«الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى

«الكواكب».. موت حتمى أم انتحار اختيارى؟

«الكواكب».. موت حتمى أم انتحار اختيارى؟

 العرب اليوم -

«الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى

بقلم - نبيل عمرو

بالرغم من هذا، لا أقبل إغلاق مجلة «الكواكب»، ليس لعراقتها ودورها وكل هذه العبارات العاطفية، ولكن لأن لنا حاجة في وجودها بشرط أن يكون وجودًا يسد نقصًا ويجعلنا نتدافع على قراءتها لتشبع رغباتنا في المعرفة والمتعة والتسلية والتعليم.

المدهش أن الكواكب بحالها التي انتهت بقرار الهيئة الوطنية للصحافة بوأدها ليست حالة خاصة، وتكاد تكون وضعا سائدا في الصحافة المصرية برمتها، صحافة تخسر ولا يُقبل عليها القراء. لن نختلف كثيرا في أن مساحة الحرية المتاحة هي طاقة دفع مهمة في حياة أي مطبوعة وازدهارها، لكنها ليست العنصر الأهم، فالعنصر الأهم هو «الصنعة»، الحِرفة التي تشد المتلقى إليها، لأن فنون الاتصال بكل أشكالها من أدب ومسرح وموسيقى وسينما ورسم وغناء وصحافة وإعلام لها سيد وحيد هو «المتلقى»، أي «جمهور العرض»، سواء كان رواية أو مسرحية أو قطعة موسيقية أو لوحة فنية أو أغنية أو جريدة أو قناة فضائية.. إلخ.. ودون المتلقى يظل العمل يتيمًا أو نبع ماء في صحراء لا يمر بها عابر سبيل، ويبدو أن الصحافة المصرية منذ تأميمها في الستينيات من القرن الماضى أسقطت هذا السيد من حسابها، أقصد حسابات المكسب والخسارة بخدمته، لأسباب تتعلق برضا «السلطة»، لذلك لن يهتم بأى خسائر مهما كبرت.. صحيح أن كثيرا من الصحف حافظ لسنوات كثيرة على «جوهر» الحرفة بحكم العادة والتقاليد المتوارثة وإصرار مواهب مقاتلة، لكن الجوهر صار مثل قلب مفاعل ذرى يتآكل، وقلب المفاعل الذرى لا يخمد بين يوم وليلة.. ولكن بعد زمن طويل من انشطار ذراته، وخلال تلك السنوات برزت قيم مختلفة ضاغطة على القيم القديمة، قيم لا علاقة لها بالموهبة والمهارة والكفاءة في الصنعة، قيم تستند إلى العلاقات والتربيطات وتقديم فروض الطاعة باسم «الدور الوطنى» أو المحافظة على الاستقرار، ولم يكن ذلك صحيحًا، وأيضا لم يكن في مصلحة الوطن.. وبالمناسبة الصحافة المصرية لم تكن سببًا في 25 يناير 2011، وحتى الجزء المتآمر في الإعلام المصرى لم يكن سوى عنصر مساعد في مجتمع توافرت فيه كل عوامل الغضب والثورة.

ومع خمول المفاعل الصحفى، حدث تطور هائل في عالم الاتصالات والاتصال، وتغيرت بيئته تماما، لكن قيم التأميم في الصحافة المصرية ظلت سائدة، وترعرعت عليها آلاف العقول التي تعمل وتنتج بالمفاهيم التي أفرزتها تلك القيم، مفاهيم مهنية غير صالحة للعمل في القرن الحادى والعشرين، وبرر أصحاب هذه المفاهيم أسباب ابتعاد القارئ وانهيار الإيرادات بـ«الصراع الوهمى بين صحافة ورقية وصحافة إلكترونية»، كما لو أن الصحافة نوعان مختلفان نوع يندثر ونوع يولد.. مع أن الصحافة نوع واحد، لكن وسائل التسويق اختلفت بظهور «التسويق الإلكترونى»، مثل بقية السلع الأخرى، فنحن نشترى أجهزة كمبيوتر وملابس وأحذية ومأكولات وكل شىء تقريبا إلكترونيا، فهل هذه صناعات ومنتجات جديدة أو تسويق جديد لها؟!.

ولم يتوقف المسؤولون عن الصحافة ويسألون أسئلة ضرورية للغاية: في ظل مواقع الأخبار ووسائل الاتصال والإعلام وشبكات التواصل الاجتماعى وطوفان المعلومات الهادر كل لحظة، بغض النظر عن صحتها من عدمها.. هل المفاهيم التي ننتج بها المادة المنشورة في الصحف تصلح أم يجب أن تتغير؟، كيف يمكن للصحف أن تحافظ على وجودها في نظم العمل التي أوجدها التأميم، فباتت المؤسسات مثل الدواوين الحكومية، أغلب العاملين فيها يمثل أنه يعمل دون نتائج جيدة؟، ألم يحن الوقت لتغيير نظام الملكية وعلاقات العمل بما يناسب العصر؟!.

لم تسأل السلطة المسؤولة عن الصحف هذه الأسئلة بحثًا عن «ثغرة» في الأزمة، فقد تأتى الإجابات على غير ما تريد، وتجد نفسها أمام طريق في إدارة هذه الصحف لا تحب أن تمشى فيه، ولا بديل لها للبقاء ثم النجاح.

هذه هي البيئة التي ماتت فيها الكواكب.. والكواكب مجلة أمامها فرص نجاح كبيرة، فقط عليها أن تغير منهج تفكيرها وتنتج مادة تنافس عالم الاتصالات والمعرفة الجديدة.. مادة عن عشرات الفضائيات وبرامجها من أول التوك شو إلى الطهى، خباياها وأسرارها، المسلسلات ومنصات العروض المدفوعة، برامج اليوتيوب، أنواعها ومحتواها ونجومها وأكاذيبها.. بأن تكون مرصدًا وفنارًا لها.. أفلام السينما، الغناء، الموسيقى.. إلخ، وكلها مادة شديدة الجاذبية لو أنتجت بكفاءة وفهم وعمق ومعلومات جديدة على المتلقى، وإذا كان التوزيع الورقى ضعيفًا لأسباب تتعلق بثقافة الأجيال الجديدة، فليكن التوزيع الإلكترونى بديلًا بشرط أن يستحق محتواها أن يباع.

أزمة «الكواكب» هي أزمة الصحافة، ويمكن أن نصلح الصحافة المصرية قبل أن نعلقها مطبوعة وراء مطبوعة على مشانق إلكترونية.. وحتمًا سنصل إلى الصحف اليومية الكبرى برضانا أو غصب عنا، فالقدرة على تحمل الخسائر تتقلص يومًا بعد يوم، لكن هل نحن نريد حقًا حل هذه الأزمة؟!.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى «الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab