروسي إلى تشجيع الرئيس الروسي بوتين على إعادة اللعبة الأوكرانية في جهة أخرى من أوروبا، خصوصاً في البلدان الجارة، التي يتكلم جزء من سكانها اللغة الروسية، وتعدهم روسيا مواطنيها.

تلك الحالة من الإرباك السياسي الناجم عن احتمال هزيمة أوكرانيا في الحرب، مضافاً إليها القلق المتزايد من إمكانية عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، جعلا القادة الأوروبيين يفكرون خارج الصندوق، أي التفكير بصوت عالٍ، بإمكانية إرسال جيوشهم إلى أوكرانيا لمنع الانتصار الروسي. ولأن لكل فعل رد فعل مساوياً له في القوة ومخالفاً له في الاتجاه، عقد الرئيس الروسي بوتين مؤتمراً صحافياً، وخلاله لخص في كلمات قليلة، لا لبس فيها ولا غموض، الكيفية التي سترد بها بلاده على أي مغامرة عسكرية أوروبية محتملة ضدها.

الأجهزة الأمنية الاستخباراتية الأميركية قالت إنها لا تعتقد بأن الرئيس الروسي سيلجأ إلى استخدام ترسانته النووية. والرئيس الروسي بدوره قال إن قواته على أهبة الاستعداد للتحرك نووياً. والقادة الأوروبيون يراوحون في المكان عجزاً. والمعادلة السياسية الجديدة، وطبيعة نوعية التحرك الذي سينطلق منها، لن تكتملا قبل يوم اكتمال 5 نوفمبر المقبل في أميركا. وعلى أوروبا مواصلة المراوحة في المكان والانتظار. وهذا على وجه الدقة ما يريده الرئيس بوتين؛ لتوطيد ما حققته قواته من مكاسب على الأرض الأوكرانية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا واحتمال العودة للعب بالنار أوروبا واحتمال العودة للعب بالنار



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab