مفهوم «الأزمة» وتحديات التجاوز

مفهوم «الأزمة» وتحديات التجاوز

مفهوم «الأزمة» وتحديات التجاوز

 العرب اليوم -

مفهوم «الأزمة» وتحديات التجاوز

بقلم - فهد سليمان الشقيران

مع كل حدثٍ يستجدّ تبدو معضلة «إدارة الأزمة» ماثلةً للعيان. من السهل أن تصنع أزمة، ولكن الأصعب أن تديرها، وأن تخرج منها، وأن تكون أنت المتحكم بها لا العكس. مرّ زمن طويل علينا في المنطقة وأحداثها، تبدو الأزمة هي التي تقود صانعها، بل وتتحداه وتتجاوزه وربما هزمته. ولا يمكن إنجاح إدارة الأزمة من دون الخروج من مناخ العاطفة والحماسة، والتوجه نحو العقل والمنطق. إن التفكير بدمٍ بارد مع أي حدث عاصف وأزمة خانقة يسهّل من حلها، أما النواح والصراخ يجعل الأمور متجهةٍ نحو التفاقم والانفجار، وفي زمنٍ قل فيه الحكماء وكثر فيه الحكاة وصنّاع الشعارات لابد من الذهاب لتفسير الأزمة، للصلب المفهوم.

الفيلسوف المعمّر «إدغار موران» له كتاب معروف:«مفهوم الأزمة» فيه درس المعنى وعالج صيرورة المفهوم وتحولاته، ليست الأزمة بالضرورة تطوّريّة، إذ يمكن-كما يقول- أن تُستوعَب في رجوع إلى الوضع القائم، لكنّ للأزمة احتمال قابليّة التطوّر. فهي تحمل عند نشأتها خصائص التطوّر. ولفهم هذا، يجب التخلّص من فكرة أن التطوّر عمليّة متدفّقة متواصلة. فكلّ تطوّر يَنشأ دائماً من أحداث أو حوادث، ومن اضطرابات تولّد انحرافات تصبح بدورها اتجاهاً يدخل في تعارض ضمن النظام ويجرّ اختلال تنظيم أو إعادة تنظيم متفاوتة الدراماتيكيّة والعمق. إذن، يمكن اعتبار التطوّر سلسلة من اختلال التنظيم ومن التنظيم شبه الحرج. إذن الأزمة حقل للتطوّر. إنها نوع ما مخبر لدراسة العمليّات التطوّريّة. إنّنا في مجتمعات تتطوّر باستمرار وبسرعة، ويبلغ تركيبها مبلغاً يجعل هذا التطوّر مرفقاً بغياب استقرار وباضطرابات كبيرة. كما أنّنا اليوم لا نعرف هل إنّ التطوّر المستمّر، وانطلاقاً من لحظة معيّنة، يمثّل أزمة مستمرّة أيضاً. لكنّنا نستطيع أن نفرّق بين المفهومين لكون الأزمة غير مستمرّة، إذ إنّها تتجلّى بين حدود زمنيّة معيّنة. ويجب أن يكون هنالك ما قبل وما بعد «عاديين» تقريباً: فالأزمة بالمعنى الدقيق تتحدّد دائماً بالنسبة إلى فترات استقرار نسبيّ، وإلّا فإنّ فكرة الأزمة سوف تغرق في فكرة التطوّر. بهذا، وبما أنّ كلّ تطوّر يحمل مظهراً «أزميّاً»، يمكن القول إنّ التّطوّر ينطوي على عنصر «أزميّ»، ويمكن أن يكون مُصَمَّماً على شكل سلسلة من الأزمات غير القابلة للرجوع.
هذا المفهوم عن الأزمة يمكن توسيعه ليشمل لا الأزمات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية التي عرج عليها في فصول الكتاب، بل لتشمل حتى الحدث السياسي، أو الأزمة السياسية، لأننا على الدوام مع مستجدات كل حدث نواجه معضلتين:
أولها: التكييف الأخلاقي للمشكلة ومن ثم الانقسام على أساس ذلك التكييف، كما حدث في حرب الخليج حين وقفت دول مع صدام حسين لأنه «يريد تحرير فلسطين عن طريق الكويت»، بينما الطرف المؤثر وصاحب الحجة والمرجعية القانونية هو الذي قرر تحرير الكويت من غزو يخالف كل قوانين الأمم ومواثيقها. وثانيهما: كيف يمكن لملمة الأزمة والخروج منها، لا ننكر أن آثار حرب الخليج لاتزال ماثلةً حتى الآن على مستويات اقتصادية وفكرية واجتماعية.
لابد من التعامل مع الأزمة بطريقةٍ عادلة وحكيمة، يمكنك أن تتجاوزها حين تتأمل بها من خارجها، وأن تكون مدركاً للأزمة لا منخرطاً في أثرها ولظاها.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفهوم «الأزمة» وتحديات التجاوز مفهوم «الأزمة» وتحديات التجاوز



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab