من أوسلو إلى العلمين بدايات ونهايات

من أوسلو إلى العلمين... بدايات ونهايات

من أوسلو إلى العلمين... بدايات ونهايات

 العرب اليوم -

من أوسلو إلى العلمين بدايات ونهايات

بقلم - نبيل عمرو

لولا وجود رجل اسمه محمود عباس، لما حدث التحول الهائل في مسار القضية الفلسطينية، وعنوانه «أوسلو».

لم يكن وحده صاحب القرار، بل كان من ضمن نخبة قيادية محدودة العدد رأسها ومركزها ياسر عرفات. وفي مسألة «أوسلو»، فعلى أساسية وأهمية القرار تكون الإدارة اليومية للفعاليات هي السبيل للنجاح أو الفشل، ولقد تولى عباس الإدارة منذ اللقاء الأول حتى التوقيع في البيت الأبيض وإلى ما بعد ذلك.

نجم عن «أوسلو» تأسيس السلطة الوطنية، وفق النموذج الغربي «انتخابات برلمانية، تنتج حكومة يسمى أعضاؤها بالوزراء»، وانتخابات رئاسية تتقدم فيها الشرعية الانتخابية على التاريخية.

ولأن عرفات كان ضامناً للاثنتين معاً... فقد دخل السباق ومنافسته السيدة سميحة خليل، ذات المكانة السياسية والاجتماعية المميزة، ومع إعلان النتائج المتزامنة بين الرئاسي والتشريعي، اكتمل النظام السياسي الجديد، وصارت السلطة الوليدة محل دعم وتبنٍّ من العالم كله، بما في ذلك إسرائيل التي قاد مجازفتها في المشروع الثنائي التاريخي إسحق رابين وشيمعون بيريز.

في مرحلة التطبيقات الأولية لـ«أوسلو»، كان عباس موجوداً في قلب التجربة، وفي مواقع مؤثرة في مسارها، أميناً لسر لجنة المفاوضات، ورئيساً للجنة الانتخابات المركزية، إلى جانب وظائفه في «منظمة التحرير»، و«فتح»، التي وفرت له مكانة الرجل الثاني في النظام السياسي، قديمه وجديده.

أوردتُ هذه النبذة المعروفة لمن شهد تلك المرحلة، للتذكير بأن الرجل كان في البدايات... إذا ما كان الحديث عن مشروع السلام، وحتى عن التجربة الفلسطينية - «فتح» والثورة.

جرت أمور «أوسلو» بين تقدم بطيء، وانتكاسات محدودة، أمكن التغلب عليها في حينه، إلى أن حصل الانقلاب الإسرائيلي الجذري على العملية من أساسها حين جلس على سدة القيادة والقرار في إسرائيل نتنياهو وشارون، وكان لا مناص من قتل رابين ليس اقتصاصاً مما فعل، وإنما منعاً لما يمكن أن يفعل!

شهد عباس صانع البداية مقدمة النهاية، وكان في قلب محاولات الإنقاذ التي قادها الأميركيون ومن يدور في فلكهم، كان ثانياً بعد عرفات أو إلى جانبه، ولكنه كان الأول القادم الذي سيثقل العالم كاهله بوضعه داخل معادلة شديدة القسوة حد الاستحالة؛ أي أن يُنجِحَ ما لم يستطع سلفه الأقوى أن يُنجحه.

صار أول رئيس حكومة تتقاسم المسؤوليات والصلاحيات مع عرفات، وكانت بداية لما سيليها، إلا أن النهاية جاءت بعد أشهر ثلاثة؛ إذ فشلت التجربة، ليرث عرفات الصيغة ويحتفظ بها، ولكن تحت هيمنته المطلقة.

مات عرفات وهو يردد عبارة تنتمي إلى زمن مضى: «صديقي الراحل رابين»، وحين بدأ عباس عهده كخليفة لعرفات ولإرث «أوسلو» المتعثر والمتحول إلى عكسه، لم يجد من يقول عنه وله صديقي، لا نتنياهو الذي وصل إلى رئاسة الحكومة وفق برنامج معلن قوامه القضاء على «أوسلو»، ولا شارون الملقب بـ«بلدوزر» اليمين في إسرائيل، وإله الحرب فيها.

في غياب رجالات السلام التي زاملت عباس في مراحلها الأولية، وفي غياب «البلدوزر» الفلسطيني الذي لا يشق له غبار حيثما اتجه (ياسر عرفات)، بدأ قارب عباس يبحر في المياه الهائجة، فإن تقدم متراً إلى الأمام ترده العواصف والأنواء والرياح المعاكسة أمتاراً إلى الوراء. ولأن عملية «أوسلو» تحولت منذ بداياتها إلى مركز التأثير الأول إيجاباً في حياة الفلسطينيين، ثم سلباً فيما بعد؛ فقد انفجرت في وجه عباس قنابل وألغام فرضت عليه نهايات مأساوية للبدايات الواعدة.

قدره أنه كان هنا وهناك؛ زمن الوعد الموشك على التحقق، وزمن أفوله وتحوله إلى أضغاث أوهام، لم يقف الأمر عند عملية «السلام التاريخي» التي تحولت إلى حرب دائمة، بل أصيب المجتمع الفلسطيني بعطب خطير.

«الانقسام، ووقف النمو، والضائقات الاقتصادية» التي تمر كل حلولها من البوابة الإسرائيلية، وتشتت النظام السياسي وليس انقسامه فحسب، وازدواجية الشرعية بين دستورية وأمر واقع؛ كل ذلك انفجر في وجه عباس دفعة واحدة، ليقال له: تدبر أمورك وأمور شعبك، فليس لك عندنا سوى ما نقنع إسرائيل بما تعطي، في حين أنها لم تشبع من الأخذ!

هذه هي الحالة المحاطة بالظلال من كل جانب، وأخطر ما فيها أن من يتعين عليهم إخراجها مما هي فيه، لا يرونها، لانشغالهم الكامل برؤية أنفسهم.

ماذا يتعين على عباس أن يفعل وأمامه كل هذا؟

الجواب... عنده وحده، بعد أن لم يعد لدى الفلسطينيين مؤسسات تخطيط وصنع سياسة وقرار، وآخر ما رأينا عرض العلمين.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أوسلو إلى العلمين بدايات ونهايات من أوسلو إلى العلمين بدايات ونهايات



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab