عودةُ سياسة الاحتواء

عودةُ سياسة الاحتواء

عودةُ سياسة الاحتواء

 العرب اليوم -

عودةُ سياسة الاحتواء

جمعة بوكليب
بقلم - جمعة بوكليب

المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي الصيني، الذي بدأ جلساته في بكين، يوم الأحد الماضي، يعيد إلى الذاكرة أحداث المؤتمر العشرين لنظيره الحزب الشيوعي السوفياتي عام 1956. في ذلك المؤتمر التاريخي، أسدلَ الشيوعيون السوفيات الستار فجأة على المرحلة الستالينية، ووضعوا بلا تردد نهاية لحكم الفرد، وأقروا متوافقين تأسيس قيادة جماعية.
هذه الأيام، في بكين، جُهزت خشبة المسرح لبدء مرحلة سياسية وتاريخية جديدة، أهم وأوضح سماتها عودة الصين إلى حكم الفرد، وتمكن الرئيس الصيني شي جينبينغ من الاستحواذ على مقاليد الأمور. التغيير في المشهد الصيني لم يكن مفاجئاً. الاستعداد لهذه المرحلة الجديدة بدأ بتمهيد الأرض في عام 2018، حين تمكن الرئيس شي من إلغاء مادة في الدستور الصيني تنصّ على عدم تجديد ولاية الرئيس لأكثر من مرّتين.
حظي المؤتمر في بكين باهتمام لافت من وسائل الإعلام، خاصة في بلدان الغرب، لانعقاده في هذا الوقت، وفي هذه الظروف شديدة التعقيد التي يشهدها العالم من جهة. واشتداد حدّة المواجهة بين الصين والعالم الغربي بقيادة واشنطن من جهة أخرى. ويحدث ذلك في ظل أزمات عديدة، تأتي في مقدمتها تأثيرات وتداعيات أزمة الوباء الفيروسي على اقتصادات العالم وما أحدثته من انقسامات وتوترات، وما تركته من جراح ما زالت تنزف. ثم تلتها مباشرة أزمة الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وما نجم، وما قد ينجم، عنها من تداعيات، وما يمكن أن تقود العالم إليه من احتمالات، تطال خطورتها السلم الدولي.
الحدث الصيني يستحق ما حظي به من اهتمام، لما تعنيه نتائجه من أهمية على مسار تطورات الأحداث في الصين والعالم، حاضراً ومستقبلاً، نظراً لما تحظى به الصين، كقوة عظمى بارزة، من قوة ونفوذ دوليين، سياسياً واقتصادياً ومالياً وتكنولوجياً وعسكرياً، وما تحمله من طموحات، لم تعد خافية على أحد، أهمها سعيها إلى وضع نهاية لمرحلة سيادة القطب الواحد، وإعادة تشكيل النظام العالمي، بما يضمن تموضعها، في موقع قيادي، وتكون نداً لأميركا.
هذا الطموح تحديداً، هو ما استدعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعي لاحتوائه، بهدف منعه من التحقق. قبل أسبوع من عقد المؤتمر الشيوعي الصيني، أصدر الرئيس بايدن مجموعة من القرارات تحظر وتمنع تصدير التقنية الأميركية، خاصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، من التصدير إلى الصين. الحظر يطال صناعات عديدة، والعسكرية خاصة. تلك القرارات اعتبرت من بعض المعلقين بمثابة إعلان حرب تجارية، تختلف عن حرب رفع الضرائب الجمركية التي نفّذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. وهي، من جهة أخرى، يقول معلقون، ربما تؤدي بالصين إلى تسريع عملية اجتياحها وضمّها لتايوان، على اعتبار أن تايوان أحد أكبر مراكز تصنيع الرقائق الإلكترونية في العالم.
تجديد ولاية الرئيس شي للمرة الثالثة، يعني أيضاً استمراره في ممارسة مهامه كرئيس للجنة المركزية العسكرية التي تسيطر على القوات المسلحة. الرئيس لم يكتفِ بضمان تجديد الولاية، بل سعى إلى تغيير أعضاء اللجنة المركزية للحزب والمكتب السياسي، بما يؤكد تبعيتهما الكاملة إليه، وسيطرته التامة على الحزب.
وأستناداً إلى تقارير إعلامية غربية، فإن أهم ما تبناه المؤتمر الشيوعي الصيني من قرارات تمثل في تبنّي السياسة التي طرحها الرئيس، تحت اسم (السياسة الأمنية الشاملة) وتهدف إلى الإحاطة الأمنية بكل شيء، بما في ذلك قطاعات الثقافة والتقنية والفضاء، وإن جاز الوصف، تحويل الصين إلى قلعة مغلقة إلكترونياً. التركيز على البُعدين السياسي والأمني في المؤتمر جاء على حساب البُعد الاقتصادي، حيث لاحظ المعلقون الغربيون أن المؤتمر، على غير العادة، حرص على عدم قراءة تقرير النمو الاقتصادي في مختلف القطاعات وإجمالي الناتج المحلي. ويوضحون أن السبب يعود إلى انخفاض نسبة النمو الاقتصادي الصيني مؤخراً، حيث يُعدّ الأقل بين بلدان آسيا، وتأجيل إعلانه تمّ بقصد عدم خطف الأضواء من حدث التتويج.
على المستوى الخارجي، يُعلم المؤتمر العشرون لبدء مرحلة نوعية في المواجهة مع الغرب، والاستعداد لها على كل المستويات. كان من ضمن قرارات القيادة الصينية، في الآونة الأخيرة، الطلب من المزارعين التحوّل إلى زراعة المحاصيل الأساسية لضمان الأمن الغذائي.
الأولويات: استعادة تايوان، والسعي إلى تأكيد صلابة الموقف الصيني في الحفاظ على مصالح الصين القومية وحمايتها، في مواجهة العداء الأميركي السافر، وخاصة بعد أن قررت أميركا أن الصين تُعدّ «تهديداً للأمن القومي» يتوجب مواجهته، بمنع بروزها كقوة عظمى.
مواجهةُ العداء الغربي بقيادة أميركا، وتوحيد الأراضي الصينية يستدعيان بالضرورة من الصين وجود قوة عسكرية هائلة ورادعة، مسلحة بأحدث ما وصلت إليه تقنية الصناعات العسكرية من أسلحة وعتاد، حسبما جاء في أوراق المؤتمر، استعداداً للحروب القادمة.
العودة الأميركية إلى تبنّي سياسة الاحتواء، التي نفذتها ضد الاتحاد السوفياتي وأثبتت فاعليتها، بهدف منع بروز الصين وتحقيق طموحها كدولة عظمى، تحظى بموافقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري. السؤال المهم يتعلق بطبيعة رد الفعل الصيني نحوها، ونوعية الاستراتيجية التي تقرر لمواجهتها.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودةُ سياسة الاحتواء عودةُ سياسة الاحتواء



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab