بين عزلة إيران وحراك ضفة الخليج الأخرى

بين عزلة إيران وحراك ضفة الخليج الأخرى!

بين عزلة إيران وحراك ضفة الخليج الأخرى!

 العرب اليوم -

بين عزلة إيران وحراك ضفة الخليج الأخرى

بقلم - زهير الحارثي

لو كنت إيرانياً واقفاً على ضفة الخليج العربي وتتأمل بهدوء وعمق شديدين ما يحدث في داخل بلدك ثم تشخص بناظريك إلى ما يجري على الضفة الأخرى، حيث دول الخليج بقيادة السعودية، فما الشعور الذي يلفك؟ هذا الشخص يرى بلاده تنهار فيتساءل: لماذا إيران تتدحرج إلى الخلف وتتراجع على الصعد كافة من وضع معيشي مزرٍ وتردي خدمات وانهيار اقتصادي مروع وتفكك مجتمعي متسارع مع غضب شعبي متزايد، ناهيك عن استبداد سلطوي للنظام وقطيعة وعزلة عن العالم؟ ما الذي يجول في خاطره وهو يدرك أن تاريخ بلاده كان له حضور في سجل التاريخ غير أنه اندثر وتمزقت حضارته منذ قدوم الثورة الخمينية؛ كونها لم تستطع أن تخرج من شرنقتها ليتكبد المواطن الإيراني كوارث وأخطاء نظامه السياسي الذي لا يمت بصلة لما يجري في العالم من تحولات ومتغيرات؟ يا ترى إلى أين تأخذه أفكاره وأحاسيسه وهواجسه وهو يرى ظلام المستقبل لبلاده يتجسد أمامه في ظل لغة فوقية تهديدية وأساليب همجية لا تعرف وزناً ولا قيمة لشيء اسمه مواطنة أو حقوق إنسان؟
تساؤلات حارقة بكل تأكيد لكل مواطن إيراني يخشى على مستقبل بلاده وأهله وفيها وضمنها ومنها تكمن كل الإجابات. ليس سراً أن ملف حقوق الإنسان في إيران يعدّ الأسوأ وفق تصنيف المنظمات الحقوقية الدولية. السُّنّة على سبيل المثال يعانون من التهميش والمتابعة الأمنية والملاحقة والاعتقالات والتعذيب، علاوة على عدم تمكينهم من ممارسة العبادة وبناء المساجد، وقد بلغ عددهم أكثر من 20 مليون شخص. وقد شهدنا إلى أي مدى وصل الصلف الإيراني في الأحواز وإقليم بلوشستان؛ ما يعكس حجم التضييق والتكبيل في ملاحقة السُّنّة؛ الأمر الذي دفع مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة إلى متابعة وتغطية الوضع هناك.
لا أتصور أن ما تعيشه إيران من تقوقع وانكفاء وعزلة بسبب عوامل خارجية، بل بطبيعة الحال هو نتيجة لسياساتها وممارساتها وأنشطتها المهدّدة للاستقرار الإقليمي والدولي. الحقيقة، أن إيران تتعامل وفق عقلية الثورة وتهدد جيرانها وتزعزع أمنهم من خلال أطراف محسوبة عليها لخدمة مصالحها ومشروعها، وإشكاليتها سياسية في المقام الأول وإن كان لا خلاف لدينا كشعوب عربية مع الشعب الإيراني.
هي تتدخل في شؤون الدول الأخرى من الزاوية الطائفية ودائماً ما تبحث عن أوراق فاعلة في يدها لاستخدامها للمفاوضة والمساومة مع الغرب. لقد سئمنا من أساليب الردع التي أزعجتنا بها طهران وهي التي تخشى من إسقاط نظامها الذي وُلد عام 1979. اعتادت إيران بارتهانها للتصعيد لكي تصرف الأنظار عمّا يحدث في داخلها من احتجاج شعبي ووضع اقتصادي متردٍ من ناحية ومحاولة تعزيز نفوذها وهيمنتها الإقليمية من ناحية أخرى.
بالمقابل، السعودية كانت وما زالت تمثل لإيران هاجساً سياسياً وعقائدياً، وتقف حاجزاً منيعاً أمام تحقيق طموحاتها (من وصايا الخميني الاستيلاء على الأماكن المقدسة)؛ ما يفسر سبب لجوئها لمختلف السبل من أجل تضييق الخناق عليها لقناعتها بأن مخططها التوسعي لن يتحقق له النجاح في ظل قيام السعودية بدورها المعتدل والمتوازن، وبالتالي لم تجد أمامها سوى اللعب على الوتر الطائفي.
هذا الإنسان الإيراني الواقف على الضفة لا يحتاج إلى قدرات خارقة أو بلّورة سحرية لكي يعرف حقيقة ما الذي يجري في بلاده وما يدور في دول الضفة الأخرى. هو موقن أن روحاً جديدة ونظرة مستقبلية وانفتاحاً لافتاً تعيشه دول الخليج وشعوبها، وهذا يعني أن مسيرة البناء والتنمية والمعرفة تدخل مرحلة متقدمة بين دول الخليج بدليل التركيز على بناء الإنسان... ولعل الأرقام والمؤشرات والمعدلات الدولية أكبر دليل على صحة المقارنة بين دول الخليج وإيران.
المراكز المتقدمة في الكثير من المجالات تجد السعودية والإمارات وغيرها من دول الخليج على رأس القائمة أو في المراتب المتقدمة، في حين أن إيران اكتسحت وبجدارة المواقع الأخيرة أو لا يكون لها حضور البتة في عالم الاقتصاد والمال والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والتحول الرقمي وغيرها.
لاحظ مثلاً جولة ولي العهد السعودي لعواصم عربية مهمة قبل أيام جاءت لتعزيز التضامن العربي، وكذلك إعادة الحيوية للعلاقة مع تركيا جارة إيران، فضلاً على استقبال السعودية زعامات وقيادات عالمية في الأسابيع المقبلة وإعدادها لقمم كبيرة ومؤثرة تعني بكل وضوح أن المملكة تسعى لتعزيز الأمن والسلام الدوليين، وأن أقوالها ترتبط بأفعالها في حين أن إيران تعيش عزلة مريرة وعقوبات اقتصادية واختناقاً داخلياً، ومع ذلك ما زالت تمارس أساليبها المعروفة عنها من مماطلة وتسويف وتضليل للمنظمات الدولية.
الشخص المتأمل الواقف على الضفة ما زال مستغرباً: لماذا تمانع بلاده فتح قنوات تعاون وعلاقات تقارب مع دول الجوار؟ أليست هذه المنطقة تجمعنا ونعيش كلنا فيها؟ أليس ما يجمعنا كقواسم مشتركة أكثر مما يفرقنا؟ يشعر بالحرقة لأن الآيديولوجيا خلقت حاجزاً مع الإخوة والجيران. لا بد أنه وصل لقناعة أن دول الخليج تكتل ما زال قائماً رغم ما به من هزات وعواصف وأحداث، وأن لديها إرادة وعزيمة ورغبة في المضي قدماً إلى مستويات أعلى في التعاون والتكامل والتنسيق، وأن وقت الحلم الخليجي الذي ظل في مخيلة شعوبه عقوداً طويلة قد أصبح قريباً وبلدانهم باتت عنواناً للتنمية والمعرفة والتقدم والنهضة والتفرد والتميز. أما بلاده إيران، فإن نفسه تردد أن شعبها يتعرض إلى محن وأزمات ومصائب بوصول زعامات وقيادات تضمر الشر والبغض للأمة العربية. ولعل الشعور المؤلم الذي وخزه وهو يشعر بالخجل والغضب في آن، أن بلاده عاثت واستباحت الأرض العربية وامتصت مقدراتها ودمرت ونهبت وقتلت في كل أرض عربية وصلت إليها. ويبدو أن القصة هنا قد وصلت لنهايتها حيث أوجزت الفارق ما بين ضفتي الخليج.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين عزلة إيران وحراك ضفة الخليج الأخرى بين عزلة إيران وحراك ضفة الخليج الأخرى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab