تدخلات طهران والعرب الحال هو الحال

تدخلات طهران والعرب: الحال هو الحال!

تدخلات طهران والعرب: الحال هو الحال!

 العرب اليوم -

تدخلات طهران والعرب الحال هو الحال

بقلم - زهير الحارثي

والعالم يتجه إلى تشكل حالة تشبه بزوغ نظام عالمي متعدد الأقطاب بدليل ما يترجَم الآن على الأرض وما نشاهده من مماحكات وتعليقات بين القوى المؤثرة على سطح الكوكب، لا يزال العالم العربي رغم كل شيء يدور في حلقته المفرغة. تأمل المشهد. فالمرحلة التي تعيشها المنطقة العربية على خلفية المتغيرات الإقليمية والدولية هي قديمة - جديدة؛ إذ لا تلبث أن تتشكل من جديد حالما تصل إلى نقطة الذروة. تكرار المشهد ثابت وإن كان بصور وشخوص وسيناريوهات مختلفة، ومع ذلك تصل إلى ذات النتيجة في نهاية المطاف. هذه ليست ألغازاً بل أحداث ومواقف وقصص مليئة بتحولات ومتغيرات عمّا واجهته دول المنطقة من قبل.
المشهد السياسي لا يحتاج إلى تعليق، فمثلاً شاهد ما يحدث في لبنان إزاء الاستحقاقات التي يواجهها، فتجدها لا تختلف عن مشهدية الفراغ الدستوري، الذي شهدته بيروت من قبل رغم وجود المؤسسات الشكلي. الإشكالية المزمنة للقرار السياسي اللبناني تكمن في أنه يغلب عليه التأثير الخارجي، وبات اللبنانيون يتساءلون عمّن عطّل المؤسسات الدستورية وخطّط لتصل البلاد إلى هذا الوضع المهين، بل يخرج للإعلام من جديد مَن يزايد فيُحرج بلاده في وقت حساس ليصبّ الزيت على النار. عقليات مريضة عشقُها أن تكون تحت الأضواء ولتذهب البلاد إلى الجحيم. منطق عقيم ومؤسف ولكنه شعار المرحلة في لبنان بدليل أن طرفاً واحداً في لبنان امتهن إدخال البلاد في أزمات متوالية ومنعطفات خطيرة ثم يزعم أنْ لا علاقة له بذلك.
المسألة تتجاوز دور وإخفاقات رئيس الدولة وصهره ومؤسساتها إلى ما هو أبعد من ذلك، فما يحدث الآن هو السعي للهيمنة المطلقة على لبنان وتحويله لساحة وممر لحلول إقليمية، وملعب للتجاذب والاستقطاب. ورغم أن الحل يكمن في الحوار والتوافق وتقديم التنازلات وتغليب مصلحة لبنان على المصالح المذهبية والفئوية والحزبية، فإن أجندة القوى الإقليمية، وتحديداً إيران، هي من تضع الشروط و«حزب الله» ينفّذها حرفياً ما جعل الأزمة تلقي بظلالها سلباً على مقدرات البلد وعلى حياة المواطن اللبناني المعيشة.
أما العراق فكنا في الماضي نخشى عليه لأنه كان مسلوب الإرادة والسيادة وأصبح المشهد برمته مأزوماً وملغوماً، وباتت سماؤه ملبدة بغيوم القتل الجماعي اليومي والتدهور الاقتصادي، ولكن نُفاجأ اليوم بأن غياب التوافق العراقي الوطني يستقطب الأغلبية العراقية حوله بكل تكويناته العرقية والإثنية وأصبح الأصل والثابت والدائم في العملية السياسية العراقية بسبب نزعة أطراف محسوبة على إيران في الاعتلاء على المشهد أو تخريبه في حالة الإخفاق. مهما نتفاءل بتحولات الحكومة العراقية وما فعله الرئيس النشط الوطني الكاظمي وما قاله الزعيم الصدر إلا أن كيانات خفية لا تزال تتدخل فتخون مصالح الدولة العظمى وتعرقل العمل الوطني وتكرس سياسة الإقصاء الطائفي والسماح لإيران بالهيمنة على القرار السياسي العراقي. دقة المرحلة تقتضي من العراقيين أن يغلّبوا مصلحة العراق على المصالح الفئوية وأن يكون قراره مستقلاً وليس مرهوناً لأحد. بصيص الأمل في العراق بات يفقد توهجه والكرة في ملعب العراقيين الشرفاء.
أما اليمن وقد أصبح محتلاً من جماعة فوق القانون والدولة وقامت بانقلاب على الشرعية واستولت على مقدرات البلاد وبات الشعب اليمني ضحية أفعال الحوثي... كنا نعتقد مع كل القرارات التاريخية والمبادرات السياسية والإنسانية التي قدمتها دول التحالف بقيادة السعودية أن تلك الجماعة سوف ترتهن لصوت العقل والمنطق والحكمة وتبحث عن السلام والاستقرار وتحقيق مطالب الشعب اليمني، الذي لا يزال يعاني بسبب تعنت هذه الجماعة التي تتلقى أوامرها من الخارج وهنا تكمن المعضلة والمأساة في آن. المجتمع الدولي وصل لقناعة أن مأساة الشعب اليمني تقع على النظام الإيراني الذي يعقّد كل الحلول ويستنزف الجهد الدولي لكي يساومه في ملف برنامجه النووي. المساومة والمقايضة والمماطلة أساليب إيرانية تميزت بها طهران ومنذ فترة طويلة.
أما فلسطين فيطول الحديث، ولكنها، أي القضية، كانت ضحية ساستها للأسف. تاجرت بها إيران ووظّفها الكثير من الأحزاب في فلسطين لصالحها وأجندتها ومنافعها. كلام حارق ولكنه الحقيقة. المصالحة الفلسطينية لا يمكن لها من الاستقرار والاستمرارية، حيث سرعان ما يطرأ الخلاف عليها وحتى بعدما توصل الطرفان لاتفاق، ما يعني عودة الأسطوانة المشروخة وأسلوب التخوين، والتراشق الإعلامي... هذا السلوك أصبح مقززاً ومشوهاً ومعيقاً للقضية في المقام الأول مما أضعف تأثيرها في الساحة الدولية.
ثمة قواسم مشتركة ما بين تلك الدول فيما يجري في جوف مشهدها السياسي من خلال تكريس سياسة المحاور والأحلاف التي تتدخل في شؤونها. محور الشر برعاية إيران لا يخدم استقرار المنطقة ولعل أذرعتها كـ«حزب الله» والحوثي و«حماس» تعرقل أي تقدم سياسي بل تحاول توسيع نطاق الصراع وتوريط دول أخرى في المواجهة.
إيران استطاعت أن تدخل في نسيج تلك الدول بسبب ضعف النخب السياسية وقلة الوعي السياسي والثقافي وهشاشته وبطء مسار التحديث وسيطرة العصبيات الآيديولوجية والعشائرية في الهوية الاجتماعية، وعدم وجود قاعدة مجتمعية منظمة قادرة على دفع حركة التغيير. ومع ذلك لا يزال الأمل قائماً في الجيل القادم الذي لمحنا ملامحه في العامين الماضيين متمرداً ضد تدخل طهران في البصرة والضاحية الجنوبية وبيروت ورام الله.
لا يمكن للوضع أن يستمر هكذا، فالوقفة الدولية مطلوبة لإيقاف نزعات إيران الشريرة والتوسعية والمؤدلجة، ولعل موقف الكونغرس الأميركي خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لتلقين النظام الإيراني درساً مهماً في أن العالم لا يقبل بالفوضى والأساليب العنترية والأحلام المؤدلجة، وباستطاعة المجتمع الدولي تكثيف عقوباته وصرامته مع النظام الإيراني لكي يرضخ لمبادئ القانون الدولي ومفاهيم الدولة لا الثورة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تدخلات طهران والعرب الحال هو الحال تدخلات طهران والعرب الحال هو الحال



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab