نظرية الحرب أسئلة لم تحل

نظرية الحرب... أسئلة لم تحل

نظرية الحرب... أسئلة لم تحل

 العرب اليوم -

نظرية الحرب أسئلة لم تحل

بقلم : فهد سليمان الشقيران

للحرب بعمومها شدّتها؛ فهي على المستوى الأخلاقي سيئة، ولكنها مهمة وصائبة أو ضرورية في التقييم المصلحي السياسي.

لذلك ارتبطت الحرب بتغيّر وتحوّل - ليس جغرافياً فحسب - وإنما في دفع النظريات الكبرى نحو التركيب والتأقلم مع البشرية، كما في الحروب الأهلية الأوروبية والأميركية والروسية والآسيوية، وآخر تشكّل عوالم فكرية وحضارية جديدة متجاوزة ما حدث من تحوّل أممي نظري بعد الحربين العالميتين. ارتبطت النظرية بالحرب منذ بواكير ما وصل إلينا من تنظير الإنسان. يعتبر هيراقليطس «الحرب ربة الأشياء»، والحروب الطاحنة التي حدثت قبل آلاف السنين تعاد وتكرر بطرق ومبادئ ومبررات شتى حتى اليوم.

في كتاب «تاريخ الفلسفة السياسية من ثيوكيديديس حتى أسبينوزا»، نشر ديفيد بولوتن بحثاً عن ثيوكيديديس (400 قبل الميلاد)، (مؤلف كتاب «حرب البيلوبونيز والأثينيين»)، وفيه يقول: «ما قاله الأثينيون في إسبرطة قد أسهب فيه بيركليس فيما بعد بخطبة تحدث فيها عن الشعب الأثيني، بوصفه محباً للجمال والحكمة، وعلاوة على ذلك، فإنه يمدح الأثينيين لرغبتهم في أن يكونوا شجعاناً في المعركة من دون حاجتهم إلى الاعتماد على تدريب طويل وشاق»، ثم يشير إلى أن المدينة بكل تفاصيلها، بما فيها الفن، جزء من القوة الحربية، لأنها تصبح آنذاك مدينة مكتملة. ويضيف: «القول بأن الأثينيين قد اختاروا بحرية أن يستخدموا ذكاءهم ومواهبهم الأخرى لصالح المدينة، كما أنهم على استعداد لأن يخاطروا بحياتهم من أجلها، جانب حاسم من وجهة نظرهم عن أنفسهم من حيث إنهم نبلاء».

قبل أشهر نشر موقع «حكمة» الفلسفي مقالاً بعنوان: «الديمقراطية في زمن الحرب؛ التحديات التي تواجه إنسانيتنا المشتركة»، كتبه هانس كوكلر وترجمه للعربية حميد لشهب، يصل كاتبه إلى نتائج، أشرك القارئ ببعضها:

- عن السلام الأبدي، الذي دعا إليه كانط، فإنه: «لا سلام من دون ديمقراطية، ولا ديمقراطية من دون سلام. هذه هي القناعات التي عبر عنها الكثيرون في حركة السلام في القرن الماضي، وبخاصة في العقود الأخيرة من الحرب الباردة». رأى دعاة فرضية «السلام الديمقراطي» أنفسهم في تقليد الفيلسوف العظيم في عصر التنوير، إيمانويل كانط من كونيغسبيرغ: أولاً في رسالته «السلام الدائم»، ثانياً أظهر بأن المجتمع الذي يمكن للمواطنين أن يقرروا «ما إذا كان ينبغي أن تكون هناك حرب أم لا، هو، ثالثاً، مجتمع يقدم احتمالية للسلام - سلام حقيقي، أكثر من هدنة مؤقتة».

ويضيف: «أطلق كانط على مثل هذا النظام اسم نظام جمهوري، حيث يتم اتخاذ القرارات من قبل أولئك الذين يتعين عليهم تحمل عواقب قراراتهم على الفور، وليس من طرف حاكم متغطرس لا يتأثر شخصياً بالآثار المدمرة للحرب. والنظام السياسي الذي أطلق عليه كانط اسم (جمهوري) (على عكس النظام الاستبدادي الذي لا يوجد فيه فصل للسلطات)، يوصف عادة في عصرنا بأنه (ديمقراطية تمثيلية). ومع ذلك، فإن إلقاء نظرة على التاريخ - لا سيما أحداث العقود القليلة الماضية - تبين لنا بأن الدول (الاستبدادية)، لاستخدام التعبير الكانطي، ليست وحدها التي شنت حروباً قاسية، وكانت مسؤولة عن عدد كبير من التدخلات العسكرية، بل إن الدول التي تُعَرِّف نفسها بأنها ديمقراطيات، حاولت أيضاً في كثير من الأحيان تبرير الحرب، بالإشارة إلى (الديمقراطية) أو (حقوق الإنسان) أو (الحفاظ على السلام). إن الحرب للدفاع عن السلام هي بالتأكيد تناقض. وقد أدت التدخلات المسلحة - وبخاصة في السنوات التي تلت نهاية الحرب الباردة - إلى زعزعة استقرار مناطق كبيرة، وخلقت صراعات جديدة، تشكل تهديداً خطيراً للسلام العالمي، حتى في القرن الحادي والعشرين».

- خاتمة بحثه هي: «منذ تأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، كان أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية هو كيفية إنشاء نظام للعلاقات الدولية يحترم ترابط الديمقراطية والسلام. ولا يمكن تفسير النية المعرب عنها في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة: (ممارسة التسامح والعيش معاً في سلام كجيران جيدين) بأي طريقة أخرى. وحتى لو كانت الحرب اختباراً للديمقراطية لا مثيل له، فإنها تظل الترياق الفعال الوحيد لمنطق الحرب. بالنظر إلى المثل الديمقراطية الراسخة في حقوق الإنسان، غير القابلة للتصرف في الحرية (الفردية والجماعية)، يجب على الإنسانية أن تضع آمالها، ليس فقط في غياب الحرب، التي تدين بالكثير من الفضل لنفسها في (توازن الرعب)، أي الخوف العقلاني إلى حد ما من (الدمار المؤكد المتبادل)؛ بل يجب أن تسعى الإنسانية جاهدة لتحقيق سلام حقيقي - وهذا يعني دائماً -، بروح التعاون المتكافئ بين جميع الدول والشعوب. وهذا ما كان يدور في ذهن إيمانويل كانط بتعبيره (سلاماً أبدياً)، وهو ما لم يتمكن النظام العالمي الحالي، القائم على الدور المتميز للدول الأكثر قوة عسكرياً في الأمم المتحدة، من تحقيقه بعد».

في آخر المطاف، فإن الحرب جزء من حركة التاريخ؛ ومن التقاء الأضداد، لا بد أن ينجرف مسار على آخر، ولكن ما لم تتوصل البشرية إليه رغم كل التنظير المديد عن نظرية الحرب وفلسفاتها هو التحديد المتفق عليه لتعريف الحرب المشروعة، وآية ذلك أن السجال الأخلاقي بين المحللين والمنظّرين ينشب على طرفي نقيضٍ مع كل موجة حرب تستجد، والأمثلة على هذا كثيرة ومعاشة، والعبرة في الحسم القانوني الأممي الذي سعى إليه كانط ومن بعده براتراند راسل، لكنها لم تتطوّر كما يجب رغم فعالية ما قاما به وغيرهما في التأسيس لوعي حول السلام، وصياغة أسئلة تتعلق بجدوى الحرب.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرية الحرب أسئلة لم تحل نظرية الحرب أسئلة لم تحل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab