الخطاب والرجل

الخطاب والرجل

الخطاب والرجل

 العرب اليوم -

الخطاب والرجل

بقلم - نبيل عمرو

 

قبل أن ينطق السيد حسن نصر الله بكلمة، كان الترويج المسبق للخطاب، الذي بولغ فيه أكثر من المعتاد، بمثابة عبء ثقيل عليه.

ذلك بفعل التوقعات التي سرت بين الملايين من الناس العاديين، والسياسيين المعنيين.

جدل واسع اشتعل من خلال أسئلة كثيرة ثارت على مدى شهر... أهمها وأكثرها تداولاً، سؤال: ما سر صمت السيد والمعارك الطاحنة تطوي الزمن، إذ أكلت الأخضر واليابس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) داخل مستوطنات غلاف غزة، وأكلت الأخضر واليابس في حرب الرد عليها؟

فُهم الصمت طويل الأمد وغير المألوف عن الرجل، بأنه جزءٌ من خطة محكمة، يستكمل فيها حزب الله ما بدأه رجال «حماس»، وبفعل هذا الفهم أربك الصمت حسابات جميع المعنيين بالحرب، ليُطرح سؤال شغل بال العالم كله: متى يتدخل «حزب الله»؟ وبأي حجم عسكري يكون التدخل؟ وهل حرب غزة ستقود إلى حرب إقليمية أوسع، استدعت حاملات طائرات، وأملت زيارة استثنائية عاجلة للسيد بايدن، تبعه كثير من الرؤساء والمبعوثين في حجيج غير مسبوق لإسرائيل التي هُزمت صبيحة السابع من أكتوبر، ما استدعى القلق من أن تتسع هزيمتها في الأيام التالية؟

وهنا وقع الجميع تحت تأثير الصمت وإمساك السيد نصر الله بصاعق التفجير.

قبل أن ينطق بكلمة واحدة، لم يصدق منتظرو خطابه وقراره ما أفصح الأميركيون عنه، من أن «حزب الله» لن يتدخل اعتماداً على معلومات مصدرها إيران... وفُهم في حينه أن التراشقات التي حدثت بين حزب الله وإسرائيل على الحدود، هي من وجهة نظر محبي السيد ربما تكون مقدمة لتصعيد أشد وأوسع نطاقاً.

أمّا محترفو السياسة وصنّاع القرار، ومع كل يوم يتواصل فيه التراشق المسيطر عليه، والصمت المطبق للسيد، عُدّ إشارة يعتد بها، بأن الأمر سيقف عند هذا الحد.

وقيل صراحة من قبل مصادر جدية، إنه لا فرصة ولا لزوم ولا توقع لحرب إقليمية، بل انقلبت التخوفات إلى عكسها، حين ظهر أن خلافاً أميركياً - إسرائيلياً، وإسرائيلياً - إسرائيلياً، نشب حول إمكانية أن إسرائيل من ستوسع دائرة الحرب، ذلك بالانقضاض على حزب الله، إذ رأى بعض الجنرالات أن الاحتشاد الدولي الداعم لإسرائيل يكفي لأن يغطيها ويواصل دعمها مهما فعلت. وإذا بادرت إسرائيل إلى دك مواقع «حزب الله» ووقع رده الصاروخي عليها، فأميركا المتحفظة ستنساق رغماً عن رغبتها إلى الوقوف وراء حرب إسرائيل، وأن حاملات الطائرات ستعمل.

كل هذه التطورات وضعت صمت السيد صناعها أمام انعدام اليقين بما يمكن أن يحدث في الأيام التالية، وأن التحليل الذي استبعد نشوب حرب إقليمية قد يتغير بفعل «مفاجأة».

كان صمت السيد مربكاً لصناع القرارات... أولاً على جانبي الحرب المشتعلة، «حماس» وإسرائيل، حيث التوأم الفلسطيني ناشد «الحليف» اللبناني مشاركته صناعة النصر الحتمي، إذ لم ترضه التراشقات التضامنية التي تجري على الحدود.

وثانياً على مستوى الطرف الآخر المتحفز لما هو أوسع من حرب على غزة، بما تتطلبه صورة النصر المنشودة من استكمالها بحرب مماثلة على «حزب الله» يوفر انتصارين كبيرين في وقت واحد، وهذا ما من شأنه إعادة التوازن لدى الرأي العام الإسرائيلي.

بعد شهر من صخب الحرب والتسريبات، أُعلن أن السيد قرر إنهاء «الصمت» وأنه سيقول قولته في الحرب... ولأن منتظري خطابه يعدّون ما سيقول بمثابة قرار، وأنه سيضغط على الزر السحري، الذي سيكون بداية نهاية إسرائيل. كان هذا تقدير الجمهور الذي لا يزال متأثراً بحكاية «انظروا كيف سيفجر الصاروخ البارجة»، وفجرها بالفعل.

ولأن الجمهور العريض تنقصه الخبرة الاحترافية في السياسة والحرب، فقد جلست ملايينه أمام الشاشات منتظرة ضغط السيد على الزر ذاته.

غير أن الانطباع الذي تولد لدى الجمهور بفعل استفاضة السيد في الحديث عن أنه وإيران لا يعرفان شيئاً عمّا فعلته «حماس» يوم السابع من أكتوبر، بدا أن الأمر أقرب إلى التنصل منه إلى المشاركة.

لتتوالى بعد ذلك الرسائل المعاكسة لتوقعات الجمهور، إلى أن وصل الأمر إلى أعلى درجات الصراحة بالقول إن غزة قادرة وحدها على هزيمة إسرائيل وأميركا، وإنه متأكد من أنه سيشاركها الاحتفال بالنصر.

قدّر كثيرون بأنه لو ظل صامتاً لكان إيقاعه أفضل بكثير من خطابه... وهذا قول انفعالي أملته مخالفة التوقعات، فهو كان مضطراً للحديث وبالمحتوى الذي تضمنه الخطاب. ذلك أن معادلة الحرب والضغوط لتجنب اتساع نطاقها، فرضتا عليه وعلى طهران أن يضعا النقاط على الحروف؛ وهذا ما حدث.

غير أن اعتماده على البلاغة، لم يكن كافياً لتغطية ابتعاده عن الموقف المنتظر منه، ففي الواقع كثيراً ما لا تنفع البلاغة إذا ما خالفت معادلة القوى.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطاب والرجل الخطاب والرجل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab